قصة مجاهدة واجهت السجن والتعذيب بالشعر

+ -

قدم الروائي، لزهاري لبتر، اليوم، في لقاء بمكتبة صوفيا بوهران، تفاصيل حول روايته الأخيرة "انا غريكي، الحب وحرقة في القلب" حول المجاهدة الجزائرية الشاعرة أنا كوليت غريفوار المعروفة باسمها "انا غريكي"، التي ولدت في مدينة باتنة سنة 1931 وتربت في منطقة منعة قرب أريس ودرست في مدينة سكيكدة، وهي من عائلة ذات أصول أوروبية.

اختار لزهاري كتابة قصتها بأسلوب روائي مبينا شغفها بالشعر من خلال كتابة أولى أشعارها في زنزانات سجن بربروس (سركاجي) للتخلص من آلام التعذيب على أيدي المظليين الفرنسيين في فيلا "سيزيني" ومحتشد بني مسوس قبل وضعها في السجن واستيقاظها كل يوم على هتافات "الله أكبر وتحيا الجزائر" بعد تنفيذ الإعدام بالمقصلة ضد المجاهدين.

اتخذت أنا غريكي من الشعر وسيلة للخروج من الزنزانة نحو الحرية وهي الأشعار التي أخرجتها خلسة إحدى السجينات الفرنسيات وتم طبعها سنة 1960 بفرنسا وأعيد طبعها من طرف المناضلة "دونيز بارا" لاحقا.

روى لزهاري أبحاثه لجمع معلومات حول المجاهدة خلال فترة دراستها الجامعية بفرنسا من 1949 إلى غاية 1954 وعلاقتها مع المناضل في الحزب الشيوعي أحمد اينال الذي سقط شهيدا بعد إلقاء القبض عليه إثر اشتباك مع الفرنسيين بمنطقة تلمسان وقام الضابط الفرنسي بفقع عينيه وحرقه بعد أن رفض إفشاء أسرار المنطقة التي كان ينشط فيها.

افترقت انا مع أحمد بعد دخوله للجزائر والتحاقه بالعمل المسلح، واصلت غريكي دراستها في الجزائر العاصمة ثم بعد توقيفها للمرة الأولى للاشتباه في مساندتها للثورة انتقلت نحو عنابة واشتغلت معلمة لسنة واحدة قبل أن تعود للعاصمة ويتم القبض عليها في محطة القطار وتعذيبها في فيلا "سيزيني" بأعالي المرادية وتحويلها لاحقا نحو سجن بربروس، وبعد 18 شهرا من السجن تم تحويلها إلى مركز الفرز ببني مسوس وطردها نحو فرنسا بمدينة "افينيون"، أين تزوجت.

 بعد الاستقلال رجعت انا إلى الجزائر عبر الحدود التونسية واستقرت بالعاصمة وأصدرت أول مجموعة شعرية بعنوان "الجزائر عاصمة الجزائر البيضاء" تتكون من 30 قصيدة، حول سنوات السجن وطفولتها في منطقة منعة قرب أريس مع صديق الطفولة "نجاي" وقصائد أخرى لروح أحمد اينال. اشتغلت بجريدة " الثورة الإفريقية" ثم بوزارة السياحة وأستاذة اللغة الفرنسية بثانوية "الأمير عبد القادر" وكانت عضوة في اتحاد الكتاب الجزائريين رفقة خدة ومعمري والأشرف وكاتب ياسين وبن هدوقة وجمال عمراني وآخرون من رفاق درب الكفاح من استقلال الجزائر. تأثرت كثيرا بقانون الجنسية الذي حرمها من الجنسية الجزائرية لأنها من أصول أوروبية رغم مولدها في باتنة ونضالها في الثورة.

توفيت المناضلة بمستشفى باشا متأثرة بمرض نادر أثناء عملية الولادة، وظف الروائي هذه الجزئية بإعطاء اسم للمولودة الجديدة "حورية" ليحاول رواية قصة هذه المجاهدة التي ضحت بكل شيء من أجل الجزائر.

عبر لزهاري في الأخير عن أمنيته في تخليد روح انا غريكي بإطلاق اسمها على أحد الشوارع أو الساحات العمومية أو مؤسسة في المناطق التي عاشت فيها مثل باتنة ومنعة وعنابة وسكيكدة والجزائر العاصمة.