تواصل المصالح المختصة في ولاية البيض إحصاء الخسائر المادية التي لحقت بالمركب الرياضي زكريا المجذوب، على خلفية أحداث العنف الخطيرة التي شهدها الملعب، أمس الجمعة، بمناسبة مباراة الفريق المحلي أمام مولودية وهران.
وتعرضت مرافق الملعب إلى عمليات تخريب امتدت من غرف تغيير الملابس إلى المدرجات، وصولا إلى عدد من المكاتب التي تم حرقها بشكل كامل، كما تم تسجيل تحطيم عدد معتبر من السيارات العمومية والخاصة، بحسب ما تبين في مقاطع فيديو انتشرت أمس على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تم إحصاء العشرات من الإصابات متفاوتة الخطورة بين أنصار الفريقين (مصادر تحدثت عن حوالي 60 إصابة). وقد ظهر والي الولاية، لاحقا، أثناء تفقده المصابين في مستشفى الولاية، فيما لجأت المصالح الأمنية إلى توقيف عدد من "المشجعين" ممن ثبت تورطهم في أحداث الفوضى والتخريب التي لم تعرفها الولاية رقم 32 من قبل، مع فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، وسط تضارب في الروايات حول الجهة التي بادرت بالعنف.
وتصب كل الشهادات والصور في هذه "الفتنة" غير المسبوقة في رواية واحدة، بأن كل ما حدث سببه روابط "الألتراس" مرة أخرى، وهذا بعد أن تم تسجيل تخريب راية لإحدى جماعات "الألتراس" لمولودية وهران، وسرقة وحرق أخرى خاص بمولودية البيض.
ففي قواعد "الألتراس" تختار كل مجموعة جهة من المدرجات (عادة ما تكون خلف المرمى) لتكون مكانا خاصا لها للجلوس للتشجيع والمؤازرة، وهناك تعلق راياتها أو ما يعرف بـ"الباش" الخاص بالمجموعة، والذي عادة ما يحمل اسم وشعار المجموعة.
وفي قواعد "الألتراس" دائما، يعتبر "الباش" شرف المجموعة نفسها التي يجب على أعضائها بذل كل شيء للحفاظ عليه، لأن تمزيقه أو سرقته يعني تلقائيا حل المجموعة وتحوّل أعضائها إلى مناصرين عاديين.
وهذا ما حدث في ملعب زكريا المجذوب، يوم أمس، حيث ذكرت بعض المصادر أن شرارة الأحداث اندلعت بعد أن لجأ أحد مناصري مولودية البيض إلى إطلاق مقذوف (خاص بإشارات البواخر) نحو المدرجات التي يتواجد بها أنصار مولودية وهران، ثم محاولة تخريب راية خاصة بالمولودية، وهنا لجأ عدد من روابط "الألتراس" في مولودية وهران لـ"الرد" عبر اقتحام الميدان وسرقة "باش" التراس مولودية البيض، ومن ثم حرقه في مدرجات الملعب، وهنا اندلعت شرارة العنف واختلط الحابل بالنابل، الأمر الذي أجّل انطلاقة المرحلة الثانية وسط فوضى عارمة في المدرجات، وتخريب السياج في مكان جلوس أنصار مولودية وهران، وهي الأحداث التي تواصلت بعد نهاية المباراة وصافرة النهاية.
ومن المتوقع أن يتعرض الفريقان للعقوبة من طرف لجنة الانضباط، ومما لا شك فيه، فإن الفريقين سيحرمان من اللعب أمام جمهورهما في عدد من المباريات، لكن التساؤل يبقى قائما بخصوص جدوى هذه العقوبة، كونها لم تساهم في الردع أو حتى التخفيف من مظاهر العنف، الأمر الذي يقتضي إجراءات أكثر صرامة، ومنها ما يتردد لدى الهيئات الرياضية عندنا، بضرورة اتخاذ قرار شامل بمنع أنصار الفرق من التنقل خارج حدود ولايتها، تعميما للخطوة التي تم اتخاذها في مباريات مولودية الجزائر وشباب قسنطينة، ومؤخرا مباريات وفاق سطيف مع مولودية الجزائر دائما.