38serv
انضم الفيلسوف الفرنسي، ميشال اونفري، إلى المواجهة التي نشبت بين الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مدافعا عن رواية الصهاينة الذين يحاولون الظهور بثوب الضحية منذ 7 أكتوبر، بينما الحقيقة الساطعة هي أن ما حدث هو مقاومة احتلال تمتد إلى عقود.
وعبّر اونفري في مقابلة صحفية، على قناة "سي نيوز"، أمس، عن انزعاجه من استعمال الرئيس الفرنسي كلمة بربرية، عندما رد على تصريح رئيس وزراء الاحتلال القائل إن "ما يقوم به في لبنان وغزة هو دفاع عن الحضارة الغربية ضد الهمجية"، بالقول: "لا يمكن الدفاع عن الحضارة بزرع الهمجية والبربرية".
وأبدى المتحدث دعما مطلقا لمجازر نتنياهو في غزة، رافضا تشبيهه بالزعيم الألماني النازي الشهير، أدولف هتلر، الذي يزعم اليهود بأنه أباد مئات الآلاف منهم في ما يسمى الـ"هولوكوست"، متناسيا الهمجية الصهيونية التي تمتد لقرن من الزمن وتتجاوز ما فعل "الفوهرر"، إذا ما سلمنا بالرواية اليهودية حول ما يسمى "المحرقة".
وانطوت تصريحات اونفري على مغالطات فكرية، عندما قال إن فكرة "الشرق المختلف"، ليست صناعة غربية، وإنما هي حقيقة موجودة ومعيشة، واكتشفها الناس خلال سفرياتهم إلى القدس وإيران وغيرهما.
غير أن الأصح، هو أن هناك فرقا بين الشرق الحقيقي والشرق المُخترع في الغرب، الظاهرة التي فككها وفضحها المفكر الفلسطيني الشهير، إدوارد سعيد، في كتابه الشهير "الاستشراق".
وتبيّن أن اونفري في النهاية يتبنى قناعات إيديولوجية وسياسية تنطلق من صراع الحضارات، البعيدة عن الفلسفة، بوصفها علما قائما بذاته، يبحث عن الكشف عن جوهر الأشياء وحقيقتها، وعن أمهات القضايا الإنسانية واستخلاص الأفكار العالمية، وتفكيك المعتقدات وتحريرها من التوظيف السياسي والديني والإيديولوجي والأسطوري.
ونشبت "المواجهة" بين ماكرون ونتنياهو، بعد حديث ماكرون، خلال أول مجلس وزراء مع الحكومة الجديدة، قبل نحو عشرة أيام، بأنه "على نتنياهو أن لا ينسى أن دولة إسرائيل أنشئت بموجب قرار أممي"، الأمر الذي بلغ مسامع السفاح الصهيوني، فاستشاط غضبا بسببه، وراح يرد ثم يأتيه الرد على الرد، في مواجهة غير مسبوقة بين البلدين في حكم ماكرون.
ومعروف أن اللوبي اليهودي كبر وتغوّل في أحشاء فرنسا وصار واحدا من المؤثرين في القرارات المركزية والسياسات العامة وغيرها في البلاد، ويتمظهر في مجلس تمثيل المؤسسات اليهودية في فرنسا، المسمى اختصارا "لوكريف"، ويتوجس منه كبار الساسة والمسؤولين، في حين لم يأبه به الرئيس الأسبق الراحل، جاك شيراك، بالكامل.
وفي رده، ذكر نتنياهو في بيان عن مكتبه، أن "إنشاء دولة إسرائيل لم يكن بفضل قرار الأمم المتحدة، بل نتيجة الانتصار في حرب الاستقلال، التي سقط فيها العديد من المحاربين الشجعان، ومن بينهم الناجون من الهولوكوست، بمن فيهم الذين عانوا من نظام فيشي في فرنسا".
ولم يسبق أن أبدى ماكرون مواقف بهذه الحدة ضد قادة الكيان الصهيوني، حيث دعا إلى وقف تزويد "إسرائيل" بالأسلحة، و"فرض حظرٍ دولي على إرسال الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في غزة ولبنان"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الموقف الذي لم يلق إعجاب سفاح تل أبيب.