38serv

+ -

عبر نائب وزير الخارجية البولندي المكلف بالشرق الأوسط وإفريقيا، أندري شينا، عن رغبة بلاده في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر في شتى المجالات خاصة في المجال الزراعي والطاقوي، وعن أمنية التوصل إلى حل متفق عليه للخلافات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي المرتبطة باتفاق الشراكة الموقع بين الطرفين سنة 2002.

وأكد المسؤول البولندي عن تقدير بلاده للدور الجزائري في تحقيق الاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وكذا في دورها كشريك موثوق في مجال الطاقة للاتحاد الأوروبي.

من جانب آخر، شدد أندري شينا على أن الحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الشامل يجب أن يرتكز على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي وفكرة حل الدولتين.

أما بخصوص النزاع في الصحراء الغربية، فقد أكد المتحدث في رده على سؤال "الخبر" أن بلاده تؤكد على أن الحل السياسي للصراع يجب أن يكون دائما ومقبولا من جميع أطراف الصراع، في إطار الأمم المتحدة وأن يكون وضع هذه المنطقة (الصحراء الغربية) وفقا للقانون الدولي، ولا سيما وفقا لمبدأ تقرير المصير الأممي عبر الاستفتاء.

وجاءت تصريحات الوزير البولندي في لقاء مع وفد من الصحفيين الجزائريين بمقر وزارة الخارجية البولندية بالعاصمة وارسو، وتطرق اللقاء إلى العلاقات بين الجزائر وبولندا، وكذا الوضع في فلسطين والنزاع في الصحراء الغربية ومنطقة الساحل.

 

علاقات ثنائية جيدة للغاية وإمكانيات كبيرة للتعاون

 

أكد نائب وزير الخارجية البولندي المكلف بالشرق الأوسط وإفريقيا، أندري شينا، على جودة العلاقات بين بلاده والجزائر، قائلا "نحن راضون جدًا عن العلاقات الثنائية الجيدة والودية للغاية التي يعود تاريخها إلى استقلال الجزائر" و"الجزائر تعتبر أحد الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لبولندا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، مشيرا إلى مساهمة آلاف المهندسين والمعماريين والعلماء البولنديين في تنمية الجزائر المستقلة "فقد جاء عدة آلاف من المتخصصين والمهندسين والمعماريين والعلماء البولنديين إلى هذا البلد، للمساعدة في بناء مؤسساتها واقتصادها، كما درس العديد من الطلاب الجزائريين في الجامعات البولندية".

وأشار المتحدث في معرض حديثه إلى المشاورات السياسية بين البلدين "كانت آخر مشاورات سياسية على مستوى نواب وزراء الخارجية قد جرت في مارس 2023 بالجزائر العاصمة. ومن المقرر أن تعقد الاجتماعات التالية في وارسو العام المقبل"، وكان "آخر اجتماع لوزراء الخارجية انعقد في 28 جوان 2024 خلال زيارة وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى بولندا، أين التقى بوزير خارجية جمهورية بولندا دويسلاف سيكورسكي.

وأكد الوزراء رغبتهما في تعزيز العلاقات على كافة المستويات، خاصة في مجال الطاقة وقطاع الأغذية الزراعية وقال في هذا السياق "نقيم حوارا سياسيا ديناميكيا، كما يتضح من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى بولندا وزير الخارجية الجزائري السيد أحمد عطاف"، معبرا عن أمله في استغلال الإمكانيات الاقتصادية التي يتوفر عليها البلدين.

وبخصوص مجالات التعاون الممكنة، قال "نتطلع إلى تعاون وثيق في هذه المجالات، على غرار الزراعة والصناعات الغذائية، والتكنولوجيات الخضراء مع مكونات الهيدروجين والتحول الرقمي والتقنيات الطبية والحلول المبتكرة الصناعية في إطار مشاريع الشراكة"، وعبر عن استعداد بلاده تقديم "للشركاء الجزائريين التقنيات التي طورتها الشركات البولندية المشاركة في برنامج "GreenEvoGreenTechnology ACCELERATOR -الذي وضعته وزارة المناخ والبيئة البولندية، على أن يبنى هذا التعاون وفق تقدير الوزير البولندي على "إستراتيجية مربحة للجانبين"، مع الأخذ بعين الاعتبار "طموحات واحتياجات الجزائر في مجال تطوير الإنتاج وريادة الأعمال والاكتفاء الذاتي".

وترى بولندا أن هناك "إمكانات كبيرة" للتعاون الاقتصادي بين البلدين، "لكن لسوء الحظ غير مستغلة. على سبيل المثال، شركاتنا مهتمة جدًا بـالتعاون مع الجزائر، لذلك نأمل في إزالة مختلف العقبات والحواجز، مثل شهادات الحلال (حاليًا يجب على المصدّرين لدينا الحصول عليها عبر مسجد باريس، ما يجعل عملهم أكثر صعوبة)"، ومع ذلك يقول المتحدث "نحن راضون جدًا كون أنه ما بين عامي 2019 و2023 ارتفع حجم التجارة البولندية-الجزائرية بأكثر من 50 في المائة بالرغم من الوباء والتباطؤ العالمي. وتظل الجزائر الشريك الاقتصادي الرئيسي لبولندا في إفريقيا".

بلغة الأرقام، أوضح المسؤول البولندي أنه في عام 2023، "احتلت الجزائر المرتبة الخامسة من حيث حجم المبادلات بين بولندا مع إفريقيا – بعد المغرب وجنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر، والثالثة – مع مراعاة الصادرات البولندية – بعد جنوب إفريقيا والمغرب. ومن بين الدول العربية، تحتل الجزائر أيضا مكانة مهمة كمستقبل للمنتجات البولندية؛ وفي عام 2023، كانت رابع أكبر سوق تصدير لنا إلى هذه المنطقة - بعد الإمارات العربية المتحدة والمغرب والمملكة العربية السعودية (المركز السادس من حيث حجم المبيعات، بعد المملكة العربية السعودية والمغرب والإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر). لقد هيمنت الصادرات البولندية على التجارة البولندية الجزائرية لسنوات.

من جانب آخر، عبر نائب وزير الخارجية البولندي عن "تقدير بولندا دور الجزائر كشريك موثوق في مجال الطاقة للاتحاد الأوروبي، بعد عدوان موسكو على أوكرانيا ووقف واردات الغاز الروسي، ساهمت زيادة واردات الجزائر من الغاز بشكل كبير في تخفيف أزمة الطاقة في أوروبا".

وفي رده على سؤال حول موقف بلاده من اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، حيث تطالب الجزائر بمراجعته لاختلال التوازن في الاتفاق، قال المسؤول البولندي بأن بلاده "تؤيد إقامة تعاون مربح للجانبين في إطار اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر"، مشيرا إلى أنهم يدركون "احتياجات الجزائر ووضعها الاقتصادي"، وعبر عن أمنيته في "التوصل إلى حل متفق عليه حول الخلافات التجارية قريبا، إن احترام الالتزامات الواردة في اتفاقية الشراكة أمر ضروري لاستئناف التجارة وازدهارها بطريقة عادلة ومستدامة".

من جهة ثانية، أكد على تقدير بلاده "لدور الجزائر في تحقيق الاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وكذلك في الطريقة البناءة التي تعالج بها الجزائر التحديات الإقليمية والعالمية".

 

ندعم قيام دولة فلسطينية ذات سيادة

 

بخصوص التطورات التي تعرف المنطقة في ظل التصعيد في غزة ولبنان، قال نائب الدبلوماسي البولندي أندري شينا "إننا نراقب الحالة في الشرق الأوسط بأكبر قدر من الاهتمام. نحن نتحدث عن خطر نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق"، وحسبه "عملية السلام وصلت في الشرق الأوسط إلى طريق مسدود تماما، منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023. محللون وصفوا الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها واحدة من أكثر الحملات دموية والأكثر تدميراً في التاريخ الحديث.. إن الخسائر البشرية غير مقبولة، ووضع المدنيين مأساوي بشكل لا يوصف".

ودعا المتحدث ذاته إلى "عدم التقليل من التأثير الأمني لتزايد التصعيد، سواء في المنطقة أو في المناطق البعيدة"، وأردف قائلا "لذا، فنحن إلى جانب حلفائنا وكل من يتقاسم معنا نفس الأفكار، ندعو إلى وقف إطلاق النار الفوري واستئناف المحادثات".

وحسب الدبلوماسي البولندي فإن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه لا يوجد أي آفاق لوقف إطلاق النار". في هذه المرحلة "لا تبحث إسرائيل عن حل دبلوماسي، ويبدو أن تصعيد وتيرة الصراع هو التكتيك الوحيد في الوقت الحاضر"، وهدفه المعلن، حسب رئيس الوزراء نتنياهو، هو "النصر الكامل"، يقول المتحدث.

وفي تقدير المسؤول البولندي فإنه "لا تقدم حكومة نتنياهو أي أفكار حول الطريقة التي يمكن من خلالها حل القضية الفلسطينية، والتي هي الأصل والمصدر المباشر لهذه النسخة من الصراع". علاوة على ذلك "فإن هذه العمليات تمنع أي احتمال للتوصل إلى حل دبلوماسي لهذه المسألة".

أما بخصوص حل النزاع، قال أندري شينا "نعتقد أن الحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الشامل يجب أن يرتكز على القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدولي وفكرة حل الدولتين"، وتؤيد بولندا وفقه "حل الدولتين لإسرائيل وفلسطين، دولتان ديمقراطيتان ذات سيادة تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن مضمون".

أما فيما يخص المخاوف من توسع دائرة النزاع وانتقالها نحو لبنان، قال المتحدث "نراقب بقلق متزايد التصعيد الإقليمي، لا سيما من الجانب الآخر من الحدود مع لبنان"، مشيرا إلى أن "عواقب الصراع المحتمل بين الدول سيكون مدمرا تماما"، وشدد في هذا الإطار على أنه "من الضروري وقف التصعيد، يمكن الاعتماد على دعم بولندا للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 فيما يتعلق بلبنان. بولندا لديها قوات في المهمة "اليونيفيل" التي يعتبر أمنها أولويتنا القصوى".

 

الوضع في منطقة الساحل مقلق

 

وفي رد الدبلوماسي البولندي على سؤال بخصوص الوضع في منطقة الساحل، وكيف تتابع بلاده التطورات هناك، قال "تشعر بولندا بالقلق إزاء الوضع في منطقة الساحل حيث الظروف المعيشية للسكان تتدهور أكثر، بعد سيطرة العسكر على السلطة"، مضيفا "بولندا تدرك التحديات الأمنية والظروف المناخية والاجتماعية القاسية التي تؤثر بشكل خطير على دول الساحل".

موازاة مع ذلك، عبر محدثنا عن قلق بلاده "إزاء الدور الذي تلعبه الجهات الفاعلة غير الحكومية والقوات الوكيلة في المنطقة، لا سيما من خلال العمليات التي ينفذها الفيلق الأفريقي"، وعبر عن أمله "أن تواصل كل دولة من دول المنطقة إجراءات تعزيز الأمن والوصول إلى الخدمات المجتمعية".

وفي هذا السياق، قال أندي شينا بأن بولندا "تساهم في الدعم الذي يمكن أن تتلقاه هذه البلدان من المجتمع الدولي بكل تضامن واحترام كاملين للقانون الدولي"، وتحرص "على ضمان استعادة الأمن في منطقة الساحل والمناطق المجاورة وبشكل دائم.. ونحن ندعم شركاءنا الأفارقة في حربهم ضد الإرهاب، وكذا في مجال التطور الاجتماعي والسياسي".

وفيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية، قال إن بلاده باعتبارها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، تدرك "مدى إلحاح الوضع المتعلق بالهجرة غير الشرعية وتأثيرها على استقرار أوروبا وشمال أفريقيا"، والتعاون في هذا المجال وفقه "أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لمكافحة الهجرة غير الشرعية بفعالية، بل أيضا للمشاكل ذات الصلة، مثل الاتجار بالبشر أو أنشطة الجماعات الإجرامية".

ويضيف الدبلوماسي البولندي بأن بلاده "تدعم المبادرات الرامية إلى تعزيز قدرة البلدان الأصلية للمهاجرين على معالجة هذه المشاكل وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق"، وفي الوقت نفسه "يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن بولندا مسؤولة عن الحدود الخارجية في جزء من العالم مختلف تماما، فالحدود الخارجية الشرقية للاتحاد الأوروبي تتعلق بشكل أساسي بأراضي بولندا". كما عبر عن قلق بلادهم "إزاء الدور المزعزع للاستقرار الذي تلعبه الميليشيات الروسية شبه الحكومية في منطقة الساحل".