قضية تعذيب أطفال مصابين بالتوحد والتريزوميا أمام القضاء

+ -

يفتح مجلس قضاء قسنطينة، بداية الأسبوع القادم، ملف قضية مثيرة شغلت الرأي العام المحلي والوطني، تتعلق بإنشاء مركز وهمي  بيداغوجي للأطفال المصابين بالتوحد والتريزوميا بأحد أحياء ولاية قسنطينة، انتهى التحقيق فيها بتحويل 15 شخصا على المحاكمة، وكشف عن تسجيل حالات اعتداء على الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

وفي تفاصيل القضية التي تعود لشهر ديسمبر 2019 ، يضم المركز الوهمي 13 مصابا بالتوحد إلى جانب التريزوميا تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 11 سنة، بعضهم قدم من خارج ولاية قسنطينة ويقيمون بمرقد المركز من أجل العلاج والمتابعة.

وقد سجلت لدى الأطفال المعنيين آثار الضرب والحروق، كما لوحظ على البعض منهم خدوش ورضوض، كما أصيب من بينهم طفل في سن السابعة بحروق خطيرة استلزمت نقله إلى المستشفى رفقة 4 أطفال آخرين كانت حالتهم تفرض عرضهم على الفريق الطبي.

وأكدت تفاصيل المعاينة، خلال التحقيق، في المكان المستغل كمركز غياب النظافة، ما أثر على صحة الأطفال المتواجدين بها، كما كان يعاني هؤلاء من حالة ذعر وخوف وجوع، حيث تم نقل البعض منهم إلى دار الرحمة بجبل الوحش بعد فحصهم وإخضاعهم للتحاليل مع متابعتهم  نفسيا قبل تسليمهم لأوليائهم.

وحسب ما تداوله أولياء الأطفال الضحايا آنذاك، فإن المركز الوهمي محل اتهام كان يروج لنفسه عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أن له الفعالية في علاج التوحد والأطفال ذهنيا، وحظي بمتابعة كبيرة من طرف الفايسبوكيين، حيث كان يقدم دعاية إعلامية على أنه يملك فرصا وأساليب يمكن بها علاج أطفال التوحد والوصول بهم إلى المرحلة الابتدائية والمدرسة مع تصوير عينات.

كما يقدم المركز عروضا تضمن متابعة للجانب السلوكي التربوي لفئات عمرية مختلفة مقابل مبالغ مالية، وهو الأمر الذي شجع  الآباء على إرسال أبنائهم إلى هذا المركز، الذي لم يعثر فيه المحققون على الملفات الطبية للأطفال والتشخيص الدقيق لحالاتهم، علما أن الأكاديمية كان مقرها بولاية سطيف قبل تحويلها إلى عاصمة الشرق.

وقد كشفت التحقيقات الأولية، التي تم إجراؤها في وقتها، عن توقيف  تحفظي لبعض الأشخاص العاملين بها، خاصة بعد أن ثبت عدم أهلية المشرفين على تسيير المركز الوهمي، حيث لا يحوزون على رخصة تخضع للشروط القانونية والتنظيمية. كما ثبت عدم أهلية البعض في التعامل مع هذه الفئة من الأطفال، وتم توسيع التحقيق مع مربي الأطفال للتأكد من أهليتهم كذلك.

ووفقا لما صرح به وكيل الجمهورية، في ندوة صحفية آنذاك، فإن أولياء الأطفال يقومون بدفع ما قيمته 15 إلى 20 مليون سنتيم بصفة دورية، خاصة وأن أبناءهم يبيتون في مرقد المركز المتواجد في سكن فردي مملوك لأحد الخواص، والذي تغيب عنه الشروط الصحية والتربوية اللازمة للتكفل بهذه الفئة، كما تم تعيين طبيب شرعي لاحتمال تعرض القصر للاعتداء.

وقد أثارت القضية استنكارا وطنيا واسعا، من قبل المشرفين على قطاع التضامن الاجتماعي، إلى جانب جمعيات حماية الطفولة وحقوقيين ومحامين، حيث اعتبروها سابقة خطيرة، خاصة وأن ضحاياها من الأطفال الذين يصعب عليهم التعبير عن حالتهم وما يتعرضون له من أذى، فيما تأسست وزارة التضامن وأولياء الأطفال كطرف مدني.

بالمقابل، حمل آخرون المسؤولية للأولياء لعدم تأكدهم من وجود اعتماد رسمي لهذه الأكاديمية والاستفسار عن ظروف مكوث أبنائهم،  كما دعوا إلى توفير الوسائل للجمعيات الجادة التي تتكفل بهذه الشريحة من الأطفال.