تفاؤل حزبي بشأن توقيت وشكل الحوار الوطني

38serv

+ -

استجاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من خلال خطابه للأمة أمام غرفتي البرلمان أول أمس، لمطالب الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة، التي طالبت في الفترة الأخيرة بضرورة إطلاق مسار حوار وطني يشمل القضايا السياسية ويناقش الخيارات الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية، بالنظر إلى التطورات الإقليمية والدولية والعربية.

خصص رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، حيزا من خطابه السنوي أمام البرلمان للحديث عن الحوار الوطني، وقال إن "المرحلة ستشهد إطلاق الحوار السياسي"، وهو الحوار الذي وعد به خلال تأدية اليمين الدستورية للعهدة الثانية. وقال تبون، خلال الخطاب الذي ألقاه الأحد، إن "المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق الحوار السياسي كما التزمت بذلك، وسيكون في مستوى الرهانات الداخلية". وأضاف: "وعدت الطبقة السياسية بفتح حوار لتقوية الجبهة الداخلية وسيكون ذلك بصفة منظمة، ونأمل في أن يكون الحوار الوطني عميقا وجامعا بعيدا عن الاستنساخ الخطابي".

وتعهد تبون بأن يستهدف هذا الحوار السياسي المرتقب "الحقوق الأساسية من خلال القوانين المكرسة في الدستور والقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية والجمعيات، كما سنشرع في مراجعة قوانين الجماعات المحلية حتى ننطلق في إعادة بناء دولة الحق والديمقراطية الحقة".

كما أفاد الرئيس تبون بأن هذا المسار عبارة عن وعد للطبقة السياسية بتقوية الجبهة الداخلية و"سيكون ذلك بصفة منظمة". وبذلك رد الرئيس تبون على سلسلة مطالبات سياسية برزت في الفترة الأخيرة وتبنتها قوى سياسية فاعلة، بينها حركة "حمس" وجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال وجيل جديد والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحركة النهضة، وانضمت إلى هذه المطالبات أحزاب من الموالاة مثل التجمع الوطني الديمقراطي وحركة البناء الوطني.

وفيما لم يتضح إن كان تبون سيقدم آجال الحوار، بعدما كان شهر سبتمبر الماضي في خطابه الذي استهل به عهدته الثانية قد أعطى آجالا تقريبية له مع نهاية سنة 2025 المقبلة وبداية سنة 2026، فإن الكثير يرى أن خطابه أول أمس قد يغير الرزنامة التي قال الرئيس بأنها تتطلب "التحضير الجيد له".

وفي تعليقه أكد السعيد نفيسي، القيادي في حركة البناء الوطني، أن وجهة نظر رئيس الجمهورية تتطابق مع ما دعت إليه حركة البناء. وقال في اتصال مع "الخبر": "إن الحوار كسلوك حضاري لا ينبغي أن يقتصر على شكل واحد موسمي ولا أن يرتبط بجهة واحدة في مكونات الساحة الوطنية وإن كانت هي السلطة". وتابع مستدركا: "إنما له عدة أشكال من بينها الحوار غير المباشر الذي أشار إليه رئيس الجمهورية".

وأوضح أن الحوار له عدة أشكال من بينها الاستشارة الموسعة التي أطلقت مع الأحزاب حول قانون البلدية والولاية"، معتبرا أنه ممكن أن تأخذ الاستشارة أشكالا مشابهة في بعض الملفات الأخرى.

أما فيما يتعلق بالحوار الاستراتيجي الذي أشار إليه رئيس الجمهورية في خطاب اليمين الدستوري، يرى نفيسي أنه من صلاحيات الرئيس وحده أن يحدد مكانه وزمانه وشكله، مؤكدا أن ما يهم الحركة هو أن يكون الحوار مستمرا في ظل المتغيرات الكثيرة على المستوى المحلي والدولي.

ولا يستبعد نفيسي أن يكون الحوار في شكل لجنة حوار تستمع إلى كل الأطراف ولكن هذا لا يمنع، حسبه، أن تكون هناك مبادرات محلية بين الطبقة السياسية لدراسة الملفات التي تحتاج إلى تبادل وجهات النظر حتى إذا ما حدث الحوار الاستراتيجي المركزي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية تكون المخرجات متقاربة ومتشابهة لدى الطبقة السياسية.

 

"الأفافاس": ضرورة التقيد بمنهجية متفق عليها وخارطة طريق واضحة

 

من جانبه أكد القيادي في "الأفافاس"، وليد زنابي، أن حزبه "كان ولايزال بحكم مسؤولياته التاريخية والوطنية وفلسفته السياسية، يبادر ويطالب بحوار وطني شامل وجدي يضم كل القوى الحية للوطن من أجل بلورة رؤية مشتركة لمواجهة كل التحديات على الصعيد الداخلي أو الخارجي وكذلك لصياغة خارطة طريق واضحة تؤسس وتتجه بنا نحو دولة القانون والمؤسسات وإرساء الديمقراطية". وتابع: "وإذ تجدد الالتزام بإطلاق الحوار من طرف الرئيس تبون في خطابه الأخير فإننا نبدي انفتاحنا المتجدد للمساهمة في هذا المسعى السياسي ونؤكد على ضرورة التحضير له باتخاذ تدابير التهدئة وإجرائه في كنف الانفتاح والمصارحة، أيضا نحن مستعدون لعرض رؤيتنا ومقترحاتنا بشكل مباشر، صريح ومسؤول". وأضاف: "لقد سبق لحزبنا أن أكد على ضرورة أن يتجه الحوار الوطني، وهو ما تضمنته مبادرتنا السياسية الأخيرة وكذا رؤيتنا الرئاسية، إلى سبل حماية الدولة الوطنية وتحديد الإصلاحات السياسية والمؤسساتية العميقة التي تهدف إلى تقوية مؤسسات الدولة وإعادة ثقة الشعب فيها وتضمن انخراطه في مشروع وطني متوافق عليه، وإلى حماية الحقوق والحريات وتكريسها، بالإضافة إلى إعادة الاعتبار للحياة السياسية والقوانين الناظمة لها".

وقال زنابي: "في رؤيتنا نحن في جبهة القوى الاشتراكية وجب التفريق وعدم الخلط بين الحوار الوطني الذي سيتناول المحاور الكبرى والإشكاليات المعقدة التي تعترض بلادنا، التي ذكرناها، وبين الحوار والتشاور كثقافة يجب تكريسها عند كل خطوة مفصلية تعني الشأن العام والمصلحة الوطنية".

وفيما يتعلق بمنهجية الحوار الوطني الشامل فإنه من الواجب، حسب المتحدث، التقيد بمنهجية متفق عليها عوض فرض أي تصور قد يكون محل جدل ومن شأنه تقليص فرص نجاح المسعى والأمر نفسه ينطبق حول محتواه وأهدافه.

 

جيل جديد: حتمية تعزيز الجبهة الداخلية واستعادة ثقة المواطن في قيادته

 

من جهته يرى الأمين الأول لحزب جيل جديد، حبيب براهمية، أن "الرئيس قد وعد بحوار حقيقي وشامل مع الطبقة السياسية عقب انتخابه لعهدة ثانية". واعتبر في تصريح لـ"الخبر" أن "الحوار الذي كان يفترض أن يكون سياسيا شاملا أصبح عملية تقنية تهدف إلى تعديل بعض القوانين، وبالتالي لا يمكن اعتباره حوارا سياسيا لحد الآن".

وأكد براهمية أن "الوضع السياسي في الجزائر يواجه تحديات حقيقية، كما أقر به رئيس الجمهورية نفسه، الذي تعهد بالعمل مع جميع أطياف الطبقة السياسية "للانتقال من ديمقراطية الشعارات إلى بناء ديمقراطية حقيقية"، متسائلا إن كانت للسلطة "نية لفتح الملفات الجوهرية المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير، مكانة الأحزاب السياسية، تنظيم الانتخابات، أو الخيارات الاقتصادية التي تحتاج إلى نقاش واسع ومسؤول، خاصة في هذا الظرف الدولي المقلق الذي يستدعي تعزيز الجبهة الداخلية واستعادة ثقة المواطن في قيادته".