قطعت الجزائر خلال سنة 2024، أشواطا هامة في مجال السكن بمختلف صيغه، إذ واصلت الوزارة الوصية في تجسيد مختلف المشاريع السكنية الموزعة عبر القطر الوطني وكذا توزيع عدد معتبر من الشقق على أصحابها، حيث تمكنت من تحطيم رقم قياسي جديد في القطاع تمثل في توزيع 1.7 مليون سكن منذ عام 2020.
ولعل أبرز ما طبع سنة 2024 هو إطلاق برنامج "عدل 3" الذي أعاد الأمل إلى الآلاف من المواطنين الذين لم يسعفهم الحظ في التسجيل في برامج عدل السابقة وباقي الصيغ السكنية الأخرى.
شهدت الجزائر خلال السنة المنقضية عدة محطات هامة في مجال السكن والعمران، حيث كانت البداية بتنفيذ أكبر عمليات ترحيل من البيوت القصديرية بالعاصمة، وبالضبط في شهر جانفي الماضي، والذي مس أكثر من 550 عائلة كانت تقيم بحي "معمل النجاح" القصديري الذي يقع على مستوى الطريق الوطني رقم 5 بلدية الرغاية باتجاه ولاية بومرداس والملقب بـ"ديمكو"، حيث تم ترحيلهم نحو حي أولاد الحاج بالكاليتوس، كما تم ترحيل الآلاف من قاطني البيوت القصديرية بولاية البليدة.
أما المحطة الثانية والتي جلبت انتباه الملايين من الجزائريين، فقد تزامنت مع الاحتفالات بعيد الاستقلال المصادف لـ5جويلية والذي شهد حدثين مهمين، الأول تمثل في إعطاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون شارة انطلاق عملية توزيع 890 251 سكن بمختلف الصيغ على المستوى الوطني. أما الحدث الثاني فتعلق بإطلاق المنصة الرقمية الخاصة بالتسجيلات الأولية في برنامج "عدل3"، حيث تجاوز عدد المسجلين عتبة 1.4 مليون مكتتب، تم غربلتهم من طرف الوكالة بالاعتماد على البطاقة الوطنية وإجراء تحقيقات، في انتظار استدعائهم خلال الأيام القليلة القادمة.
وفي خريف عام 2024، شهدت الجزائر توزيع آلاف الوحدات السكنية تزامنا مع الاحتفال بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، حيث استفادت عائلات بولايات سكيكدة، خنشلة، باتنة، قسنطينة، البيض وبومرداس من شقق جديدة من مختلف الصيغ.
وباعتبار عام 2024 سنة محورية بالنسبة لقطاع السكن، التزمت الدولة بتجسيد برنامج طموح يشمل 460 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى أزيد من 150 ألف إعانة ريفية، حرصا على تحقيق التوازن الإقليمي بين مختلف جهات الوطن. وسعت الدولة إلى تمكين مختلف الفئات الاجتماعية من الاستفادة من سكنات جديدة، على غرار طالبي السكن الاجتماعي وقاطني البناءات الفوضوية والهشة والعائلات المقيمة في العمارات المهددة بالانهيار أو في الشقق الضيقة والأسطح، تحقيقا لمبدأ الإنصاف في توزيع السكن وإعادة الإسكان.
وبالموازاة مع برنامج توزيع السكنات، أطلقت وزارة السكن جملة من الورشات على غرار إنشاء البنك الوطني للسكن الذي دخل رسميا حيز النشاط في ماي الماضي، والوكالة الوطنية للعقار وكذا تحيين قانون التعمير.
ومن المنتظر أن يساهم بنك السكن في إعطاء ديناميكية ودفعة قوية تسمح بتجسيد مختلف البرامج السكنية في آجالها المحددة، تماشيا مع متطلبات المرحلة القادمة التي يطمح فيها القطاع لإنجاز آلاف الوحدات السكنية، لاسيما مع إطلاق برنامج "عدل 3".
كما شرع قطاع السكن في دراسة عملية رقمنة صيغة السكن الاجتماعي والقوائم الاحتياطية، لتفادي الإشكالية المتعلقة باختيار قوائم المستفيدين والطعون واللجان الولائية، في ظل حرص رئيس الجمهورية على الحفاظ على الطابع الاجتماعي للسكن.
استدعاء المكتتبين في "عدل 3" بداية من 2025
بعد غربلة قائمة المسجلين في برنامج "عدل3"، وانطلاق عملية إجراء التحقيقات على مستوى مختلف البطاقيات الوطنية، شرعت وكالة "عدل" في التحضيرات الخاصة بالتواصل مع جميع المكتتبين المقبولة ملفاتهم البالغ عددهم 1024342، بغية استكمال إجراءات التسجيلات عبر المنصة الرقمية التي ستوضع خلال الأيام القادمة تحت تصرفهم. أما فيما يخص برنامج "عدل2" فقد أمر وزير السكن بطيه نهائيا من خلال منح شهادات التخصيص للمكتتبين الذين لم يتحصلوا عليها بعد وكذا إحصاء الفائض المسجل.
فيما ينتظر أكثر مليون مسجل في برنامج "عدل 3" استدعاءهم من طرف الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل". ومن المرتقب أن تنطلق عملية الاستدعاءات خلال الأشهر الأولى من عام 2025، بعد أن يتم طي برنامج "عدل2" بشكل نهائي، وفق ما كشف عنه وزير السكن.
وجاءت ولاية الجزائر في مقدمة الولايات التي تم التسجيل فيها بـ252 ألف مسجل، تلتها ولاية وهران بأزيد من 86 ألف، ثم البليدة بأكثر من 45 ألف، قسنطينة 36.2 ألف، فباتنة وعنابة بأزيد من 26 ألف، ثم بجاية 20 ألف وتلمسان بـ19 ألف، الشلف 18 ألف، الأغواط 3887، وأخيرا بشار بـ3887 وأولاد جلال بـ533 مسجل.
طابع معماري جديد
وعكس ما كان معمولا به في برنامجي "عدل1 و2"، سيأخذ برنامج "عدل3" طابعا معماريا مميزا، سواء من حيث عدد طوابق العمارات التي ستصل إلى 20+1 طابق في المدن الكبرى التي تشهد شحا في الأوعية العقارية، كل طابق منها يضم 6 شقق عوض 4 شقق كما هو الحال بالنسبة للبرامج السابقة، مع إنشاء مصنع جزائري إيطالي لصناعة المصاعد وصيانتها.
كما ستضم التجمعات السكنية للبرنامج الجديد مركزا تجاريا يتكون من 3 طوابق على الأقل، تعرض فيه جميع المواد والخدمات التي يحتاجها السكان، مع الاستغناء عن المحلات التجارية أسفل العمارات، والاكتفاء بإنشاء أكشاك صغيرة منفصلة عن العمارات، إضافة إلى إنشاء مساحات خضراء ومسابح وحتى مسارح على الهواء الطلق.