رسمت السنة المنقضية معالم المرحلة المقبلة، من خلال الكشف عن التشكيلة الجديدة للحكومة التي كلفها الرئيس عبد المجيد تبون بمسؤولية مواجهة التحديات، ورفع جملة رهانات تواجه الجزائر على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية في الداخل والخارج.
وعلى هذا الأساس، أعاد الرئيس تبون تجديد الثقة في ندير العرباوي على رأس الجهاز التنفيذي بعدما قدم استقالته واستقالة حكومته، ليقود تشكيلة الوزارات في المرحلة المقبلة في مسيرة يرمي من خلالها إلى استكمال الطريق الذي بدأه.
وفي المقابل، أعاد رئيس الجمهورية، بمقتضى التعديل الحكومي الأول لعهدته الرئاسية الثانية، النظر في هيكلة القطاعات الوزارية، عن طريق الاعتماد على فصل بعضها عن بعض، واللجوء إلى دمج قطاعات أخرى ضمن حقيبة وزارية واحدة، مع العمل على استحداث كتابات للدولة، فضلا عن تغيير مجموعة من الوزراء.
وتصب هذه الخطوة ضمن مساعي رئاسة الجمهورية في ترجمة الأهداف المسطرة على مدار الخمس سنوات المقبلة، وتجسيد تعهدات الرئيس تبون أثناء الحملة الانتخابية ميدانيا، لاسيما تلك المتعلقة بتحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة وبلوغ مرحلة الأمن الغذائي، موازاة مع الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما أكده فحوى قانون المالية للسنة المقبلة.
ومنح التعديل الأخير للحكومة الفريق أول، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، السعيد شنڤريحة، منصبا وزاريا، إذ تولى منصب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، ما يتيح له ممارسة صلاحيات سياسية وعسكرية، كونه يحوز على عضوية الحكومة، كما أنه سيتم تفويضه بجزء من صلاحيات وزير الدفاع الوطني، من خلال التمثيل في اجتماعات الحكومة واقتراح مخططات التحويل والترقية والتعيين في مختلف المناصب، فضلا عن تمثيل وزارة الدفاع الوطني في اللقاءات المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ومن هذه المنطلقات، دمج التعديل الأخير مجموعة من القطاعات، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الطاقات المتجددة في وزارة الطاقة والمناجم، مع تجديد ثقة رئيس الجمهورية في محمد عرقاب الذي رقي إلى منصب أعلى هو وزير دولة، وهو المنصب الذي حظي به الوزير أحمد عطاف كوزير دولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج والشؤون الإفريقية.
ومن الملاحظ تركيز الحكومة الحالية على قطاع الطاقة، للإسهام في كسب رهانات المرحلة المقبلة، اعتبارا من أن القطاع استفاد من كتابتي دولة، الأولى مكلفة بالمناجم وضعت على رأسها كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة كريمة طافر، وأما الثانية فيقودها نور الدين ياسع، ككاتب دولة لدى وزير الطاقة، مكلف بالطاقات المتجددة.
وقد أكد وزير الدولة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة على هذا، حيث قال خلال مراسم التنصيب إن التعيينات الجديدة تعكس رؤية القيادة لتعزيز التنمية المستدامة والانتقال الطاقوي في الجزائر، وأعرب عن ثقته في قدرة كريمة طافر ونور الدين ياسع على مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف الوطنية الطموحة.
وأشار إلى أن أولويات المهام الجديدة تعزيز استكشاف واستغلال الموارد المعدنية الوطنية، مع التركيز على مشاريع كبرى مثل الحديد بغار جبيلات، والفوسفات بتبسة وسوق أهراس، والزنك والرصاص بوادي أميزور، ومن ناحية أخرى تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة لإنتاج 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، وتعزيز مكانة الجزائر كفاعل إقليمي رئيسي في مجال الهيدروجين الأخضر.
وألغى التعديل الأخير، في المقابل، وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، ليدمج هذا القطاع مع قطاع الفلاحة، تحت اسم حقيبة وزارية واحدة هي وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، تحت إشراف الوزير يوسف شرفة.
ومن الناحية المقابلة، شهدت دوائر وزارية أخرى انفصالا، على غرار وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، حيث انقسمت في الهيكلة الجديدة للحكومة إلى وزارة ووزارة منتدبة، الأولى مخصصة لقطاع الصناعة فحسب، ووضع على رأسها الوزير سيفي غريب، بينما عين فؤاد حاجي وزيرا منتدبا لدى وزير الصناعة مكلف بالإنتاج الصيدلاني.
وعرف قطاع التجارة انقساما هو الآخر، قصد تحقيق مجموعة الأهداف المرجوة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتم بناء على هذا استحداث وزارة التجارة الداخلية وتنظيم السوق، وجدد الرئيس ثقته على رأسها الوزير الطيب زيتوني، واستحداث أخرى هي وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات نصّب على رأسها الوزير محمد بخاري.