+ -

أثارت إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، يوم الأربعاء الماضي، من قبل قضاء بلاده زلزالا سياسيا في فرنسا، لن يكون الأخير بالنظر إلى الأجندة القضائية المكثفة التي في انتظاره.

 البداية إذن كانت يوم الأربعاء، بإدانته بثلاث سنوات سجنا، منها عام نافذ، يوضع خلاله تحت الرقابة بارتداء سوار إلكتروني، وهذا في قضية رشوة القاضي جيلبير أزيبرت، في محكمة النقض بمنصب فخري بإمارة موناكو، كان يحلم به، مقابل منحه معلومات وحتى التأثير في ملف استئناف قضية تبرعات تلقاها حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية اليميني"، من وريثة مجموعة "لوريال"، الثرية، ليليان بيتنكور.

 كما أدين من ظل يصف المهاجرين بـ"الحثالة"، يوم 14 فيفري، من قبل محكمة الاستئناف بعام حبسا، منها 6 أشهر تحت الرقابة بالسوار الإلكتروني أيضا، في قضية "بيغماليون"، وهو اسم وكالة اتصال كلفت بتنظيم التجمعات الانتخابية لساركوزي في رئاسيات 2012 التي خسرها، وبعد أن تبين أن المصاريف تجاوزت السقف المحدود، تم تزوير الفواتير من قبل الوكالة، بموافقة مسؤولي حزب ساركوزي، وموافقة هذا الأخير، والقضية ما تزال مطروحة أمام محكمة النقض.

 قضية أخرى ستجلب إليها أنظار العالم، ستنطلق محاكمتها يوم 6 جانفي 2025، وتتعلق بتمويل حملة الرئاسيات الفرنسية، التي فاز بها سنة 2007، من قبل الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي.

وعن هذه القضية تفرعت قضية أخرى، المعروفة باسم "تراجع زياد تقي الدين"، وهو رجل أعمال من أصول لبنانية مثير للجدل، يكون قد لعب دور الوسيط بين الراحل معمر القذافي وساركوزي، تقي الدين قال لقاضي التحقيق إنه سلم 5 ملايين أورو من طرف الزعيم الليبي لساركوزي ومقربين منه.

 غير أن زياد تقي الدين تراجع عن أقواله سنة 2020، ليقوم موقع "ميديابارت" بنشر تحقيق قال فيه إن رجل الأعمال تلقى ضغوطات وإغراءات مالية من طرف مقربين من ساركوزي، من بينهم زوجته، كارلا بروني، ليتراجع عن أقواله، وعلى ضوء هذا قرر القضاء فتح تحقيق، ووجهت لساركوزي، شهر أكتوبر 2023، وزوجته، شهر جويلية 2024، تهمة محاولة رشوة شاهد وتكوين جمعية أشرار.

 ويحقق القضاء الفرنسي، حاليا، في قضية تلقي ساركوزي سنة 2020 مبلغ 500 ألف أورو، في إطار عقد استشارة مع مجمع تأمينات روسي يدعى "ريسو غارنتيا"، المحققون يريدون معرفة إن كان ساركوزي قدم استشارات، وهو ما يعد أمرا قانونيا، أم يكون قام بنشاط في إطار "لوبي" للتأثير لصالح المجمع الروسي.

 القائمة لا تقتصر على هذه القضايا، فلا تزال ملفات أخرى قيد التحقيق بعد إيداع عدة شكاوى، ما يجعل ساركوزي، ليس فقط أول رئيس سابق يدان بارتداء سوار إلكتروني، بل أيضا أكثر رئيس في الجمهورية الفرنسية مثولا أمام القضاء، وهو الذي طالما اتهم المهاجرين بالإجرام والانحراف والاحتيال على مصالح الضمان الاجتماعي.

وكان أول من جر اليمين الديغولي المعتدل للهث وراء أصوات اليمين المتطرف، باستهداف الإسلام والمسلمين والمهاجرين. وهو أيضا من قال، لما كان رئيسا للجمهورية: "إن كل من يدان من قبل القضاء فهو صعلوك".. وهو اليوم، مهدد بأن يدان عدة مرات.