فتح الطريق لإحالة برلمانيين إلى القضاء

38serv

+ -

تضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية (82) الصادر في 18 ديسمبر 2024، قرارين للمحكمة الدستورية برفع الحصانة البرلمانية، أحدهما يخص عضو بالمجلس الأمة، والثاني يتعلق بنائب بالمجلس الشعبي الوطني، كلاهما يمثل ولاية ميلة، وفق الوقائع المنسوبة إليهما.

وتناول القرار الأول، الذي يحمل رقم 12 والمؤرخ في 26 نوفمبر 2024، بأن الوزير الأول أخطر المحكمة الدستورية برسالة مؤرخة في 20 نوفمبر 2024، قصد رفع الحصانة عن "سيناتور"، ذكر إسمه ولقبه بالأحرف الأولى "ب.ش . ع.و".

وأكد القرار أن الإخطار جاء وفقا لأحكام المادتين 130 فقرة 2 و193 فقرة 1، من الدستور. مبرزا أنه يتعين قبوله من حيث الشكل.

وتنص المادة الدستورية 130 على أنه "يمكن أن يكون عضو البرلمان محل متابعة قضائية عن الأعمال غير المرتبطة بمهامه البرلمانية، بعد تنازل صريح من المعني عن حصانته". كما تنص على أنه "في حال عدم التنازل عن الحصانة، يمكن لجهات الإخطار، إخطار المحكمة الدستورية لاستصدار قرار بشأن رفع الحصانة من عدمه". و الجزئية الأخيرة من المادة، هي التي ارتكز عليها طلب الوزير الأول على مايبدو.

أما من حيث المضمون، فيستند قرار المحكمة الدستورية بنزع الحصانة البرلمانية، إلى رسالة وصلتها من وزير العدل مؤرخة في 04 سبتمبر 2024، يذكر فيها أنه أعلم رئيس مجلس الأمة، بأن العضو "ب.ش . ع.و"، "محل متابعة قضائية على مستوى مجلس قضاء ميلة، وأن الوقائع المنسوبة إليه تكتسي طابعا جزائيا". لافتا إلى وقوعه تحت طائلة أربع جنح: "تغيير الطابع الفلاحي لأرض مصنفة فلاحية أو ذات وجهة فلاحية"، و"ممارسة نشاط تجاري دون التسجيل في سجل تجاري" و"التحريض على الاعتراض بالعنف على أعمال أمرت بها، أو رخصت بها السلطة العمومية"، و إنشاء تجزئة سكنية دون رخصة" و "البناء دون رخصة".

وفي التفاصيل، يذكر قرار رفع الحصانة أن "السيناتور" متهم بـ"المتاجرة بطرق احتيالية في العقار، الواقع بمنطقة الخربة (ولاية ميلة) وتحويل طابعه الفلاحي، إذ باعه على أساس أنه قطع أرضية صالحة للبناء، وذلك بموجب 13 عقدا عرفيا". وأوضح القرار بأن مصالح المسح والحفظ العقاري لولاية ميلة، والبطاقات العقارية للأراضي، بيَنت أن الأرض التي استغلها عضو مجلس الأمة، ذات طابع فلاحي. كما تبين، وفق القرار ذاته، أن عقدين (رقم 4 و5) مرفقين بمخطط تخصيص، "وهميان ولا يعبران عن العقارات موضوع العقود العرفية".

ويتهم البرلماني أيضا بـ "التحريض على الاعتراض بالعنف"، على قرار أصدره والي ميلة يخص هدم مدرسة متوسطة بالخربة. وبسبب هذا التصرف، وقعت صدامات بين قوات الأمن ومواطنين، ما دفع الوالي إلى التراجع عن قراره، بحسب نص المحكمة الدستورية.

وبشأن قرار رفع الحصانة عن عضو المجلس الشعبي الوطني، المشار إليه بـ "ب.ع.إ"، فقد اتخذته المحكمة الدستورية، أيضا، على أساس إخطار من الوزير الأول (من حيث الشكل)، واستنادا إلى المادة الدستورية 129 التي تتحدث عن تمتع عضو البرلمان بالحصانة، فقط عندما يتعلق الأمر بالأنشطة التي تدخل ضمن مهامه، وهي محددة في الدستور. والمادة 130 فقرة 2 التي أفرغ محتواها على عضو مجلس الأمة، زيادة على المادة 198 الفقرة الأخيرة، التي تقول:"تكون قرارات المحكمة الدستورية نهائية وملزمة لجميع السلطات العمومية، والسلطات القضائية".

وتعلل المحكمة الدستورية قرارها، من حيث الموضوع، بمحتوى مراسلة وصلتها من وزير العدل، يذكر فيها أنه أحاط رئيس المجلس الشعبي الوطني علما، بأن النائب "ب.ع.إ"، متابع جزائيا في ولاية ميلة، بـتهمتي "مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال، من وإلى الخارج"، و"التحريض على الاعتراض بالعنف على أعمال أمرت بها أو رخَصت بها السلطة العمومية".

وفي هذا السياق، ذكر وزير العدل في رسالته، حسب قرار المحكمة الدستورية، أن النائب متهم بـ"تهريب العملة (الصعبة) إلى الخارج"، لافتا إلى أنه "رفض الامتثال" لاستدعاءين من جهاز الدرك بغرض التحقيق معه.