بعيدا عن أضواء الإعلام، تندرج أشغال الجمعية العامة العادية للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، في سياق "استثنائي"، تبرزه "الحرب الخفية" بين المؤثرين في "موازين القوى" على مستوى تركيبة الجمعية العامة، بغرض، إما "الإبقاء على الوضع القائم" المتعفن، أو "إحداث ثورة حقيقية" بغرض التطهير.
مؤتمر "الكاف" المقرر يوم 22 أكتوبر 2024 بأديس أبيبا الإثيوبية الذي تنقّل، ، الرئيس وليد صادي والأمين العام، نذير بوزناد للمشاركة فيه، يسبق موعدا هاما للقارة السمراء، يتعلق بتجديد الهياكل على مستوى مكتب "الكاف" ومجلس "الفيفا" المقرر يوم 12 مارس 2025، وهو حدث تحرص الجزائر، هذه المرة، على كسب الرهان، برئيسها الجديد، وليد صادي، بعد خسارة "المقعد" مع رؤساء سابقين، بسبب نقص الهتمام وانعدام النظرة الاستراتيجية والسذاجة أيضا.
وحتى وإن بدا اليوم عودة التمثيل الجزائري على مستوى المكتب التنفيذي لـ"الكاف"، ممكنا منذ خروج محمد روراوة منه عام 2017، إلا أن "المناورات" التي تحاك منذ أسابيع قد تجعل من ذلك أمرا معقدا، على الأقل، إلى حين "اتضاح الرؤية" بشأن المترشحين من منطقة شمال إفريقيا للتنافس على "المقعد" الذي كان للاتحادية التونسية لكرة القدم، برئيسها المبعد، وديع الجريئ، والمقرر انتهاء عهدته في المكتب التنفيذي في 12 مارس 2025.
وإذا كان المقعد الآخر لمنطقة شمال إفريقيا يشغله الليبي، عبد الحكيم الشلماني (2023/2027)، المستقيل من رئاسة الاتحادية الليبية لكرة القدم، إلا أن عدم قدرة تونس على الترشح للعهدة 2025/2029 بسبب غياب رئيس منتخب لاتحادية كرتها، لا يجعل من وليد صادي، رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، المترشح الوحيد "منطقيا" لمقعد الكاف عن منطقة شمال إفريقيا، كون "حسابات اللوبيات" قد تدفع المغرب، عضو اتحاد شمال إفريقيا، للتنازل عن "مقعدها" في مجلس "الفيفا" للترشح لمكتب "الكاف"، بهدف غلق الطريق على المترشح الجزائري.
ووجب التذكير أن قانون "الكاف" يمنع تمثيل أي اتحادية في مكتبها التنفيذي بأكثر من مترشح واحد، وعلى اعتبار أن ممثلي إفريقيا على مستوى "الفيفا" يحوزون تلقائيا على عضوية "الكاف" بنفس الصلاحيات، فإن تواجد المغربي فوزي لقجع والمصري هاني أبوريدة في مجلس "الفيفا" من 2021 إلى 2025، جعل المغرب ومصر غير قادرتين، بقوة القانون، على الترشح لعضوية المكتب التنفيذي في اتحاد شمال إفريقيا، ما يفسر اقتصار الصراع على المقعدين كل عامين على مستوى اتحاد شمال إفريقيا على الجزائر وتونس وليبيا فقط.
وعلى اعتبار أن رئيس الاتحادية المصرية لكرة القدم، جمال علام، رئيس اتحاد شمال إفريقيا ويمكن له حضور اجتماعات المكتب التنفيذي لـ"الكاف" حتى في حضور المصري هاني أبوريدة عضو مجلس الفيفا، فإن علام، رغم تحالفه مع صادي، سيضطر لمنح التفويض لأبوريدة للترشح إما لرئاسة الكاف أو لعضوية مكتبها التنفيذي أو لعضوية مجلس الفيفا. وعليه، فإن إمكانية ترشح أبوريدة لعضوية المكتب التنفيذي لـ"الكاف" في انتخابات 2025 بدا من عضوية مجلس الفيفا، قد يخلط حسابات صادي، وهي حسابات قد تشهد تعقيدا في حال اختار المغربي فوزي لقجع، أيضا، التنازل عن تجديد الترشح في 2025 لعضوية مجلس الفيفا لدخول معترك عضوية المكتب التنفيذي لـ"الكاف".
ويأتي ذلك، في ظل اقتراح أربع اتحاديات إفريقية لكرة القدم، خلال مؤتمر أديس أبيبا، إلغاء عامل السن (70 سنة) كشرط للترشح لعضوية المكتب التنفيذي أو لرئاسة الكاف، وإلغاء الاحتكام إلى التجمع اللغوي في انتخابات مجلس الفيفا، كون ذلك يقدّم مؤشرات قوية على أن مَن يقف وراء المقترحين هو لقجع وربما أبوريدة أيضا، ومن غير المستبعد أن يكون المخطط الجديد للمغرب للإستيلاء كاملا على الكاف، تحييد الرئيس الحالي، الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، بترشيح أبوريدة (73 عاما) بعد إلغاء شرط السن (غير موجود على مستوى الفيفا)، وإرضاء بعض "الأعضاء" في الجمعية العامة، بتمكين بعضهم من ولوج "الفيفا" حين يتم إلغاء "قيد" التجمع اللغوي، على أن يختار لقجع، في هذا المخطط، ترك "مكانه" في "الفيفا" إما للموريتاني أحمد يحي أو لأحد الأعضاء من التجمع اللغوي الانجليزي، حتى يتفرغ فقط لمزاحمة الجزائري وليد صادي في انتخابات المكتب التنفيذي لـ"الكاف"، كون عدم ترشح ممثل المغرب، المحتمل، لانتخابات مجلس الفيفا، يمنحه حق الترشح لانتخابات المكتب التنفيذي لـ"الكاف".
ويبقى كل ذلك مجرد فرضيات واردة يغذيها "الضرب تحت الحزام" الواضح منذ عدة سنوات، والذي يقوده الممثل المغربي على حساب مصداقية "الكاف"، وأبرز دليل هو قضية الدوس على سيادة الصحراء الغربية، من خلال الخريطة الوهمية التي اعتمدتها "الكاف" في قمصان نادي نهضة بركان المغربي رغم تعارضها مع لوائحها وقانون ألبستها ومع قانون ألبسة الفيفا وما ينص عليه الميثاق الأولمبي، بل ويتعارض أصلا مع قانون "بورد الدولي" مشرّع قوانين كرة القدم.
ولأن الجزائر، عن طريق رئيس الفاف وليد صادي، هز "العرش" المغربي على مستوى "الكاف" وفضح ممارساته غير القانونية، فإن اقتراب مَن يدافع عن المبادئ الأساسية لكرة القدم وللهيئة التي تسيّرها من تبوؤ مقعدا في المكتب التنفيذي، أصبح يزعج لقجع واللوبي المغربي، بل أصبح فعلا يهدده، خاصة وأن عديد من أعضاء الجمعية العامة تغيرت مواقفهم بما ينذر بانتهاء السيطرة المغربية على الكاف في حال استعادة الجزائر لمقعدها الضائع.
ومن المنتظر أن يحمل مؤتمر "الكاف" في أديس أبيبا "إجابات" عن موازين القوى، على هامش الأشغال وخلال اجتماع مكتب اتحاد شمال إفريقيا، وستتضح الصورة أكثر يوم 12 نوفمبر 2024، وهو آخر أجل لإيداع الترشيحات للمكتب التنفيذي لـ"الكاف" ولمجلس الفيفا، وهو موعد سيقطع الشك باليقين بشأن "المعركة الخفية" التي اختار وليد صادي دخولها بثبات.