مع مرور أكثر من 40 يوما على منع الاحتلال الصهيوني إدخال أي مساعدات أو بضائع لمئات آلاف السكان المحاصرين شمال قطاع غزة، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الجهات الرسمية المعنية والمنظمات الدولية والأممية المختصة بإعلان المجاعة رسميا، بينما تتعرض المنطقة لمزيد من المجازر الإسرائيلية الوحشية التي يذهب ضحيتها يوميا عشرات الشهداء الفلسطينيين، خلال قصف قوات الاحتلال المربعات السكنية التي يؤوي إليها السكان الباقون في المنطقة، بهدف تهجيرهم من أرضهم قسرا.
في اليوم الأول بعد الأربع مائة من العدوان على غزة، استشهد أكثر من 41 فلسطينيا في قصف للاحتلال الإسرائيلي منزلين بمدينة غزة وجباليا البلد، فيما يمنع جيش الاحتلال، لليوم 19 على التوالي، طواقم الدفاع المدني من الوصول إلى المناطق المستهدفة، ما يتسبب في إعاقة عمليات الإنقاذ وسط تفاقم كارثي وغير مسبوق للوضع الإنساني من جراء توقف كل الخدمات في المنطقة بسبب استهداف القوات الإسرائيلية الطواقم الطبية وفرق الإسعاف وعناصر الدفاع المدني، إلى جانب منع دخول أي نوع من أنواع المساعدات من غذاء وماء ودواء لأكثر من شهر من الزمن، ما جعل المنطقة على وشك الدخول في حالة مجاعة رسميا.
وقال المرصد الأورومتوسطي، في بيان له أمس، إن عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم عشرات المرضى في ثلاثة مستشفيات شمال قطاع غزة، يواجهون خطرا محدقا بالموت جوعا أو الخروج بتداعيات صحية دائمة جراء الحصار الإسرائيلي غير القانوني، موضحا أن إسرائيل تمنع إدخال أي مساعدات إنسانية إلى شمال غزة منذ 25 سبتمبر الماضي، وفي 1 أكتوبر الماضي منعت إدخال البضائع، لتبدأ بعد أربعة أيام شن هجوم عسكري واسع مازال مستمرا ضد جميع السكان في جباليا وبيت لاهيا، فصلت بموجبه بشكل فعلي محافظة شمال غزة عن باقي قطاع غزة.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه على مدار 36 يوما، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتدمير والقصف مئات المنازل ومراكز الإيواء هناك وقتلت نحو 1900 فلسطيني وأصابت أكثر من 4 آلاف آخرين وأجبرت عشرات الآلاف على النزوح قسرا من المحافظة، فيما لا يزال عشرات الآلاف في المنازل ومراكز الإيواء، مشيرا إلى أن السكان في شمال غزة مازالوا يقبعون تحت حصار خانق ويتعرضون لقصف متواصل ومتعمد ويبقون بلا إمدادات طعام أو ماء أو علاج، فيما يصبح هدفا للاستهداف المباشر والقتل من الطائرات المسيّرة كل من يحاول الخروج بحثا عن طعام أو ماء. ونبه المرصد إلى أن الفلسطينيين الذين يواجهون حاليا أسوأ أيام التجويع والقصف والتهجير لم يكونوا تعافوا أصلا من موجات التجويع السابقة التي برزت في محطات مختلفة نهاية العام الماضي وعدة مرات في الأشهر السابقة.
قوافل الشهداء تتوالى في جرائم صهيونية يومية
استشهد، أمس، 41 فلسطينيا بينهم 13 طفلا وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف منزلين بمدينة غزة وآخر يؤوي نازحين في جباليا البلد شمالي القطاع، حيث قصف جيش الاحتلال منزلا مكتظا بالسكان والنازحين لعائلة علوش في منطقة جباليا البلد، ما أسفر عن تدمير المنزل بشكل كامل، بينما تمكن المدنيون من انتشال 32 شهيدا بينهم 13 طفلا، إضافة إلى عدد كبير من المصابين، فيما لا يزال عدد من المفقودين تحت أنقاض المنزل المدمر ولا تتوفر أي إمكانيات لإخراجهم. من جهته، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، في تصريحات إعلامية، إن كل مستشفيات الشمال خرجت من الخدمة بسبب غارات الاحتلال. وأضاف الثوابتة أن الاحتلال يقصف المدنيين وقوات الدفاع المدني، مؤكدا أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني تطهير عرقي وسط صمت دولي.
كما قال الدفاع المدني في غزة إن 5 فلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون جراء غارة إسرائيلية استهدفت فجر أمس منزلا في محيط مفترق المغربي بحي الصبرة جنوبي مدينة غزة، فيما استهدفت غارة جوية في وقت مبكر أمس حي تل الهوى جنوب غربي المدينة، كما أطلقت آليات إسرائيلية، بالتزامن مع ذلك، النار في الأطراف الجنوبية من حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة أن عدد الشهداء بلغ 43 ألفا و603 على الأقل، فيما أصيب 102 ألف و929 في العدوان الإسرائيلي على غزة، المتواصل منذ أكتوبر 2023. ومنذ 5 أكتوبر الماضي يشن جيش الاحتلال هجوما واسعا شمالي قطاع غزة، ضمن خطة تهدف إلى عزل المنطقة، ما أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 1500 فلسطيني وتهجير آلاف نحو مدينة غزة خصوصا.
وبينما تؤكد التقارير الفلسطينية والأممية أن مئات الشهداء في شمال غزة من المدنيين، يزعم جيش الاحتلال، الذي أقر أنه قتل ألف فلسطيني واعتقل ألفا آخرين في محافظة الشمال التي تتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ أكثر من شهر، أن هؤلاء كانوا "عسكريين".
"الأونروا" تتهم الاحتلال باستخدام الجوع سلاحا ضد الفلسطينيين
ومع استمرار جيش الاحتلال في هجومه على شمال القطاع، قال مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن من المحتمل أن تحدث مجاعة في شمال غزة. واتهم لازاريني إسرائيل باستخدام الجوع سلاحا وقال إنها تحرم الناس في غزة من الأساسيات، بما في ذلك الطعام اللازم للبقاء على قيد الحياة.
وكان مدير "مستشفى كمال عدوان"، حسام أبو صفية، قد دعا لتوفير الإمدادات الأساسية وخدمات الإسعاف والمستلزمات الطبية، مع بدء ظهور حالات مقلقة من سوء التغذية والمجاعة بين الأطفال والبالغين في ظل تواصل الحصار الإسرائيلي. وتحدث أبو صفية، في بيان، عن المعاناة التي يواجهونها في توفير حتى وجبة واحدة في اليوم لعمال المستشفى الواقع بمحافظة شمال قطاع غزة، وسط نقص حاد في المواد الغذائية واللوازم الطبية، ووصف ما يقوم به الاحتلال من حرب إبادة "بالهجوم المنهجي على نظامهم الصحي، حيث تفقد أرواح كل يوم بسبب نقص الرعاية المتخصصة والموارد"، معربا عن أسفه الشديد لتلقي مكالمات محزنة عن أشخاص محاصرين تحت الأنقاض أمام عجزهم عن مساعدتهم.