تحتضن القاعة البيضاوية بالمركب الرياضي الأولمبي، محمد بوضياف، في الجزائر العاصمة، يوم 30 أكتوبر الجاري، العرض الفني التاريخي الضخم الموسوم بـ"روح الجزائر"، للمخرج أحمد رزاق، والذي يشارك فيه حوالي 1000 شخص من فنانين وتقنيين وإداريين، والعرض من إنتاج وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، احتفالا بالذكرى الـ70 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة 1954.
قدمت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، أول أمس، في ندوة صحفية بالمركب الرياضي الأولمبي، محمد بوضياف، في الجزائر العاصمة، آخر الاستعدادات المتعلقة بالعمل التاريخي "روح الجزائر" للمخرج أحمد رزاق الذي يغوص في تاريخ الجزائر ويهدف إلى تسليط الضوء على الأحداث التاريخية الهامة من العصور القديمة إلى ما بعد الاستقلال.
وقال أحمد رزاق، مخرج العرض، في الندوة، إن هذا العمل "سيقدم يوم 30 أكتوبر الجاري، بمشاركة حوالي 1000 شخص من فنانين وتقنيين وإداريين، وهو من إنتاج وزارة المجاهدين وذوي الحقوق خُصص للاحتفال بالذكرى الـ70 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة 1954"، متمنيا أن يكون فريق العمل عند حسن ظن الوطن وفي مستوى هذه الثورة.
يمتد عرض "روح الجزائر" من العهد النوميدي، مرورًا بالعهد الإسلامي وصولًا إلى الثورة التحريرية، ليعكس مراحل مهمة من تاريخ الجزائر، بما في ذلك الاحتلال الفرنسي والمقاومات الشعبية والسياسية التي أدت إلى الاستقلال.
وسيتضمن العرض مشاهد قوية تجسد الثورة التحريرية وما تلاها، مع إبراز الدور البطولي للجيش الوطني الشعبي، إلى جانب تسليط الضوء على أصدقاء الجزائر الذين قدموا الدعم خلال الثورة التحريرية.
عرض للحفاظ على ذاكرة أمة
أكد المشرف العام على العمل نور الدين إسعد، من جهته، أن "هذا العمل الثقافي والفني والتاريخي الكبير هو عمل جماعي تم إنجازه بقيادة المخرج أحمد رزاق، برؤية عالمية، تحكي تاريخ الجزائر معقلا للثوار والمدافعين عن القضايا العادلة في جميع أنحاء العالم".
واعتبرت مسؤولة التوثيق التاريخي والمسموع والمرئي بوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، خالدي صبرينة، أن هذا العمل "يجمع بين البعد التاريخي الأكاديمي والمقاربة الثقافية والفنية" ويشكل "محورا أساسيا" من بين تلك التي حددتها الوزارة على أنها في إطار الاستعدادات للاحتفالات الرسمية بالذكرى السبعين لاندلاع حرب التحرير الوطني المجيدة. وأكدت أن العرض سيتم تسجيله وسيمنح إلى الفضائيات الجزائرية والتلفزيون الجزائري، لأنه من الصعب نقل هذا العرض إلى ولايات أخرى، بسبب تعقيد التقنية وصعوبة نقلها أيضا.
وقال مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، حسين عبد الستار، من جانبه، إن هذه الملحمة جاءت "استجابة للأسس والمعايير التي وضعها رئيس الجمهورية" عبد المجيد تبون، للحفاظ على الذاكرة الوطنية، من خلال استخدام كل الوسائل الممكنة لكتابة التاريخ. وأشار إلى "استخدام تقنيات التصوير والصوت والكوريغرافيا وغيرها في عرض فني رفيع المستوى يبرز البعد الحضاري للجزائر ويترجم العبقرية الجزائرية وملاحمها التاريخية"، بالإضافة إلى ربط أهم الأحداث التاريخية المؤسسة للأمة، بدءا من التاريخ القديم الغني بالأحداث والملاحم، وصولا إلى تاريخ الجزائر المعاصر، مرورا بالفترة الإسلامية، فالتاريخ الحديث ثم فترة الاستعمار.
وسيستحضر هذا العمل الفني أيضًا "ثورة نوفمبر المجيدة من خلال لوحات تسترجع دور جيش التحرير الوطني، مع تقديم التحية لأصدقاء الثورة الجزائرية من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية".
مشاركة عربية واسعة في العمل
يمتاز العمل بمشاركة واسعة من الفنانين الجزائريين والعرب، ما يعزز أبعاد الثورة التحريرية الإنسانية والحضارية. وسيُساهم نجوم السينما الجزائرية في إضفاء قيمة مضافة، إلى جانب مشاركة عدد كبير من المبدعين والمغنين والكوريغرافيين. كما سيتم توظيف التكنولوجيا الحديثة والتأثيرات البصرية والسمعية لإضفاء جمالية وإبهار على العرض.
وحسب المخرج أحمد رزاق، فإن هذا العمل يجمع "نحو 1000 شخص، بينهم أكثر من 700 فنان و200 فني، عملوا لعدة أشهر في ورشات متخصصة في الموسيقى وتصميم الرقصات والسينوغرافيا والديكور والأزياء والغناء".
وإلى جانب الفنانين الجزائريين سيشهد العرض أيضا مشاركة فنانين من 17 دولة عربية، من بينهم علي أحمد سالم من ليبيا، عبير عيسى من الأردن، دليلة مفتاحي من تونس، عامر حامد محمد من العراق، حسين نخلة من فلسطين، محمد عزيز سالم من موريتانيا، وسلوى حنا من سوريا، وفنانين آخرين من السعودية وعمان ولبنان ومصر والبحرين، حسب المنظمين.
وكانت وزارة المجاهدين وأصحاب الحقوق، قد أنتجت خلال السنوات الأخيرة العديد من الأعمال الفنية في ذكرى ثورة التحرير المجيدة وذكرى استعادة السيادة الوطنية، مثل "على فشهدو" و"آية" (2023) و"ال مكة للثوار".
وتندرج هذه العروض في إطار الجهود التي تبذلها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، للحفاظ على الذاكرة الجماعية والتراث التاريخي الجزائري. و"روح الجزائر" هو جزء من سلسلة أعمال فنية تاريخية بدأت منذ عام 2022، ومن أبرزها "ألف شهيد" و"قبلة الأحرار" التي أبدع فيها المخرج الجزائري أحمد رزاق. وتهدف هذه الأعمال إلى إبراز الدور الحضاري والإنساني للجزائر عبر العصور.