اعتبرت شركة غاز فرنسا أن مراجعة سياسة العقود طويلة الأجل في تموين أوروبا بالغاز، يعد ضرورة ملحة في الفترة القادمة للإبقاء على تنافسية الغاز كأحد المصادر الهامة للتموين بالطاقة في القارة العجوز. ويتصادم ذلك مع مصلحة الجزائر التي ترفض تغيير التموين بهذه الصيغة خوفا من انعكاساتها المباشرة على تقلص موردها الأساسي من العملة الصعبة.وأوضح جون فرانسوا سيريلي، نائب مدير غاز فرنسا التي تعتبر أكبر ممون بالغاز لأوروبا، أن البديل في الفترة القادمة سيكون إيقاف العقود طويلة الأجل، مشيرا خلال زيارته للنرويج إلى أن العقود التي تربط الممونين، مثل غاز بروم الروسية وسوناطراك الجزائرية وستاتويل النرويجية، مع الدول الأوربية يجب أن تتحول إلى عقود تخضع لميكانيزمات السوق دون أن تكون مربوطة بسعر البترول، مثلما يحدث في بريطانيا. وترغب غاز فرنسا في رفع احتياطاتها من البترول والغاز إلى 1 مليار برميل، من خلال رفع أصولها في حقول البترول والغاز النرويجية، التي تضمن حاليا 40 بالمائة من إنتاجها.وتعاني شركات الغاز التابع للقطاع العام في فرنسا وألمانيا وباقي الدول المستوردة للغاز، من خسائر بمئات الملايين من الدولارات، جراء بقاء أسعار الغاز التي تشتري بها في مستويات مرتفعة رغم تراجعها في الأسواق الآنية، خاصة بعد ظهور طفرة الغاز الصخري التي خفضت بشكل كبير من أسعار الغاز، ودفعت بالعديد من التحليلات إلى توقع أن تحرر أسعار الغاز من الارتباط بأسعار البترول. ومعلوم أن الجزائر ترفض بقوة أي محاولة لربط أسعار الغاز بالعرض والطلب، حتى تتغير أسعاره يوميا مثل البترول، ويباع فيما يعرف بـ«أسواق سبوت” أي بعقود قصيرة الأجل، وتصر في المقابل على العقود طويلة الأجل، حتى تحتفظ الأسعار بالثبات لمدد طويلة. ومعروف أن قطر تناسبها جدا العقود قصيرة الأجل، لأنها تبيع الغاز المميع عبر الناقلات العملاقة، أما الجزائر وروسيا فليس من مصلحتها ذلك، وعليها أن تدافع على إبقاء العقود طويلة الأجل قدر المستطاع.وكان الفارق بين ما تشتري به أوربا الغاز من خلال العقود طويلة الأجل وبين سعر الغاز في الأسواق الآنية (سبوت)، قد تسبب في مطالبة مجمع “إيني” الإيطالي شركة “ستاتويل” النرويجية بدفع 10 ملايير أورو، كتعويض عما اعتبرته تضخيما للفواتير في عقود التموين بالغاز. وبررت “إيني” دعواها القضائية بتطبيق “ستاتويل” أسعارا مرتفعة جدا عن مستوى أسعار السوق الحالية، بالاستناد إلى تقرير أصدرته مؤسسة نرويجية متخصصة.وتعاملت سوناطراك مع هذه الأزمة من خلال إستراتيجية إعادة التفاوض على الكميات المستوردة مع زبونها الإيطالي، فتم تقليصها بـ7 ملايير متر مكعب في سنة 2013، من خلال إعادة النظر في 16 عقدا يربطها بالجزائر، حيث قامت “إيني” و«إنيل” و«إيديسون”، بتقليص الكميات التي تستوردها، ليبلغ حجم التخفيضات في الاستيراد من الجزائر حوالي 10 ملايير متر مكعب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات