حظوظ الجزائر للعودة إلى "الكاف"

+ -

يشهد الصراع على مقعد المكتب التنفيذي للكاف عن منطقة اتحاد شمال إفريقيا، "معركة خفية" غير مسبوقة، تختلف بكثير عما كان عليه الحال في السابق، قياسا بتغير الظروف والمعطيات التي سترافق أشغال الجمعية العامة الانتخابية المقررة بمصر في 12 مارس 2025.

وفي الوقت الذي خسرت الجزائر، منذ خروج محمد روراوة من دائرة صناعة القرار على مستوى الكاف، فرص استعادة مكانتها، بسبب ضعف وقلة اهتمام خير الدين زطشي وجهيد زفيزف من جهة، وعدم تمكين عمارة شرف الدين من خوض المعترك الانتخابي، من جهة ثانية، فإن ذلك "السقوط الحر" للاتحادية وتعاقب ثلاثة رؤساء عليها في عامين قبل انتخاب وليد صادي رئيسا جديدا، من أبرز الأسباب الذي جعلت مهمة الجزائر في استعادة مقعدها "الضائع" يزداد صعوبة كل مرة، أمام حرص المرشح المغربي فوزي لقجع، على تحييد الجزائر، باستخدام النفوذ واللوبيات والمال.

وإذا كانت مهمة لقجع في غلق الطريق أمام التواجد الجزائري في مكتب الكاف، "سهلا"، فإن الأمر اختلف منذ تولي صادي رئاسة الفاف، لاختلاف طموح وإصرار الرجل في تبوؤ المنصب، مقارنة بزطشي وبزفيزف، ما استنفر فوزي لقجع الذي يحرص على إخفاء أوراقه بشأن خيار الترشح بين الكاف والفيفا.

وحتى وإن كان الظاهر من لعبة التوازنات التي سبقت أشغال مؤتمر الكاف قد قطعت الشك باليقين أن لقجع يحرص على الزج بالمصري هاني أبو ريدة لخوض معترك سباق رئاسة الكاف وجعله وقود نار للتخلص من باتريس موتسيبي (الرئيس الحالي للكاف) انتقاما من مواقف بلاده (جنوب إفريقيا) من القضية الفلسطينية، وطبعا كعربون خدمة لحليف المخزن الكيان المحتل إسرائيل الذي جرجرته جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ابادة الشعب الفلسطيني، فإن المخطط قد يرتكز على إمكانية "تضحية" لقجع بمكانته في الفيفا والترشح لعضوية الكاف بهدف غلق الطريق على الجزائري وليد صادي.

وفي الوقت الذي ساد الاعتقاد أن إلغاء عدم تجاوز سن السبعين عاما للترشح لرئاسة الكاف وعضوية مكتبها التنفيذي وإلغاء الاحتكام للمجمع اللغوي في انتخابات اختيار ممثلي الكاف في الفيفا، يقف من ورائه لقجع، فإن حضور رئيس الفيفا جياني أنفانتينو لأشغال الجمعية العامة العادية بأديس أبيبا، كشف أن الفيفا هي التي كانت تميل لإلغاء التعامل بالمجمع اللغوي، بل إن تواجد أنفانتينو، مرة أخرى، قدم دلالات واضحة بأن لعبة التكتلات القارية تسقط أمام "خارطة طريق" رئيس الفيفا التي يتم تسويقها بعيدا عن الجانب الرسمي.

وأمام ضبابية الصورة التي تسبق موعد 12 نوفمبر 2024، وهو آخر أجل لإيداع الترشيحات وعدم أحقية تونس للترشح لعضوية المكتب التنفيذي للكاف لعدم وجود رئيس ومكتب منتخبين على مستوى الاتحادية التونسية، وبقاء ليبيا خارج السباق لحيازة ممثلها عبد الحكيم الشلماني على أحد المقعدين، فإن "تحالف" المصري هاني أبو ريدة والمغربي فوزي لقجع لم يستقر بعد على الإستراتيجية النهائية، كون عودة لقجع إلى المغرب على جناح السرعة وعدم حضوره الأشغال، إلى جانب إمكانية تزكية أنفانتينو، مرة أخرى، لرئيس الكاف الحالي باتريس موتسيبي، جعل أبو ريدة يراجع حساباته خوفا من خسارة الكاف والفيفا، حتى أن المصري، وقد فهم موازين القوى حيث تميل، أسر لمقربيه أنه لن يكون أداة في يد لقجع ولا نقطة في أجندته.

وحتى وإن اختار لقجع المغامرة والترشح للكاف بدلا الفيفا بهدف غلق الطريق أمام الجزائري وليد صادي، فإن ذلك لن يضمن له، بالضرورة، أصوات الموالاة، كون ممثل الجزائر بدوره يحوز على "علاقات" بنفس القوة مع الأفارقة، بما يجعل الصراع في حال ترشح لقجع مفتوحا على كل الاحتمالات.

وأمام الحملة التي يتعرض لها صادي من بعض "الأبواق" الإعلامية، والتي ذهبت، خلال مؤتمر الكاف في أديس أبيبا، إلى حد تشجيع تونس على الترشح ضد الجزائر، فإن المهمة في عودة الجزائر إلى دائرة صناعة القرار على مستوى الكاف تبدو محفوفة بالمخاطر، كون تقديم الجزائر لاسم جديد، وهو وليد صادي، قدم دلالات قوية لدى هؤلاء أن الأمر يتعلق بالاختيار الصحيح الذي يخيف حقا المغربي لقجع ويزعج فعلا "عصابة" الانتفاع من المنظومة في العهد البائد للاتحادية.

وقبل نهاية آخر أجل لإيداع الترشيحات (12 نوفمبر 2024)، سواء على مستوى المكتب التنفيذي للكاف أو على مستوى مجلس الفيفا، فإن وليد صادي يتجه لأن يجد نفسه مرشحا وحيدا للظفر بمقعد في المكتب التنفيذي للكاف عن منطقة شمال إفريقيا، وإذا تحقق ذلك (الترشح وحيدا)، فإنه لن يحتاج إلى انتظار تاريخ الجمعية العامة الانتخابية للكاف في 12 مارس 2025، كونه سيفوز بالمقعد دون انتخاب، أما إذا وجد ممثل الجزائر أمامه منافسا واحدا على الأقل، فإن القبضة الحديدية ستفرض نفسها، وسيتحدد بموجبها قطعا موازين قوى جديدة لعهد، يريده أنفانتينو وموتسيبي والأفارقة، فعلا جديدا.