+ -

أبقى الرئيس تبون في التعديل الوزاري، على الوجود الرمزي للأحزاب في فريقه الحكومي الذي يهيمن عليه أصحاب الكفاءات أو التكنوقراط. إذ احتفظ الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي السابق، الطيب زيتوني، بمقعده مع تقليص لافت لصلاحياته، ودخلت نجيبة جيلالي رئيس المجلس الشعبي الولائي للعاصمة، كوجه جديد إلى الحكومة عن حزب جبهة التحرير الوطني، مقابل تسجيل خروج وزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار من جبهة المستقبل، والتكوين المهني مرابي ياسين، والصيد البحري أحمد بداني، المنتمين أو المقرّبين من حركة البناء الوطني.

أما وزير العدل السابق، عبد الرشيد طبي، فيعدّ حالة خاصة ويمكن تصنيفه خارج حصة جبهة التحرير، فقد كان يشغل مقعدا في الحكومة يوم حصل على عضوية اللجنة المركزية قبل عام، ناهيك إلى أنه استدعي إلى مهام أخرى.

ورغم المطالب التي ترفعها من حين لآخر بعض القيادات الحزبية للذهاب إلى حكومة سياسية، لا يعدّ تقليص حصة الأحزاب مفاجئا في التركيبة الحكومية المتجددة، فقد لمّح الرئيس تبون في حواره التلفزيوني الأول الذي أجراه بعد إعادة انتخابه لعهدة ثانية، عزمه تشكيل حكومة كفاءات، ولم يكن خياره مفاجئا على ضوء أداء بعض الأحزاب والقوى السياسية المؤيّدة له في الانتخابات الرئاسية، إذ غابت لمستها حسبهم في الحملة الانتخابية.

ويضع قرار تقليص حصة الأحزاب السياسية في الحكومة، القيادات الحزبية أمام مسؤولياتهم، وخصوصا قراءة الرسائل المباشرة التي تحملها هذه التعيينات.

كانت هذه الأحزاب قد عبّرت بعد الانتخابات الرئاسية، عن رغبتها في الانضمام للجهاز التنفيذي والاستفادة من حصة في المناصب والمشاركة في إدارة العهدة الثانية من حكم الرئيس تبون.

بعد أن سار العرف على اختيار برلمانيين في الجهاز التنفيذي، وبعد أن ظل منصب وزير العلاقات مع البرلمان حكرا على النواب، غاب المنتخبون الوطنيون عن التعديل الحكومي الواسع للرئيس تبون، بمن في ذلك أعضاء كتلة الثلث الرئاسي الذي يعتبر احتياط جمهورية، على عكس التوقعات بإدراج أسماء منهم في الجهاز التنفيذي، مما قد يعتبر مؤشرا عن فشل المؤسسة التشريعية في إنتاج نخب قادرة على تولي مناصب تنفيذية وحالة اليأس من أدائها، مع استفحال ظاهرة الغياب عن الجلسات وقضايا الحصانة وطغيان خطاب مصلحي يخص الزيادة في الأجور أو متملّق للجهاز التنفيذي. كما سجل غياب المعارضة في التشكيل الحكومي المتجدد، وخصوصا حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية اللتين تعرّضتا لحملات إعلامية وسياسية ضمت التشكيك في وجود صفقة سرية تتضمّن مشاركة قيادات في الحزبين في الحكومة المنبثقة عن الانتخابات الرئاسية مقابل المشاركة في الرئاسيات.

وأشار مصباح حمو، القيادي في جبهة القوى الاشتراكية، في تغريدة له، إلى أن التعديل الحكومي "أخلط الأوراق وأغلق أفواه الكثير من المتربّصين والمشككين الذين يُروّجون عبر منابرهم وصفحاتهم على أن "الأفافاس" عقد صفقة بمشاركته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة".

وفي حواره التلفزيوني في أكتوبر الفارط، وضع الرئيس مقياس الأداء والنتائج ونظافة اليد والسجل قبل كل شيء في اختيار أعضاء الحكومة التي يعتزم تشكيلها. وقال إن اختيار الوزراء بالبقاء أو الرحيل، سيتم وفق مقياس ما تم تطبيقه في اجتماعات مجلس الوزراء وما لم يطبّق منها، وأن التعديل سيكون أيضا بناء على نتائج كل قطاع وكذا الفعالية في تحقيق السرعة في تطبيق قرارات مجلس الوزراء واجتماعات الحكومة.

وتحدّث الرئيس في ذلك الحوار، بأن بعض الوزراء أعطيت لهم فرصة للتكوين وأي وزير جديد المعيار الأساسي لدى اختياره لتولي المسؤولية، أن يكون نظيفا غير مُلوّث من طرف العصابة وممارساتها، مشيرا إلى ضرورة إعطاء فرصة لبعض الوزراء للتكوين، لأنّ أغلبهم يتمتعون بالإرادة لتقديم الأحسن، أما التجربة فتكتسب بالممارسة والمثابرة، مع أن بعض أعضاء الحكومة فشلوا في أداء مهامهم.