"المجازر المرورية" تزحف نحو الجنوب

+ -

لا يتوقف "غول" حوادث المرور عن حصد الأرواح ليس بالمناطق الحضرية الكبرى فحسب، بل حتى في المناطق الجنوبية التي شهدت مجازر مروعة خلال الأيام الأخيرة، مثلما حدث مساء أول أمس على مستوى الطريق الوطني رقم 1 اتجاه تمنراست بلدية ودائرة عين ڤزام، إثر تفحم 7 أشخاص وإصابة 19 آخرين بجروح في اصطدام بين سيارتين نفعيتين. وقبلها بمنطقة البرمة الحدودية 430 كلم عن ولاية ورڤلة، التي عاشت مأساة وفاة 11 شخصا، وإصابة آخر بجروح عقب اصطدام حافلة صغيرة لنقل العمال تابعة لإحدى الشركات بشاحنة ذات مقطورة بالمنطقة المسماة "بيران".

رغم المخططات الأمنية التي تحرص مصالح الشرطة والدرك على وضعها لتأمين حركة المرور وتوفير جو من الانسيابية، ومحاولة التخفيف من حدة حوادث المرور، إلا أن ذلك لم يحل مشكل نزيف الطرقات، ما أثار استياء الجزائريين في الفضاء الأخضر، حيث تداولوا مقاطع فيديو وصور الحافلة المتفحمة لحادث عين ڤزام على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلق أحدهم قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله، أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم في حوادث المرور، ماذا يحدث؟". وأضاف آخر: "يجب إعادة النظر في تسليم رخصة السياقة.. السرعة الفائقة السبب الرئيسي لهذه المآسي المرورية".

في الموضوع، يقول العميد أول رابح زواوي، رئيس مكتب الاتصال بمديرية الأمن العمومي للمديرية العامة للأمن الوطني، في تصريحه لـ"الخبر"، أمس، إن ظاهرة حوادث المرور تحولت من إشكالية إلى ظاهرة خطيرة تتطلب إدارة الأزمات على مستوى طرقاتنا، وذلك من خلال استباق المخاطر واستشراف النتائج لتجنب حوادث المرور، خاصة خارج نقاط المراقبة المرورية الثابتة.

وأوعز محدثنا أسباب تنامي هذه الحوادث بالمناطق الجنوبية المفتوحة لحركة السير، نظرا لميزتها بقلة الحركة، ما يجعل السواق يقعون في فخ الإفراط في السرعة التي تبقى من أبرز أسباب مجازر الطرقات، خاصة في حالة ما إذا كانت مفاجآت على مستوى الطرقات، فضلا عن تقلبات الأحوال الجوية وشساعة خطوط النقل على مستوى مناطق الجنوب.

كما توقف زواوي عند عوامل أخرى لا تقل خطورة، وهي الثقة الزائدة في التحكم في القيادة بدواعي الكفاءة المكتسبة، وعدم أخذ قسط من الراحة الكافي، وعدم احترام المدة القانونية للسياقة خاصة لدى أصحاب المسافات الطويلة، دون أن ننسى الأسباب الخفية المتمثلة في التعب والنعاس، فضلا عن عدم احترام السرعة القانونية، وغياب روح المسؤولية لدى بعض السواق.

في الأخير، يرى ممثل مديرية الأمن العمومي إلزامية الارتقاء إلى مرافع الذكاء المروري المبني على ثلاث ركائز أساسية، وهي اليقظة المرورية من خلال استباق المخاطر واستشراف النتائج، وذلك بالتحكم في المعلومات المرورية الاستراتيجية لغرض السيطرة على المتغيرات واضطرابات البيئة المرورية.

ويضيف أنه علاوة على ذلك يجب توفير آليات الحماية والوقاية، من خلال تبني استراتيجية تكوينية مدروسة، في إشارة إلى إلزامية التكوين المتخصص للسواق الاحترافيين، ناهيك عن الارتقاء بآليات التأطير المروري عن طريق تفعيل كل قنوات الاتصال والإعلان المتاحة، وفق أنظمة معلوماتية مبنية على الاستمرارية والشمولية للتأثير المروري، لغرض التغيير الإيجابي في سلوكيات مستعملي الطريق.

ويتابع زواوي "أن المديرية العامة للأمن الوطني  جاهزة بكل الوسائل والتقنيات التكنولوجية المتاحة للوقاية من حوادث المرور، على أن تكون هناك حوكمة مرورية مبنية على الشراكة والتنسيق والشمولية لوقف نزيف الطرقات".

في السياق نفسه، أكد المدير الفرعي للإحصائيات والإعلام لدى المديرية العامة للحماية المدنية، الرائد نسيم برناوي، أن العنصر البشري وراء ارتفاع حصيلة حوادث المرور الخطيرة التي شهدت تصاعدا في عدد الوفيات بسبب السياقة المتهورة وعدم احترام قانون المرور.

وأوضح برناوي، عبر "الخبر"، أن حصيلة حوادث المرور تجاوزت 1600 قتيل منذ بداية السنة، وهي تحصد من 35 إلى 40 قتيلا أسبوعيا، وهذا راجع، حسبه، بالدرجة الأولى إلى التصرفات والسلوكيات السلبية لكافة مستعملي الطرقات، خاصة في أقصى الجنوب، والذي رغم قلة حركة المرور به وحوادث المرور، إلا أن الأسباب البشرية تحتل المرتبة الأولى لمجازر الطرقات التي تعرف منحى تصاعديا خلال السنوات الماضية، وفي مقدمتها السهو وعدم الانتباه والسرعة المفرطة، إضافة إلى عدم صيانة المركبات، وذلك رغم الإجراءات والقوانين الردعية والحملات والتدابير الوقائية والتحسيسية والردعية.