استغلت الدوائر المعادية للجزائر، تهاوي نظام بشار الأسد في سوريا، لشن حملة مركّزة تستهدف الأمن المجتمعي للجزائريين وممارسة أعنف الحروب النفسية عليهم.
منذ السابع ديسمبر الجاري، واجه مستعملو وسائل التواصل الاجتماعي، حملة مخزنية مركّزة تحاول ربط أمن الجزائر واستقرارها بالأحداث الجارية في سوريا.
ولاحظ متابعون للشأن الرقمي والشبكي في الجزائر، التقت بهم "الخبر"، أن حملة التخويف بانتقال الفوضى من سوريا إلى الجزائر، بلغت ذروتها خلال الأيام العشرة الماضية.
لاحظ الجزائريون، وخاصة مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي ومتصفحي المواقع الإخبارية العربية والأجنبية، كثافة عالية للنشاط الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية على وجه الخصوص ضد الجزائر، التي أضحت عرضة للتحريض الحاقد على مواقفها، بل رصدوا تزايدا للمنشورات المتنبئة بتكرار أسوأ السيناريوهات المستقبلية.
ففي غمرة الاهتمام العالمي والعربي بسقوط الأسد وانكشاف الوجه الإجرامي لنظامه في حق شعبه، وما رافقها من تساؤلات حول مستقبل الشعب السوري، ركّزت وحدة إلكترونية مشتركة بين عواصم التآمر العربية والأجنبية نشاطها ضد الجزائريين بهدف شيطنتهم أمام السلطة الجديدة في دمشق ومحاولة الوقيعة بينهم وبين مكونات الشعب السوري، بل عمدت مخابرات المخزن إلى تحريك ذبابها وضخّ أعداد مهولة من التعليقات وحتى التهديدات ضد أمن الجزائر ووحدتها ومستقبلها.
بل ذهب المخبر المعادي للجزائريين، إلى توظيف مقاطع صور متطرفين وحتى إرهابيين مغاربة من جبهة النصرة ومن متعددي الجنسيات ضد الجزائر، بالموازاة مع إظهار تعاطف مجموعات من حاملي السلاح مع ملك المغرب، ما يؤكد أن النظام المغربي لا يتردد في استعمال أقذر الأساليب لإلحاق الأذى بجيرانه ولو عبر بث الرعب في نفوس الملايين من الجزائريين، وخاصة مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر وفي المهجر لضرب معنوياتهم ووعيهم بالتحديات، خاصة وأن العملية ليست جديدة، بل كانت قد سجلت في وقت سابق، أي غداة سقوط نظام معمر القذافي، فقد نشّطت جميع الجهات المعادية أذرعها الإلكترونية والإعلامية لممارسة الحرب النفسية على الجزائريين وإيهامهم أن بلدهم سائر نحو الفوضى، وذلك باستغلال مواقف الجزائر الرافضة للتغيير الذي ترعاه القوى الاستعمارية الخارجية.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، تعرضت الجزائر لهجمة شرسة من نفس الدوائر التي اشتغلت بقوة لتبرير التطبيع والتقارب الإسرائيلي المغربي العربي، مؤججة للفتنة ونافثة لسمومها العنصرية بين الجزائريين والمغاربة، وحتى بين الجزائريين والسعوديين (باعتراف السفير السعودي في الجزائر العام الماضي).
ولفتت سلسلة من التغريدات والمنشورات عبر منصة إيكس وفايسبوك ويوتيوب وتيك توك، الانتباه من خلال تداول تعليقات ومنشورات تركّز على قلب المفاهيم وتشكيل رأي عام عربي وسوري مناهض للجزائر، ومن خلال تتبّع عيّنات من الحسابات الإلكترونية والتركيز على تحليل ورصد العبارات والجمل التي تردّدها تلك الحسابات عبر مختلف الصفحات والمجموعات الجزائرية، سواء التابعة للمؤسسات الإعلامية وحتى الرسمية، وجدوا أن مصدرها واحد تنشر السردية المخزنية التي أطلقت عشرات المواد الإعلامية المنادية بضرب استقرار الجزائر وحتى التحريضية على مقر البعثة الدبلوماسية الجزائرية في دمشق (قبل أن تخيب هذه المساعي، حينما سارعت إدارة الشؤون السياسية في سوريا، وهي السلطة الجديدة، إلى شكر الجزائر على استمرار عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق، وتأكيد هذه الأخيرة توفير كل التسهيلات لاستمرار أعمالها).
ولا يتطلب الأمر خبرة واسعة في المجال، حتى يكتشف المتابعون أن تلك الحسابات المعادية للجزائر، دولة وشعبا، مرتبطة بنشاط روبوتات إلكترونية منسّقة تدور بعلامات واضحة وتتميز بتكرار استخدام نفس الجمل المتطابقة، وتستخدم رموزا تعبيرية ثابتة، كما تتميز أيضا بسلسلة تفاعلات موحدة مع حسابات معينة.
وأضحت العملية مفضوحة أكثر حينما قام المخبر المعادي بخلق شخصيات متعددة بتاريخ وهمي وصور وهمية تقدّم لرواد المنصات الجزائرية والعربية على أنها شخصيات حقيقية. والأخطر من ذلك أن بعض الحسابات تقوم بضخ تفاعل ضخم وهمي على كل المواد والتعليقات المسيئة للجزائر والمستهدفة لكيان الدولة ومستقبل الشعب الجزائري ومؤسساته.
وأمام هذا النوع من الاستهداف، يتجدد التساؤل إن كانت الجهات المختصة متنبهة ومجنّدة لصدّ تنامي هذا النوع من الحروب؟ وهل هناك استراتيجية لضبط الأمور واستغلال الوسائل والموارد المتاحة، بل تعبئة كافة القدرات الوطنية من أجل تبني أساليب مجابهة جديدة لهذه المخاطر التي لا يمكن مواجهتها، حسب عدة أصوات، إلا بقرارات أخرى سياسية جريئة لتحصين الجبهة الداخلية أكثر والانفتاح لتقوية البلاد في مواجهة التحديات الكبرى