أجمعت نقابات التربية على أن اللقاء "الترحيبي" المبرمج السبت المقبل مع وزير التربية، محمد الصغير سعداوي، سيكون فرصة للتذكير بأهم الملفات العالقة، على رأسها "التأخر" في الإفراج عن القانون الأساسي والنظام التعويضي. وسيرافع ممثلو كل سلك لصالح منخرطيه من موظفي القطاع، على أن تتقاطع المطالب المشتركة في ضرورة الشروع في إصلاح المناهج في جميع الأطوار وأيضا فتح ملف إصلاح الثانوي، قبل المرور إلى إعادة هيكلة امتحان شهادة البكالوريا.
وتحسبا للقاء المزمع بين الوافد الجديد إلى قطاع التربية والشركاء الاجتماعيين، السبت المقبل، قال المستشار التربوي كمال نواري إن أول ملف سيناقشه الشركاء الاجتماعيون هو القانون الأساسي الذي التزم رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية بإصداره قبل نهاية سنة 2024.
ويعتقد محدثنا أنه من الضروري إعادة فتح النقاش والإثراء والإبقاء على الأثر الرجعي للقانون لتطبيقه، لأن بعض النقابات، حسبه، لوحت بإضرابات واحتجاجات بسبب عدم منحها فرصة لإثراء مضمونه قبل إرساله لرئاسة الجمهورية .أما ثاني ملف حساس ينتظر الوزير فهو الخدمات الاجتماعية، فرغم انتهاء عهدتها شهر جويلية، يقول نواري، لايزال الغموض يكتنف مصير العهدة المنتهية بين التمديد أو التأجيل "وبالتالي نرى أن الوزير الحالي مطالب بتمديد عهدة اللجان السابقة لاستكمال النشاطات إلى نهاية السنة المالية 2024، لأن التجديد يتطلب على الأقل شهرين وفي هذه الفترة تضيع أموال ضخمة بسبب غلق السنة المالية التي لم يبق عليها إلا شهر واحد فقط".
بالمقابل، أشار محدثنا إلى ملف المدارس الخاصة، فرغم أن رئيس الجمهورية، يضيف، أعطى تعليمات وتوجيهات بخصوصها، إلا أن الوزير السابق "لم يحرك ساكنا"، رغم أنه "ملف يتعلق بالسيادة الوطنية وسيساعد على القضاء ولو جزئيا على الاكتظاظ خاصة بالمدن الكبرى..".
وعرّج نواري على ملف الرقمنة وقال إن الوزارة بادرت إلى التحول الرقمي في وقت مبكر إلا أنها لم تصل، حسبه، إلى المستوى المطلوب لتأمين المعلومات وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، كما أنها لم تحقق أهدافها في كل المصالح والإدارات كالمعاهد الوطنية مثلا، يقول.
وكمثال آخر على ذلك، أشار محدثنا إلى المشاكل المرتبطة في إطار الرقمنة بالتمدرس الجيد للتلاميذ، وهو ما تجلى خلال التسجيلات عبر الفضاء المعلوماتي في السنة الأولى ابتدائي والتحضيري، إضافة إلى تسيير الحياة المهنية للموظفين الذين لايزالون يعانون في مناطق نائية بعيدة عن مقرات سكنهم، رغم وجود مناصب شاغرة في مؤسسات قريبة منهم.
ومن بين أهم الملفات التي تنتظر الوزير كذلك، حسب نواري، تجديد المناهج والبرامج التعليمية، وهي مهمة المجلس الوطني للبرامج المطالب بإعادة النظر في المناهج لكل المستويات والأطوار. كما أشار إلى مشكل الاكتظاظ الذي تعيشه أغلب المؤسسات التربوية، فأغلبها أصبحت تعمل، يقول محدثنا، بما يسمى نظام "الأقسام الدوارة"، حيث يضيع نصف الوقت للبحث عن حجرات شاغرة للتدريس.
أساتذة الابتدائي يطالبون بإعادة الاعتبار للطور ..
أكدت النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي، على لسان رئيسها محمد حميدات، أنها تنتظر من الوزير الاهتمام بالطور الابتدائي وأساتذته والمدرسة الابتدائية باعتبارها قاعدة المدرسة والمنظومة التربوية ككل .وقال محدثنا إن أهم الملفات التي ستطرح على طاولة الوزير سعداوي هي الإسراع في فصل المدرسة الابتدائية عن البلدية في مجال التسيير، لأن هذه التبعية خلقت انسدادا أثر على مصلحة التلميذ والأستاذ باعتبارهما حلقة هذه المدرسة وجزءا لا يتجزأ منها في مدى سيرورتها، إضافة إلى ضرورة متابعة إصلاح المدرسة الابتدائية وفق تصور رئيس الجمهورية الذي تضمنته تصريحاته السابقة، حيث وعد بفصلها عن البلدية. كما أشار محدثنا إلى أن الوقت قد حان لمراجعة مناهج المدرسة الابتدائية وإعادة ترتيبها وفق الهوية الوطنية، وما تتطلبه التكنولوجيا بعيدا عن الحشو وكثرة المواضيع التي ليس لها علاقة بالابتدائي نهائيا.
وطالب حميدات، في سياق ذي صلة، بتعميم الألواح الإلكترونية على كافة مدارس الوطن لتمكين كل التلاميذ من الدراسة وفق الاستراتيجية الجديدة، وكشف أنه لحد الآن لم يتم تجهيز المدارس الابتدائية بالرفوف المخصصة للكتب، حيث أصبح الكتاب المدرسي معرضا للتلف، وهو ما حذرت منه النقابة سابقا، يقول، حينما أكدت عدم تمكن البلدية من تسيير المدارس.
وطرحت النقابة أيضا ملف تقليص البرنامج وتوظيفه، وفق ما يحتاج التلميذ، في إطار مسعى التخفيف من ثقل المحفظة، إضافة إلى ضرورة تمكين الابتدائيات من خدمة الأنترنت لتساير العمل التكنولوجي الميداني والرقمنة، إضافة إلى الاهتمام بأستاذ الطور، مهنيا واجتماعيا، لتحفيزه على مضاعفة أدائه داخل القسم مع تلاميذه "بعيدا عن التسيير القديم شرط عدم إقحام أستاذ الابتدائي في مهام غير بيداغوجية وتعزيز علاقته بالعمل بتوفير كل الوسائل لتهيئة أرضية مناسبة للتلميذ والحد من تراجع المستوى الذي سببه عدم تعزيز قدرات الأستاذ والاهتمام بها". كما طرح حميدات حتمية مرافقة الأستاذ بيداغوجيا، بتكوين المكونين وإحياء الندوات التربوية والتكوين لتنمية قدراته التعليمية والوصول إلى الهدف المنشود، مع ضرورة إعادة بعث المفتشية البيداغوجية لمسايرة الواقع التربوي ومتابعة الميدان وفق استراتيجية سير البرنامج ومدى تطبيقه ميدانيا، لأن المفتشية العامة، حسبه، أصبحت تراقب إداريا بعيدا عن الواقع التربوي.
وقال ممثل أساتذة الابتدائي إن الأستاذ المكون "يصارع" منذ 20 سنة داخل القسم بسبب "حرمانه" من الترقية، حيث أصبحت الإدارة المدرسية "رهن جيل جديد" لم يتعاط مع المدرسة بالشكل المنتظر، وحرم الأستاذ المكون، يوضح حميدات، من حقه داخل هذه الكوكبة من القوانين.
وأوضح المتحدث: "نتمنى من الوزير الجديد مستشار الرئيس سابقا أن يطبق كلام الرئيس ميدانيا"، في إشارة إلى ضرورة إزالة الانسداد الواقع بين الأستاذ المربي والإدارة وتجسيد مطلب مراجعة الرتب والتصنيف والمهام في القانون الأساسي المنتظر، وفق ما صرح به رئيس الجمهورية "لأننا نعاني منذ سنة 2008 إلى اليوم بسبب القانون 08 والقانون المتمم له 12/240 الذي ترك فراغات كثيرة وانسدادات جعلت أستاذ الابتدائي رهينة نقابات مررت القوانين السابقة وفق منتسبيها بعيدا عما يريده الأستاذ، حيث بقيت الصراعات بين الأطوار والفئات إلى غاية اليوم".
وبصفة عامة، فإن نقابة أساتذة الابتدائي تنتظر من القانون الأساسي استرجاع أستاذ الابتدائي مكانته في إطار منظومة أستاذية قائمة، تعتبره هو الحلقة الحقيقية للمساهمة في بناء المدرسة. كما طرح حميدات مشكل عدم تطبيق المرسوم الرئاسي 14/266، الذي أعاد ترتيب أستاذ الابتدائي في الرتبة 12، بسبب "تعنت" بعض النقابات و"الضغط" من أجل عدم تطبيقه "وما نطالب به هو الأثر الرجعي لتطبيق هذا المرسوم مع تطبيق القانون".
وطالبت النقابة أيضا بإعادة تنظيم ملف الخدمات الاجتماعية وتمكين كل الفئات من الاستفادة منها، باعتبارها تساهم في مساعدة وتنمية الجانب الاجتماعي، إضافة إلى المطالبة بإنشاء ديوان وطني للمطاعم المدرسية لتمكين التلميذ من حقه، وفق استراتيجية وقانون واضح.
"آسنتيو".. إصلاح البكالوريا ملف ثقيل ينتظر الوزير
أما ممثل نقابة عمال التربية، بلباقي حسن، فقال إن اللقاء، وإن كان بروتوكوليا، إلا أنه سيكون فرصة لطرح الانشغالات العالقة على رأسها "الثنائية القطبية" التي ينتظرها جميع مستخدمي القطاع، في إشارة إلى القانون الأساسي والنظام التعويضي.
وقال محدثنا إن موظفي التربية يعانون منذ 2008 من "الإجحاف"، سواء في القانون الأساسي أو النظام التعويضي، مشيرا إلى أن الميزانية الكبيرة التي خصصها رئيس الجمهورية لقانون المالية 2025 بمثابة مؤشر كبير على أن النظام التعويضي سيستجيب لتطلعات الموظفين.
ومن بين أهم الملفات التي تنتظر الوزير أيضا، يضيف محدثنا، المناهج، وإن كان القطاع قد أقر بعض التغييرات الطفيفة في الطور الأول من الابتدائي إلا أن المطلوب، حسبه، هو إصلاح كل الأطوار، إضافة إلى ملف إصلاح البكالوريا الذي يمر عبر إصلاح المرحلة الثانوية، بما فيها البطاقة التركيبية والمعاملات والتخصصات ومواد الهوية.
الوزير مطالب باعتماد سياسة "تشاركية" حسب مديري الثانويات
أما نقابة المجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات فأعلنت، على لسان ممثلها يزيد بوعنان، أنها تنتظر أن يكون اللقاء محطة لوضع أرضية عمل بين الوزارة والنقابات، من أجل تجاوز كافة الصعوبات ومعالجة الملفات التي ظلت مكدسة. كما تتأمل من الوافد الجديد للوزارة أن يعتمد سياسة تشاركية تمكن ممثلي مديري الثانويات وباقي النقابات من تقديم رؤى واضحة حول العديد من القضايا والملفات التي تخص القطاع.
وقال محدثنا إن نقابة "كنادال" سبق أن قدمت مطالب ومقترحات دون أن يتم مناقشتها، أو على الأقل، يضيف، التفكير في إيجاد حلول لها من قبل إطارات الوزارة بمختلف مواقعهم وصلاحياتهم، مشيرا إلى أن المطلوب، اليوم، هو تقييم عمل إطارات الوزارة، محليا ووطنيا، والعمل على تجسيد رؤية الرئيس وإرادة الدولة أن يكون لهذا القطاع الأولوية القصوى باعتباره استراتيجيا وحساسا، وذلك، يقول، عبر الاهتمام بالعنصر البشري، سواء أساتذة أو موظفين أو مؤطرين إداريين، على رأسهم مديرو الثانويات وجعلهم في أعلى السلم الاجتماعي حتى يتفرغوا لأداء مهامهم، يقول، على أحسن وجه ممكن.