بإخطار رئيس مجلس الأمة، صالح ڤوجيل، والوزير الأول، نذير العرباوي، المحكمة الدستورية، أمس، بشأن تعديلات "غير دستورية" في عدة مواد في قانون المالية، الذي جاء من المجلس الشعبي الوطني، تكون الهيئة القضائية، التي يترأسها عمر بلحاج، مدعوة للفصل في هذه الإخطارات في أجل شهر من تاريـخ إخطارها، عملا بالمواد 190 والمادة 194 من الدستور.
ويمكن بحسب المادة 194، تخفيض هذا الأجل إلى عشرة أيام، بطلب من رئيس الجمهورية. وإذا قررت المحكمة الدستورية، بعدم دستورية قانون، فـ"لا يتم إصداره"، عملا بنص المادة 198 من الدستور، وإذا قررت أيضا عدم دستورية أمر أو تنظيم، فإن هذا النص "يفقد أثره، ابتداء من يوم صدور قرار المحكمة الدستورية"، وفق المادة ذاتها.
ويتبين من خلال مواد الدستور والقواعد المنظمة لعمل المحكمة الدستورية، أن إخطارات مجلس الأمة والوزارة الأولى، تقع تحت طائلة المادة 198 من الدستور، ما يعني أن قانون المالية 2025 المصادق عليه، لا يمكن أن يسلك طريقه نحو الإصدار، إلى حين البت في مدى دستورية نصوص المواد الأربع محل الإخطار من قبل المحكمة الدستورية.
وتكون قرارات المحكمة الدستورية نهائية وملزمة لجميع السلطات العمومية والسلطات الإدارية والقضائية، بحسب أحكام الدستور.
وبالعودة إلى أسباب الإخطارات، فإن التقرير النهائي لمجلس الأمة بخصوص مشروع قانون المالية، تحدث عن أربعة تعديلات مواد مناقضة للمادة 147 من الدستور، على أساس أنها أضافت نفقات عمومية دون تعويضها، لكن من دون أن يُفعّل مجلس الأمة آلية التحفظ على المواد وإحالتها على إجراء اللجنة متساوية الأعضاء، التي تستغرق على الأقل أسبوعين، مفضلا سلك مسار قضائي بشأنها على مستوى المحكمة الدستورية.
وكانت المواد محل الإخطارات قد جاءت من المجلس الشعبي الوطني، وتمت الموافقة عليها من قبل اللجنة المختصة والمصادق عليها، وهي تتعارض، وفق أصحاب الإخطار، مع المادة 147 من الدستور، ما جعل مجلس الأمة والوزارة الأولى، يتصديان لها عن طريق إخطار المحكمة الدستورية.
غير أنه من وجهة نظر برلمانية، فإن بعض التعديلات لم تكن تستدعي إخطارات، إذ يرى النائب أحمد ربحي، مندوب أحد التعديلات محل الطعن، أنهم لم يضيفوا في مقترحاتهم أي زيادة ولا نقصان في الضريبة، وكل ما طالبوا به هو ترك الأمور على حالها، مشيرا في اتصال مع "الخبر" إلى أن الحكومة هي من أقرت زيادات ضريبية في المادة 29 من مشروع القانون. ورجح النائب أن تبت الهيئة القضائية في المسألة في أسرع وقت ممكن، قياسا إلى الطابع الاستعجالي للقانون.
وتوقع البرلماني أن تذهب المحكمة الدستورية في نفس اتجاهه، بخصوص إلغاء المادة 29 (معدلة)، كون الحكومة هي من رفعت الضريبة على فئة تصل إلى 1,8 مليون شخص، من 10 آلاف دينار إلى 30 ألف دينار، مناقضة بذلك، حسب المتحدث، تصريحات رئيس الجمهورية، القائلة "عدم تضمن قانون المالية الجديد ضرائب جديدة".
وفي قراءة قانونية، يرى أستاذ القانون الدستوري، موسى بودهان، أن الإجراء الذي اتخذه رئيس مجلس الأمة، بخصوص إخطار المحكمة الدستورية، يعكس "تجسيد مبادئ وأسس دولة الحق والقانون على أرض الواقع العملي"، مفسرا ذلك في اتصال مع "الخبر" بـ"تمسك هيئات وسلطات الدولة بدستور وقوانين الجمهورية"، و"تفعيل ضوابط وآليات الممارسة للديمقراطية السليمة بين مؤسسات الدولة"، و"التطبيق الجديد والسليم لمتطلبات مبدأ الفصل بين السلطات في النظام السياسي على النحو الذي تضمنه دستور 2020".