مشروبات الطاقة.. قنابل غذائية في علب جذابة

+ -

انتشرت بين فئة الشباب والمراهقين، خلال السنوات الأخيرة، موضة الاستعانة بمشروبات الطاقة لتحفيز الجسم وتنشيطه، إلا أن هذه المشروبات المعبأة في قارورات جذابة بنكهات مختلفة قد تخفي وراء طعمها المنعش أضرارا جسيمة تهدد الصحة.

 تحتوي مشروبات الطاقة على تركيبة معقدة من الكافيين والسكريات والمواد المنبهة الأخرى التي تعمل على زيادة اليقظة والطاقة بشكل مؤقت، ولكن هذه الزيادة المفاجئة في الطاقة تأتي بثمن باهظ، حيث ترتبط بتأثيرات سلبية عديدة على الجسم.

وتشير دراسات إلى أن علبة واحدة من هذه المشروبات ستكون مثل إعطاء طفل ثلاثة أكواب من القهوة مع 12 ملعقة صغيرة من السكر.

وخلال جولتنا في بعض المؤسسات التربوية وكذا المرافق الترفيهية، لاحظنا إقبال شباب وفتيات من مختلف الفئات العمرية وخاصة لدى المراهقين على المشروبات الطاقوية، مختلفة الأذواق مثل النعناع، التوت، الفراولة وغيرها معبأة في قارورات بلاستيكية أو عبوات حديدية بألوان مختلفة وجذابة في الوقت نفسه، خصوصا الأبيض، الأخضر، الأسود، الزهري وهي الأكثر انتشارا.

وأكد العديد من التجار ممن تحدثنا إليهم أن المشروبات الطاقوية أصبحت بديلا للعصائر والمشروبات الغازية، خاصة عند الارتفاع المحسوس لدرجات الحرارة، حيث يزيد معدل الطلب عليها ويفضلونها باردة لإنعاش عطشهم، بالإضافة إلى اعتمادها بكثرة من قبل الرياضيين وبين من يشكك في تأثيرها يبدي البقية رغبة ملحة في تجريبها، رغم تحذيرات من خطورة الإفراط في استهلاكها على الصحة.

 "مشروبات الطاقة تسبب العقم واضطرابات هرمونية"

و في حديثه مع "الخبر"، حذر أخصائي الصحة العمومية، الدكتور محمد كواش، من أضرار الاستهلاك المفرط لمشروبات الطاقة، خصوصا بعد رواج منتجات جديدة بين شباب وفتيات، حيث أرجع المختص الإقبال عليها إلى تحولها لموضة وشكل من أشكال المباهاة دون الانتباه لأضرارها الصحية والنفسية.

وأضاف أن هذه المشروبات انتشرت في السنوات الأخيرة وأصبح يروج لها عبر وسائل الإعلام الأجنبية، وكذلك في بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها  مشروبات طاقة تعطي نشاطا بدنيا خلال ممارسة الرياضة، وحتى فيما يتعلق بالجانب الجنسي... إلخ.

كما أشار إلى أن بعض هذه المشروبات تحتوي على مواد خطيرة جدا كالهرمونات الأنثوية التي تكسب الجسم الرشاقة، وبالتالي اكتساب عضلات، بالإضافة إلى أنها تحتوي على بعض المواد الطاقوية أو الجزيئات الطاقوية التي تؤدي في أغلب الأحيان إلى أمراض خطيرة جدا كاضطرابات التوازن، اضطرابات الذاكرة والزهايمر، بشكل مبكر، وكذلك تؤدي إلى مشكلة الإدمان عليها لاحتوائها على نسبة الكافيين بشكل كبير جدا.

وتابع "هنالك ترويج كبير لهذه المشروبات، من خلال الصور الموجودة على العلب وكذلك الحملات الإشهارية  على أنها مشروبات طبيعية بدون مواد اصطناعية، إلا أنها تحتوي في بعض الأحيان حتى على مواد ممنوعة في دول العالم كالمواد الكيميائية الخطيرة وبعض الهرمونات،  بالإضافة إلى بعض الأجزاء من الحيوانات كلحم الخنزير".

وأوضح المتحدث "فيما يتعلق بأخطار المشروبات الطاقوية، أن هذه المشروبات ممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسكتة القلبية، حيث سجلت الكثير من حالات الوفيات بالسكتة القلبية في مختلف دول العالم بسببها. وأكد أن هذه المواد في أغلب الأحيان تعتبر ممنوعة طبيا، إلا أنه للأسف يعمل أصحاب هذه الشركات لتسليط الضوء على هذه المنتجات والترويج لها دون النظر إلى أخطارها".

وفي السياق ذاته، ذكر كواش أن إدمان الشباب على هذه المشروبات لا يؤدي فقط إلى الاضطرابات الهرمونية في أجسامهم، بل ممكن أن يتسبب لهم حتى في الإصابة بالعقم بشكل كبير.

وكشف المختص أن بعض المنتجات تم تحريمها في كثير من دول العالم، نظرا لخطورتها وتسببها في السكتة القلبية أو الوفاة السريعة جدا لأنها تنشيط الدورة الدموية بشكل كبير، كما أنها تنشط الجانب الجنسي عند الشباب وهذا الأمر يعتبر خطيرا جدا.

وتحدث الدكتور أيضا عن تأثير مشروبات الطاقة على الجانب النفسي، وهو ما يغيب عن الشباب الذين يتناولونها بكثرة، حسبه. وكشف بأن هذه الأخيرة تؤثر على الأعصاب بشكل كبير، كونها سبب في الإصابة باضطرابات في النوم ونوبات عصبية، وكذا القلق والتوتر والاكتئاب، والزهايمر والشيخوخة المبكرة.

"مشاكل صحية خطيرة وراء مشروبات الطاقة''

من جهتها كشفت أخصائية التغذية خديجة بن علال، في تصريح لـ "الخبر"، أن أضرار مشروبات الطاقة راجعة لمكوناتها التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر والمضافة لهذه المشروبات، والتي من شأنها رفع مستوى الأنسولين في الدم، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين وكذا الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وتشحم الكبد الذي أصبح يصيب الكثير من الأشخاص في الآونة الأخيرة.

وأكدت أنه في حالة إذا كانت مشروبات الطاقة مكتوب عليها "صفر سكر" تعني بذلك أنه تم استبدال السكر الأبيض بمحليات أخرى صناعية كيميائية، والتي سيكون تأثيرها أسوأ من تأثير السكر الأبيض على الصحة، سيما وأن المحليات الصناعية لا تؤثر على نسبة السكر في الدم، كما أنها لا تحتوي على سعرات حرارية، إلا أن لها تأثير كبير على الجهاز العصبي "الدماغ" الذي يعتبر المسؤول الأول على التحكم في كل أنحاء الجسم.

وقالت بن علال أن المشروبات الطاقوية تسبب الإدمان عليها، وهذا راجع إلى مادة الكافيين الموجودة فيها، مضيفة "أصبحنا نرى بأن الكثير من الأشخاص باتوا مدمنين على القهوة، وهذا راجع للتناول المفرط لهذا المشروبات".

وأشارت إلى "أن فنجانا أو فنجانين من القهوة في اليوم مفيدة لصحة الجسم، إلا أنه في حالة الإفراط من مادة الكافيين في الشاي أو القهوة وحتى في المشروبات الطاقوية، فإن هذا الأمر يصبح خطرا على الصحة، وهذا الأمر الذي بتنا نراه في المشروبات الطاقوية التي يقبل عليها الشباب بشكل مفرط من أجل الحصول على الطاقة".

وفي السياق ذاته، كشفت أخصائية التغذية أنه من الأمراض والمشاكل الصحية التي تسببها مشروبات الطاقة مقاومة الأنسولين، السكري من النوع الثاني، تشحم الكبد، ارتفاع الجليسيرين وهو الدهون الثلاثية التي  ترتفع في الدم، وبالتالي يمكنها أن تسبب انسدادا في الشرايين، الإدمان والقولون العصبي وحتى الالتهابات على مستوى المعدة، بالإضافة إلى السمنة، خاصة وأن هذه المشروبات تحتوي على كمية كبيرة من السكريات والسعرات الحرارية التي تزيد من نسبة السمنة عند المراهقين، فضلا عن سحب الكالسيوم من العظام، مما يقد يسبب هشاشة وترقق العظام.

علاوة على ذلك، صرحت المتحدثة أن مشروبات الطاقة تؤثر على صحة الأسنان، خاصة المشروبات الغازية التي تحتوي على حمض من شأنه إعطاء الانتعاش، إلا أنه يبقى  حمضا يؤثر مباشرة على الغلاف الخارجي للأسنان ويسبب تسوسها، بالإضافة إلى أن السكر الموجود في مشروب  الطاقة سيزيد من تكاثر البكتيريا على مستوى الفم.

وفيما يتعلق بالوقاية من مخاطر هذه المشروبات الغازية، قالت المختصة أنه يفترض على جميع المراهقين وحتى الشباب ممارسة نشاط رياضي بانتظام، والتسجيل في نشاط رياضي سواء بقاعة رياضية أو في الهواء الطلق، فضلا عن استبدال المشروبات الطاقوية وذلك بالاعتماد على كمية كافية من المياه.

كما أوضحت أنه لا داعي للبحث عن حلول أخرى أو تعويض هذه المشروبات بالعصائر، لأن حتى هذه العصائر لديها أضرار على الصحة خاصة فيما يتعلق بالمشروبات الغازية، التي تؤثر بشكل سلبي على الجسم.