التقت "الخبر" المخرج الفلسطيني، رشيد مشهراوي، على هامش عرض فيلمه "أحلام عابرة" في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي.
ما الذي دفعك لإنتاج هذا الفيلم تحديدًا في هذه الفترة؟
في الواقع، "أحلام عابرة" ليس مجرد فيلم عن الواقع الفلسطيني أو الصراع السياسي، بل هو فيلم يتناول جوانب أعمق في الحياة اليومية للفلسطينيين، وعلاقة الإنسان الفلسطيني بمحيطه المعاصر.
اخترت هذا الموضوع في هذه الفترة لأنني أعتقد أن الزمن الحالي يعكس نقطة مفصلية في القضايا التي تواجه الفلسطينيين اليوم. الوضع الفلسطيني بات يتطلب مزيدًا من التأمل في كيف تؤثر الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الفرد الفلسطيني وعلى أحلامه وطموحاته. الفيلم يحاول أن يسبر أغوار هذا التوتر بين الواقع المأساوي والأمل الذي لا يفارقنا رغم كل شيء.
نحن في زمن يشهد ضياعًا للأمل، ولكن هذه الأحلام لا تزال تتنقل بين جدران العقول والقلوب، حتى لو كانت عابرة.
الفيلم يبدو مليئًا بالرمزية، سواء في الشخصيات أو الأماكن. هل يمكنك أن تحدثنا عن الرمزية في "أحلام عابرة"؟
الرمزية جزء لا يتجزأ من أي فيلم أقدمه، في "أحلام عابرة"، هناك الكثير من الرمزية التي تكشف عن الطبقات المتعددة للصراع الفلسطيني. على سبيل المثال، لا تمثل الشخصيات مجرد أفراد يعانون من الاحتلال، بل هي تمثل أجزاء من المجتمع الفلسطيني بأسره.
الحلم، في الفيلم، يمثل الأمل الذي يظل حيًا رغم القهر، لكنه يبقى حلمًا غير مكتمل، عابرًا، كما يوحي العنوان. الأماكن أيضًا، سواء كانت طبيعية أو حضرية، هي جزء من هذا الحلم الفلسطيني. في بعض المشاهد، نجد أن الأماكن المفتوحة تحمل وعدًا بالحلم بالحرية، ولكن في مشاهد أخرى، تتحول إلى أماكن مغلقة وموصدة، مما يعكس الحصار الفكري والجغرافي الذي يعيشه الفلسطيني.
كيف ترى العلاقة بين الأمل والواقع في الفيلم؟ هل يمثل الأمل القوة المحركة للشخصيات أم هو مجرد هروب من الواقع؟
في "أحلام عابرة"، الأمل ليس مجرد هروب، بل هو جزء من الحياة اليومية للفلسطينيين. بالطبع، يعيش الناس في حالة من الإحباط بسبب الواقع المرير، لكن الأمل يبقى عنصراً أساسياً في بقائهم على قيد الحياة. الأمل في الفيلم ليس بالمعنى المثالي، بل هو أمل يتشكل وسط الظروف الصعبة. الشخصيات لا تفر من واقعها، بل تحاول التأقلم معه. كل شخصية تحاول أن تجد مسارها الخاص في هذا الواقع المعقد، سواء عبر الحلم أو عبر تحدي الظروف. هناك نوع من المواجهة بين الشخصيات وآمالهم، وبين الاحتلال وظروفهم الحياتية. هذا الصراع الداخلي هو ما يجعل الفيلم نابضًا بالحياة.
يبدو أن الفيلم يعكس تأثيرات الاحتلال على الإنسان الفلسطيني من خلال التوترات النفسية التي تمر بها الشخصيات. كيف استطعت أن تترجم هذا التوتر إلى لغة سينمائية؟
السينما هي أداة قوية لنقل الأحاسيس والمشاعر الداخلية، ومن هنا يأتي استخدامي لأسلوب تصوير يعكس التوتر النفسي للشخصيات. كنت حريصًا على أن تكون الكاميرا دائمًا قريبة من الشخصيات، وتلتقط تفاصيل تعبيراتهم وردود أفعالهم، مما يعزز الإحساس بأن الجمهور يشاركهم تلك التوترات.
كما أن استخدام الأماكن المغلقة والمعزولة، إضافة إلى الإضاءة المعتمة في بعض المشاهد، يعكس حالة الانغلاق التي يعيشها الفلسطيني. كانت الكاميرا هي أداة التعبير عن هذا التوتر الداخلي، تمامًا كما أن المشاهد الطويلة التي تتنقل بين الحلم والواقع تعكس الاضطراب العاطفي للشخصيات.