+ -

أحدثت الخسارة الثقيلة لشباب بلوزداد، أمام النادي الأهلي المصري، ارتدادات جديدة غير متوقعة، بفعل تصريحات ومواقف المدرب عبد القادر عمراني، الذي اختار بعناية "خطة دفاعية" غير بريئة للتنصل من مسؤوليته في الفضيحة.

 وبعدما جاءت أول تصريحات عمراني، مباشرة بعد نهاية المباراة، ترتكز أساسا على إلصاق "التهمة" بغيره، فقد بدا الرجل، أمام الإعلام في القاهرة، وكأنه قد حرص أكثر على انتقاء "النهج التكتيكي" في الدفاع عن نفسه أكثر من الدفاع عن حظوظ فريقه، حيث لم يدخر عمراني أي جهد في استعراض لما اجتهد على وصفه بالأخطاء الفردية والبدائية للاعبيه، حتى بلغ به الحد إلى ضرب سمعتهم بالقول "إنها أسوأ مباراة لفريق أتابعها في مشواري".

 ودون أن يعترف عبد القادر عمراني بتفوق مدرب الأهلي عليه، فإنه نسي، أو لعله تناسى، أن الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل بنتيجة (1/1) كان شوط اللاعبين، وأن الشوط الثاني الذي تهاوى فيه فريقه بتلقيه خمسة أهداف كاملة كان شوط المدربين، وهي حقيقة يبرزها قاموس كرة القدم سقطت "قسرا" من تصريحات عمراني، وهو يسوق للرأي العام أنه مدرب لا يحتفظ بنفسه، إلى جانب الراتب الكبير، سوى الإنجازات، أما كل ما هو إخفاق فيلصقه بغيره، سواء كان لاعبا أو مدربا مساعدا أو مسيرا أو رئيسا أو حكما أو مسؤولا في الهيئات أو حتى مشجعا.

 وعليه، فإن المدرب عمراني احتفظ بهدوئه بعد الفضيحة، بغرض تأمين نفسه من مخاطر السقوط الذي آل إليه الفريق البلوزدادي تحت إشرافه، وراح يبحث، بعد اللاعبين، عن ضحية أخرى، ولم يجد أفضل من المدرب المساعد، عزالدين رحيم، مستثمرا في أخلاق ومواقف رحيم الثابتة، والذي معروف عنه تمسكه بالمبادئ التي ظل عليها طيلة مشواره كلاعب وكمدرب، ولن يشكل له، من منطلق عمراني، أي عائق، حين يضيف اسمه لقائمة ضحاياه الذين يعلق عليهم عمراني فشله.

 ولأن عمراني يعرف رحيم ويعرف عنه رفضه للإهانة، فقد أراد عمراني تحميل مساعده مسؤولية الإخفاق، رغم أن الخيارات الأساسية التي أفضت إلى الخسارة بسداسية تاريخية فرضها عمراني دون سواه، حيث اتخذ عمراني ترقية المنسق العام سمير حوحو إلى رتبة مدرب مساعد أول بدلا من رحيم، ما جعل الأخير (رحيم) يتخذ ذلك القرار الذي توقعه منه عمراني، وهو الانسحاب من الفريق بهدوء، حتى تحولت مبادئ رحيم أداة ووسيلة يستغلها من لا يعترف بها لتحقيق مصلحة شخصية.

 ورغم أن عمراني نفسه يعرف قيمة عز الدين رحيم وقوة مبادئه بحكم عملهما سويا في النادي الرياضي القسنطيني، والتقائهما مجددا في شباب بلوزداد، إلا أن عمراني، ومن منطلق براغماتي متوحش، اختار التصويب في كل الاتجاهات لإنقاذ رأسه المترنح وسمعته المتهاوية، ولم يجد أفضل "بديل" لرحيم من مدرب اختار اختصار نفسه في مجرد "منسق عام" بعد هروب غير معلن من منصب مدرب رئيسي في شبيبة سكيكدة، كون الراتب في شباب بلوزداد يسيل لعاب أي مدرب.

باستثناء عزالدين رحيم الذي سبق وأن غادر فريقه، اتحاد الجزائر، في هدوء تام، دفاعا عن المبدأ وحفاظا على مصلحة النادي.

 وما لم يقله عمراني، وهو يختار سمير حوحو مساعدا له، أنه وقع في شباك المؤثر الجديد في شباب بلوزداد، وهو صحفي أتى بالهارب من شبيبة سكيكدة إلى شباب بلوزداد في منصب هجين، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مسرحية ينتظر فيها "الكومبارس" لفرصته للانقضاض على دور أحد الممثلين الرئيسيين، بعيدا عن أدنى درجات أخلاقيات المهنة، وهو واقع يبرزه غياب رحيم عن حصة الاستئناف التي جرت اليوم بالمدرسة العليا للفندقة بعين البنيان، والتي اكتشف فيها اللاعبون فصلا جديدا من المسرحية، وهو أخذ حوحو مكان رحيم للقول إن العيب كان في اللاعبين وفي المدرب المساعد.

 أما الحقيقة التي تنذر بانفجار وشيك في البيت البلوزدادي، فهي اقتناع اللاعبين بأن المشكل أصلا في المدرب عمراني وفي مزاجه وفي طريقة عمله، واستدل هؤلاء بما حدث لزميلهم، إسلام سليماني، الذي أثار بشأنه عمراني قضية مبهمة حتى يبرر عدم الاعتماد عليه أمام الأهلي وقبل مباراة الأهلي أيضا، حتى أن قضية سليماني كانت أحد الأسباب التي جعلت عمراني يحضّر لدفع رحيم نحو باب الخروج، على اعتبار أن رحيم قال حقيقة بشأن سليماني أغضبت عمراني، الذي حرص على جعل الضبابية سائدة بخصوص هداف المنتخب الوطني قبل مباراة مهمة أمام الأهلي في رابطة أبطال إفريقيا.

 ما يحدث في شباب بلوزداد، بسبب ممارسات عبد القادر عمراني وطريقته الغريبة في توزيع المسؤوليات على غيره، للتنصل من مسؤوليته في الفضيحة، يضع النادي على فوهة بركان، خاصة بعد تعدد مصادر صناعة القرار على مستوى النادي، بمباركة غير معلنة من الرئيس المدير العام للشركة القابضة "مدار"، عمارة شرف الدين، وهو واقع يجعل المباراة المقبلة للفريق في البطولة أمام أولمبيك آقبو منعرجا حاسما لتحديد مستقبل الفريق الذي أصبح، وبالدليل والحجة، مدربه الرئيسي ومساعده الجديد والمؤثر الخفي ومسؤول الشركة صاحبة الأسهم في النادي، أبرز أسباب الانهيار المبرمج.