38serv
تعد منطقة بزاز ببلدية السواقي، الواقعة جنوب شرق ولاية المدية، واحدة من أبرز المناطق التي ارتبط اسمها بزراعة الخرشوف. هذا النشاط الفلاحي المميز لم يقتصر على تزيين المنطقة بمساحات خضراء ممتدة، بل أصبح مصدر رزق أساسيًا للعديد من العائلات التي وجدت فيه فرصة لتحسين دخلها المعيشي في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
وقد ذاع صيت الخرشوف كثيرا وباتت علامة مميزة لمنطقة بزاز، التي تحولت إلى مزار للعديد من المواطنين حينما تفاجأوا بصورة الخرشوف الذي فاق حجمه المترين ووزنه الـ 20 كلغ.
ومنذ سنوات، اكتسبت زراعة الخرشوف في بزاز زخمًا كبيرًا، وقد وقفت "الخبر" على مشهد هذه الحقول، حيث تمتد على عشرات الهكتارات بالقرب من الطريق الوطني رقم 62، مكونة لوحة زراعية خلابة تجذب الأنظار. هذه المحاصيل باتت منذ عدة سنوات، حسب ممن تحدثوا إلينا، تشكل مصدر اهتمام كبير ليس فقط للفلاحين، بل أيضًا للزوار الذين يمرون عبر الطريق.
ويبرز حجم الخرشوف المزروع كعامل جذب إضافي، حيث يصل طول بعض الثمار إلى متر ونصف، مما يعكس جودة الإنتاج المحلي وكفاءة المزارعين في العناية بالمحصول.
يلجأ الفلاحون في بزاز إلى عرض منتجاتهم مباشرة على ضفاف الطريق الوطني، حيث يبيعون الخرشوف بأسعار تنافسية تبدأ من 35 دج للكيلوغرام، مقارنة بسعره الذي يصل إلى 80 دج في المدن الكبرى. هذا النمط من التسويق المباشر يوفر للمزارعين هامش ربح جيد ويتيح للمستهلكين الحصول على منتجات طازجة بأسعار معقولة.
ومع تراجع المحاصيل الموسمية بسبب الجفاف ونقص الأمطار في السنوات الأخيرة، اتجه العديد من المزارعين إلى زراعة الخرشوف كبديل مستدام. هذا النبات، الذي يتميز بتحمله للظروف المناخية القاسية، أصبح خيارًا مربحًا للفلاحين، مما ساهم في تعزيز مكانته كمحصول استراتيجي في المنطقة.
وحسب أحد المزارعين، فإن سر نجاح خرشوف بزاز هو التكاتف الأسري والعمل الجماعي، الشباب والأطفال كلهم يشاركون في مختلف مراحل الإنتاج، بدءًا من الزراعة وحتى البيع، خاصة خلال فترات العطل المدرسية. هذا التعاون يعكس روح المجتمع المحلي ويضمن استمرارية النشاط الزراعي عبر الأجيال.
إلى جانب تأمين مصدر دخل للعائلات، تسهم زراعة الخرشوف في تعزيز النشاط الاقتصادي في بزاز. فهي لا تقتصر على توفير فرص عمل للسكان المحليين، بل تجذب أيضًا الزوار الذين يدعمون التجارة المحلية من خلال شراء المنتجات.
وتبقى زراعة الخرشوف ليست مجرد نشاط زراعي تقليدي في بزاز؛ بل هي قصة نجاح تحكي عن قوة الإرادة والعمل الدؤوب لأهالي المنطقة، الذين حولوا التحديات إلى فرص، وجعلوا من أراضيهم مصدر أمل ودخل ينعش حياتهم ويعزز استقرارهم.