"الأدب الإفريقي يجب أن يكون مرآة المجتمع الإفريقي"

+ -

أكد الكاتب والسياسي، كونا كواديو سيميون، من كوت ديفوار، وصاحب كتابي "النموذج الديمقراطي لإفريقيا ذات سيادة ومزدهرة" و"إفريقيا فرنسا.. شروط المستقبل"، أنه على "السلطات العليا للبلاد الإفريقية أن تعطي اهتماما أكثر بالثقافة". واعتبر في حوار لـ"الخبر"، أن تخصيص فضاء لإفريقيا في صالون الجزائر الدولي للكتاب هو "رمز للوحدة وفرصة للكتّاب الأفارقة للحديث عن الأدب الإفريقي وتقديمه".

 

هل يمكن أن تعطينا صورة عن الثقافة والأدب في كوت ديفوار؟

في كوت ديفوار الأدب في مكانة جيدة، عرفنا كتّاب كبار في بلادي، على غرار برنار داديي وأمادو كوروما، واليوم أكثر فأكثر الشباب الإيفواري يتجه نحو الكتابة والأدب بأشكال مختلفة، في الثقافة عموما نحن مرتبطون أكثر بثقافتنا وأصالتنا ونستمر في دعوة السلطات العليا للبلاد، أن تعطي أهمية أكثر للثقافة عن طريق ترقية موروثنا وأن لا نرتكب الأخطاء بتركه.

 

دائما إفريقيا متواجدة في صالون الجزائر الدولي للكتاب، ما رمزية ومعنى ذلك بالنسبة لك ككاتب إفريقي من كوت ديفوار؟

إنه شرف كبير أن تكون إفريقيا التي يروي تاريخها الآخرون في صالون الجزائر للكتاب، المهم ليس على المستوى القاري فقط، بل على مستوى العالم، وسنحاول أن نتحدث اليوم عن تواجد إفريقيا في الأدب ليس فقط في القارة لكن أيضا خارجها، بكل بساطة هذا التواجد هو رمز للوحدة ويمثل فرصة كبيرة بالنسبة لنا ككتاب أفارقة لتقديم الأدب الإفريقي والتعريف به.

 

حتى يومنا هذا لا يوجد تعاون إفريقي وشراكة حقيقية في مجال النشر، لماذا في رأيك وما هي الحلول؟

حقيقة هو مشكل كبير وأعتقد أن هذا النوع من المبادرات (تخصيص جناح لإفريقيا في صالون الكتاب) وهذا النوع من اللقاءات (ندوة الكتاب الأفارقة) تساهم بالتأكيد في بلورة حلول معا، وأظن أن المسألة أيضا لها علاقة بالإرادة السياسية للدول، أظن أن حكوماتنا عليها أن تعي أهمية الثقافة في تنمية بلداننا وشعوبنا وأن ندرك أن الأدب وسيلة لترقية هذه الثقافة، وأعتقد أن المسألة أساسا لها بعد سياسي وتعود للجانب السياسي أيضا.

 

رغم الفقر ونقص الإمكانيات، إلا أن الأدب الإفريقي يحتل مكانة مرموقة في العالم، ما الذي يميز الأدب الإفريقي في رأيكم؟

يتميز الأدب الإفريقي بأصالة كتّابه وشجاعتهم، كما تعلمون، فإن الأدب هو تعبير آخر عن الحياة التي نعيشها، ونعلم جميعا أن قارتنا تواجه عددا من الصعوبات والتحديات. لدينا في إفريقيا أدب ملتزم على المستوى السياسي وعلى مستوى التنمية، وهو متعلق بما يحدث في المجتمعين وبتطور وتقدم المجتمع، فنحن نشكل أدبا أصيلا والذي يبحث في الملفات والأدراج المغلقة وهذه هي أصالة هذا الأدب.

 

هل توافق القائل بأن "معرفة الذات تبدأ بتلك المتعلقة بمعرفة الجذور"؟

إنها حقيقة أكيدة وأساسية ومرجعية الثقافة مثل الروح، لذلك يقال إن إهمال الثقافة هو إهمال للروح وضياعها هو ضياع للروح، الثقافة كل ما هو سمات تتعلق بالفرد، وهي نتاج فردي، والثقافة هي ما يميزك عن الآخر ولهذا هذه المقولة حقيقة.

 

كما يقول الروائي السينغالي المعروف محمد مبوغا سار "الأدب هو وجهة نظرنا حول العالم، لا يوجد فرق بين الحياة والأدب" هل توافقه الرأي؟

أنا موافق الأدب هو التعبير عن الحياة وشكل آخر من أشكال الحياة.

 

فهل استطاع الأدب الإفريقي أن يقدم صورة حقيقية عن المجتمعات الإفريقية؟

أظن أننا يمكن أن نقدّم أكثر وأفضل، الأدب الإفريقي يجب أن يكون بشكل ما مرآة المجتمع الإفريقي وقد تم عمل الكثير في هذا الاتجاه وأعتقد أننا يمكن أن نقدّم أفضل، خاصة اليوم مع منافسة التكنولوجيا الحديثة المتطورة جدا ومع شبكات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، فعلى الأدب الخالص أن يضاعف جهوده بشكل ما، عليه أن يُؤصّل ويعيد بناء الصورة الحقيقية للقارة.

 

آخر كتاب لكم "إفريقيا – فرنسا .. شروط المستقبل" ماذا أردت أن تقول من خلال هذا الكتاب؟

هو نوعا ما مساهمتي باتجاه فرنسا حول علاقتها بإفريقيا والتي لا تعرف أحسن أيامها، ولا في مكانها الصحيح والتي بصدد فقدان الكثير من مستعمراتها السابقة، وما يتعلق بإفريقيا الغربية خاصة، وهذا بسبب عدد من السلوكات ومن الوقائع والحقائق. هذا الكتاب يحاول تعداد هذه الوقائع والتصرفات المتعالية لفرنسا وما قامت به اتجاه بلداننا، ولا أعرف هل عليّ أن أقول ما قامت به أو ما لم تقم به. والأكيد الجميع يفهم القصد، وأنا قدّمت في الكتاب الشروط التي تسمح بوجود علاقة مستقبلية بين إفريقيا وفرنسا. وأن يكن لهذه العلاقة مستقبلا، بمعنى الاستمرار بهدوء في اتجاه المصلحة والمنفعة المتبادلة وإلا فالعلاقة لن تكون إلا مستقبلا مبهما ولا يمكن التنبؤ به.

 

هل يمكن أن تحدّثنا عن بعض هذه الشروط التي وردت في كتابك؟

من بين هذه الشروط هو التغيير الجذري للبراديغم بين نظرة فرنسا لبلداننا وسلوك الرسميين الفرنسيين تجاه الرسميين الأفارقة، حان الوقت أن الرسميين الفرنسيين يدركون أن رئيسا فرنسيا هو في المكانة نفسها وبقيمة رئيس إفريقي، ورئيس إفريقي في مكانة ومقام الرئيس الفرنسي، وحان الوقت أن يوقفوا تعاليهم وأبويتهم وتدخلهم الدائم في شؤون دولنا وبكلمة إنه حان الوقت ليحترموا أنفسهم، باعتبار أن إفريقيا هي دول بحكومات تستحق الإحترام والتقدير من الغرب والشرق.