شارك عدد مهم من صناع السينما العربية والعالمية، في نقاش مفتوح حول واقع ومستقبل السينما في العالم، حيث كشفت الندوة التي احتضنتها مصر في الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي (من 13 إلى 22 نوفمبر 2024) عن دخول العديد من الدول العربية في سباق تنافسي لاستقطاب الإنتاجات السينمائية العالمية، وتطوير قطاع الفن السابع، لما يحمله من أهمية اقتصادية وثقافية وجيوسياسية.
وشارك في النقاش كل من المنتج هشام عبد الخالق، والمخرج عبد السلام الحاج، والمخرج والكاتب السيناريست اليوناني كوستاس فيريس، والمدير الإداري في لجنة مصر للأفلام أحمد بدوي، مستشار هيئة الأفلام السعودية فهد الصويان، والكاتب الأردني عبد السلام الحاج، والمسؤولة بقطاع السينما في الصين سيليا زاهنغ.
وحمل النقاش، الذي جاء بعنوان "الهيئات السينمائية الوطنية العالمية - إنتاج الأفلام عبر الحدود"، مناقشة تعقيدات ومزايا إنتاج الأفلام عبر الحدود، فمع تزايد الطلب على مواقع التصوير المتنوعة وسرد القصص السينمائية عالميا، أصبحت اللجان السينمائية تلعب دورا حاسما في ربط صناع الأفلام بالموارد والمنح والخبرة المحلية عبر البلدان.
وتناولت المناقشات التحديات اللوجيستية والثقافية التي تواجه مشاريع التعاون الدولي والاستراتيجيات الواجب اتباعها لتبسيط خطوات الحصول على التصاريح، ومراعاة قوانين البلاد المختلفة، وسبل تعظيم فوائد هذه المشاريع للاقتصادات المحلية.
وقدم المستشار السعودي خلاصة تجربة المملكة في دعم الصناعة السينماتوغرافية، والتي تبدو الأكثر لفتا للانتباه في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن إستراتيجية المملكة ضمن رؤية 2030، بدأت من خلال تطوير البيئة التشريعية، والبنية التحتية مع إشراك القطاع الخاص في الصناعة السينماتوغرافية، وقد سعت لاحقا لتطوير المواهب وإعداد برامج الدعم المتنوعة التي تحظى بأهمية كبيرة، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وذلك من خلال برنامج "نظام الاسترداد المالي" الذي يمكّن المنتجين الأجانب من الاستفادة من خدمات مالية كبيرة تصل لاسترداد 40 بالمئة من قيمة تكلفة الإنتاج السينمائي، على كل عمل يصوّر داخل المملكة.
ويهدف قطاع السينما إلى خلق فرص عمل للمواطنين السعوديين، حيث يُتوقع تدريب أكثر من 20 ألف من الكوادر المتخصصة في صناعة السينما بحلول عام 2030، وذلك بعد أن بلغ عدد دور السينما في المملكة حوالي 50 صالة سينما، وأكثر من 450 شاشة عرض، وفقا لتقارير رسمية، حيث أعلنت الهيئة السعودية عن استثمار حوالي 17 مليار دولار في قطاع الترفيه بشكل عام حتى عام 2030، ويوجه جزء كبير من هذه الميزانية إلى السينما.
وقد تمكنت المملكة من خلال هذه الإستراتيجية من تصوير أكثر من 10 أفلام عالمية في المملكة منذ عام 2018، أبرزها "فاست أند فيريس" و"دون" و"ستارورز".
من جهته، أشار الكاتب الأردني، عبد السلام الحاج، إلى نظام الاسترداد المالي المعتمد في الصناعة الأردنية، والذي يمكن المنتجين الأجانب من استرداد 30 بالمئة من قيمة إنتاج الفيلم، نظير تصوريهم للعمل في الأردن، كما دخلت الأردن سباق الصناعة السينماتوغرافية منذ 2003، من خلال رسم خطة دقيقة تركز على تحفيز التصوير في الأردن، سواء عن طريق الإعفاء الضريبي، أو فتح المجال لكل المبدعين لتصوير أعمالهم في الأردن دون رقابة مسبقة على النصوص والسيناريو، بالإضافة إلى باقي الامتيازات المتعلقة بخدمات الطيران والإقامة، مع اعتماد نظام "الشباك الموحد" لاستخراج التراخيص.
وأشار المدير الإداري في لجنة مصر للأفلام، أحمد بدوي، إلى أن إستراتيجية مصر في السنوات الأخيرة تركز على القضاء على البيروقراطية التي قد تواجه المنتجين، مؤكدا أن مدة دراسة الملفات ومنح تراخيص التصوير لا تتجاوز الأسبوع.
وأوضح المسؤول المصري أن المنافسة العربية في مجال الصناعة السينماتوغرافية هي ما يدفع بكل بلد اليوم لتقديم أفضل ما لديه من عروض لاستقطاب صناع الأفلام العالميين.
وضرب أحمد بدوي مثلا مع تجربة تصوير مصر لأحد أبرز الأفلام العالمية التي تطلبت استقبال القاهرة لطائرة تضم 250 سينمائيا، مرفقين بمعدات وأسلحة مقلدة وأجهزة تصوير كبيرة من أجل تصوير فيلم أكشن، وقد أصدرت السلطات المصرية قرارا بالسماح لصناع الفيلم بتصوير مشاهد قوية ومعارك بأسلحة حقيقية في محيط الأهرامات، رغم حساسية المكان لأهميته التاريخية، كما قامت بتسهيل عملية دخول الطائرة عبر مطار القاهرة مع إنهاء إجراءات الدخول في أقل من 40 دقيقة.
وتغازل مصر المنتجين العالميين بتخفيضات فندقية تصل إلى 30 بالمئة، وأخرى تتعلق بالطيران من وإلى القاهرة في إطار تصوير الأفلام.
وخلص النقاش إلى أن هناك العديد من الدول العربية ترغب في دخول هذا السباق، بما فيها الجزائر، التي تمتلك مقومات هامة للصناعة السينماتوغرافية.