3687 مليار دينار في صندوق ضبط الإيرادات

+ -

يُعتبر صندوق ضبط الإيرادات (FRR) في الجزائر أحد الأدوات الاقتصادية الرئيسية التي أنشأتها السلطات العمومية بهدف تعزيز استقرار المالية العامة وتحقيق التوازن في الميزانية الوطنية. ويُستخدم هذا الصندوق للتعامل مع الفترات التي تشهد تراجعًا في أسعار النفط، وهو المصدر الأساسي لإيرادات الدولة. في الآونة الأخيرة، أظهرت تقديرات مشروع قانون المالية 2025 أن رصيد حساب صندوق ضبط الإيرادات فاق 3687 مليار دينار جزائري أو ما يتعدى 27 مليار دولار نهاية ديسمبر 2023، مما يعد تطورا إيجابيا كبيرا في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.

وتمت الإشارة في عرض مشروع قانون المالية 2025، إلى صندوق ضبط الإيرادات الذي يعد من حسابات التخصيص الخاص وتحمل رقم (302103000)، حيث تم فتح الحساب بموجب المادة 10 من القانون رقم 2000-02 المؤرخ في 27 جوان 2000، المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2000، بهدف إيواء فوائض القيم الناتجة عن مستوى للإيرادات الجبائية البترولية التي تفوق التقديرات المدرجة في قانون المالية وذلك لتمويل عجز الخزينة وتقليص حجك الدين العمومي، وقد قدر رصيد الحساب الخاص بصندوق ضبط الإيرادات بتاريخ 31 ديسمبر 2023، بداية السنة الجارية بـ3687.319.570.588 دينار جزائري أو ما يعادل 27.471 مليار دولار.

ووفقا لعرض مشروع قانون المالية 2025، فقد تم تمويل العجز الإجمالي للخزينة لسنة 2023 عن طريق التمويل البنكي بمبلغ 484 مليار دينار جزائري، والتمويل غير البنكي بمبلغ 1912,82 مليار دينار جزائري، بينما تم اقتطاع مبلغ 1027,38 مليار دينار جزائري من حساب صندوق ضبط الإيرادات، كما سمحت طرق التمويل هذه، بالإضافة إلى تمويل عجز الخزينة، من تغطية القرض الوطني من أجل النمو الاقتصادي بقيمة 8,15 مليار دينار جزائري والدين الخارجي بقيمة 9,32 مليار دينار جزائري.

فيما تتيح الفوائض المسجلة في الإيرادات، لاسيما إيرادات الجباية البترولية في دعم حساب صندوق ضبط الإيرادات، فقد سجلت الجباية البترولية المحصلة في نهاية 2023، مبلغا قدره 5576,98 مليار دينار جزائري، ما سمح بتمويل صندوق ضبط الإيرادات بمبلغ 1720,73 مليار دينار جزائري، وأدى إلى تسجيل رصيد صندوق ضبط الإيرادات لمبلغ قدره 2659,94 مليار دينار جزائري أو ما يعادل 18.817 مليار دولار مقارنة برصيد 1966,59 مليار دينار جزائري أو ما يعادل 14.652 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2022.

ووفقا لتقديرات مشروع قانون المالية 2025، فقد سجلت إيرادات الجباية البترولية المقيدة في الميزانية مبلغ قدره 3856,26 مليار دينار جزائري أو ما يمثل نسبة 11,8 % من الناتج الداخلي الخام بزيادة قدرها 644,33 مليار دج في نهاية 2023 مقارنة بنهاية 2022 (3211,92 مليار دينار جزائري)، أو ما يمثل نسبة 10 % من الناتج الداخلي الخام.

 

تحسن الإيرادات النفطية يدعم نمو صندوق ضبط الإيرادات في الجزائر

 

وقد سبق أن أبانت تقديرات بنك الجزائر عن بلوغ ناتج صندوق ضبط الإيرادات إلى ديسمبر 2023، ما قيمته 2268,9 مليار دينار جزائري أو ما يعادل 17,04 مليار دولار، مقابل في سبتمبر 2023 ما قيمته 2268,3 مليار دينار أو ما يعادل 16.85 مليار دولار، مسجلة تحسنا إيجابيا بأزيد من 1100 مليار دينار خلال سنة واحدة، إذ كان الناتج يقدر بـ1162,89 مليار دينار أو ما يعادل 8,17 مليار دولار.

ويشهد ناتج صندوق ضبط الإيرادات نموا إيجابيا، على خلفية تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، ولاسيما ما تعلق بالعائدات، في وقت تشير التقديرات إلى فائض في الحساب الجاري للخزينة، بلغ نهاية سبتمبر 2023 ما قيمته 690,8 مليار دينار، ومن ثم بلغ مجموع إيداعات أو ودائع الخزينة لدى بنك الجزائر مع نهاية 2023 ما قيمته 2959,1 مليار دينار.

ويشار إلى أن متوسط سعر النفط الجزائري قدر حسب منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك خلال الأشهر التسعة لسنة (جانفي إلى نهاية سبتمبر 2024، ما معدله 83.74 دولارا للبرميل مقابل 82.91 دولارا للبرميل في نفس الفترة من سنة 2023 ويساهم تحسن الإيرادات وارتفاع معدلات أسعار النفط، في دعم ناتج ورصيد الصندوق الذي يرشح أن يقدر نهاية 2024، فوق عتبة 2800 مليار دينار أو ما يعادل 20,861 مليار دولار.

علما أن متوسط سعر النفط الجزائري بلغ في سنة 2023، نحو 83.64 دولارا للبرميل، مقابل متوسط قياسي في سنة 2022، بحوالي 104.24 دولارا للبرميل في 2022، كما قدر متوسط سعر النفط الجزائري خلال شهري جانفي وفيفري من سنة 2024، بنحو 83.63 دولارا للبرميل حسب تقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".

وقد سجل صندوق ضبط الإيرادات الذي نضب رصيده في فيفري 2017، انتعاشا بناتج إيجابي، حيث بلغ أعلى مستوى له نهاية سنة 2022، حسب تقديرات بنك الجزائر، وقدر ناتج صندوق ضبط الإيرادات 2295,8 مليار دينار جزائري أو ما يعادل 17.18 مليار دولار، وهو أعلى مستوى يشهده صندوق ضبط الإيرادات منذ 2012.

وجدير بالإشارة أنه تم إنشاء صندوق ضبط الإيرادات كنتيجة لارتفاع العوائد النفطية بمقتضى المادة 10 من قانون المالية التكميلي لسنة 2000  المؤرخ في 27 جوان سنة 2000، حيث يفتح في حسابات الخزينة حساب خاص رقم 103-302 بعنوان صندوق ضبط الموارد يقيد فيه من جانب الإيرادات فائض جباية المحروقات الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات مقارنة بتلك المتوقعة في قانون المالية، بالإضافة إلى الإيرادات الأخرى المتعلقة بسير الصندوق، غير أنه يبقى التحكم في سير هذا الصندوق من أولويات وزير المالية الذي يعتبر الأمر الرئيسي بصرف هذا الحساب متى اقتضت الضرورة لذلك.

وإتماما لعمل الصندوق، تم تعديل بعض القواعد والأسس من خلال قانون المالية لسنة 2004 وفقا للمادة 66 من قانون 23-22 المؤرخ في 28 ديسمبر 2003 التي نصت على تعديل المادة 10 من القانون رقم 2000-02 المؤرخ في 27 جوان 2000، حيث يضاف إلى باب الإيرادات تسبيقات بنك الجزائر الموجهة لتسيير المديونية الخارجية، ويعود ذلك إلى تحسن الوضع المالي لبنك الجزائر نتيجة ارتفاع احتياطاته من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى انتهاجه لإستراتيجية التسيير النشط للمديونية الخارجية أو التسديد المسبق.

ومن بين وظائف الصندوق توجيه الإيرادات، حيث يتم توجيه الإيرادات المتولدة من صادرات النفط والغاز الطبيعي بشكل منهجي وفعّال لدعم تنمية الاقتصاد، فضلا عن تمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، إذ يستخدم الصندوق الإيرادات لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مثل مشاريع البنية التحتية، تحسين الخدمات العامة ودعم القطاعات الصناعية والزراعية.

أما بالنسبة للاستثمار والادخار فإنه يتم إدارة الإيرادات بشكل يسمح بالاستثمار الذكي والادخار لضمان استدامة النمو الاقتصادي في المستقبل. وتبرز أهمية الصندوق كأداة تساعد السلطات العمومية من حيث التقليل من مديونية الدولة عن طريق استخدام موارده المالية المتأتية أساسا من الجباية البترولية، وضبط فوائض الإيرادات لاسيما تلك المتأتية من المحروقات وتوجيهها فيما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني وكذا تغطية العجز في الخزينة العمومية.