يكرس مشروع قانون المالية لسنة 2025 تحديد خارطة طريق لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال إجراءات وتدابير مقترحة تصب في مجملها في سياق تشجيع الاستثمار وتعزيز المشاريع العمومية وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن تحسين القدرة الشرائية وتحفيز التحول الرقمي، مع تسجيل غياب أعباء جبائية تمس المواطن.
ووفقا للتوجهات العامة للمشروع، فإن السلطات العمومية تسعى إلى الحفاظ على الديناميكية المسجلة، عن طريق متابعة التدابير المتخذة في السنوات السابقة، التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وضمان الأمن الغذائي والمائي المستدام والحفاظ على العدالة الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطن.
كما يبلور مشروع قانون المالية 2025 التوجهات الرامية إلى تحسين القدرة الشرائية والحفاظ على الإطار المعيشي للمواطنين وتعبئة موارد إضافية مخصصة لدعم وتفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وكذا تنويع الاقتصاد، من خلال دعم الاستثمار وترقية مختلف المبادرات وترقية التحول الطاقوي ورقمنة مصالح الدولة ودعم اقتصاد المعرفة.
إبراز مقاربة متوسطة المدى
وللمرة الثالثة، يتم إعداد مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2025 وآفاق سنتي 2026 و2027 بمقاربة متوسطة المدى، حيث يأتي المشروع في ظرف وطني يتميز بتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي التي تشير إلى استمرار النمو المستدام، خاصة من خلال النشاط خارج المحروقات وفائض ميزان المدفوعات وتراكم احتياطيات الصرف، فضلا عن توسيع الوعاء الضريبي الذي يدعم من خلال مجهودات إحصاء المجتمع الضريبي من جهة ومقترحات التحفيزات المالية والضريبية لتشجيع التبني التدريجي للسوق غير الرسمية من جهة أخرى، وكذا تعزيز تعبئة الموارد ومكافحة الغش والتهرب الضريبيين وتبسيط الإجراءات في إطار مواصلة تحسين مناخ الأعمال والإصلاحات الضريبية.
التأكيد على ترشيد النفقات وتحسين أداء وفعالية الإنفاق العمومي
بالمقابل، وفيما يتعلق بالنفقات فإن التوجهات التي يكرسها المشروع تنبني على التشديد على ترشيد وتحسين جودة وفعالية الإنفاق العمومي، من خلال مواصلة الإصلاح الميزانياتي ومواصلة عصرنة الأنظمة المعلوماتية وتسريع التحول الرقمي وعصرنة النظام الوطني للمعلومة، وكذا مواصلة التدابير لتعزيز انضباط وشفافية الميزانية من خلال تنفيذ المخطط المحاسبي الجديد والانتقال إلى محاسبة على أساس الاستحقاق مع ضمان تخصيص أفضل لاعتمادات الميزانية بالاعتماد على أولويات الحكومة والاحتياجات الفعلية لمحافظ البرامج، بالإضافة إلى قدرتها على تنفيذ النفقات.
ومن بين الجوانب الأساسية نجد تأطير التحكم وترشيد نفقات المستخدمين من خلال التحكم في التوظيف، لاسيما فيما يتعلق بفتح مناصب مالية جديدة واستبدال الوظائف الشاغرة وإدراج الأثر المالي الناجم عن مراجعة القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية لبعض القطاعات وكذا كل مراجعة جديدة مقررة من طرف السلطات العمومية.
أما فيما يخص نفقات الاستثمار، فإنها تتم من خلال اختيار المشاريع الاستثمارية العمومية، بمنح الأفضلية للاستثمارات المنتجة والقطاعات الاجتماعية ذات الأولوية، من خلال إعطاء الأولوية لاستكمال المشاريع الجاري إنجازها، لاسيما تلك التي تفوق نسبة إنجازها 70٪، ومراعاة الأثر المالي الناتج عن تكاليف المشاريع التي كانت و/ أو يجب أن تكون موضوع رفع تجميد محتمل من طرف السلطات العمومية وتفضيل الاستثمارات المنتجة وتلك المتعلقة بالقطاعات الاجتماعية ذات الأولوية وكذا ولايات الجنوب والولايات المنتدبة الجديدة.
مؤشرات كلية إيجابية برسم عام 2023
وقد ساهمت التدابير المعتمدة في تسجيل تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية والمالية للاقتصاد الوطني، التي برزت من خلال نمو اقتصادي للناتج الداخلي الخام بنسبة 4,1٪ وفائض في إجمالي رصيد ميزان المدفوعات قدره 6,35 مليار دولار أمريكي وتحسين في احتياطي الصرف الذي وصل إلى 69,0 مليار دولار أمريكي نهاية 2023، مغطيا أكثر من 16 شهرا من واردات السلع والخدمات غير المرتبطة بعوامل الإنتاج وتحسن قيمة الدينار الجزائري مقابل الدولار والأورو بالمتوسط السنوي والحفاظ على عجز إجمالي للخزينة في حدود 10٪ من الناتج الداخلي الخام ومستوى الدين العمومي أقل من 50٪ من الناتج الداخلي الخام.
في نفس السياق، تعزز الاقتصاد الوطني سنة 2023 بمعدل نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي قدره 4,1٪ مقارنة بـ3,6٪ في سنة 2022، وقد جاء هذا التطور بفضل استمرار ديناميكية قطاع خارج المحروقات بـ4,3٪ مقابل 4,2٪ وانتعاش قطاع المحروقات بـ3,3٪ مقابل 0,8٪.
تدابير مقترحة في مشروع قانون المالية 2025
تم من خلال مشروع قانون المالية 2025 اقتراح جملة من التدابير والإجراءات، منها الجبائية التي تصب في مجملها في دعم النمو والتنمية والاستثمار.
فبالنسبة للتدابير الخاصة بدعم الاستثمار والاقتصاد الوطني، تم اقتراح تمديد تخفيض بنسبة 50٪ في مادة الضريبة على الدخل الإجمالي أو الضريبة على أرباح الشركات لمدة خمس (5) سنوات على المداخيل المحققة في مناطق الجنوب، وهي ولايـات إيـلـيـزي وتـنـدوف وأدرار وتـامـنـغـست وتيممون وبرج باجي مختار وإن صالح وإن ڤزام وجانت.
كما تم اقتراح منح الاستفادة من الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة للأملاك القابلة للاهتلاك، المقتناة من طرف مؤسسات الإنتاج، النقل وتوزيع وتسويق الكهرباء، وكذلك النقل والتوزيع وتسويق الغاز عبر الأنابيب الموجهة لتخصيصها مباشرة للاستغلال.
من جانب آخر، تم اقتراح تمديد الإعفاءات الجبائية الممنوحة للشركات الحاملة لعلامة "حاضنة" لسنتين إضافيتين في حال تجديد العلامة.
على صعيد متصل، تم اقتراح في المشروع الترخيص الممنوح للخزينة العمومية بإصدار سندات "صكوك سيادية"، ما يسمح للأشخاص الطبيعيين والمعنويين بالمشاركة في تمويل المنشآت و/أو التجهيزات العمومية ذات الطابع التجاري للدولة وإعفاء حاملي هذه الصكوك التي تكون مدة استحقاقها تساوي أو تفوق 5 سنوات، التي تكون صادرة من الخزينة العمومية أو متداولة في سوق منظم، من الضريبة على الدخل الإجمالي وكذا الضريبة على أرباح الشركات وحقوق التسجيل، وأيضا إعفاء الصكوك السيادية من رسوم التسجيل والإشهار العقاري لمدة 5 سنوات.
بالمقابل، تم اقتراح تمديد إلى غاية 31 ديسمبر 2025 الأجل النهائي الذي يجب على مستوردي ومصنعي زيت الصوجا الخام فيه البدء في عملية إنتاج هذه المادة الأولية أي زيت الصوجا الخام أو اقتنائه من السوق الوطنية، وهذا تحت طائلة فقدان الاستفادة من التعويضات والإعفاءات الجمركية والضريبية الممنوحة عند الاستيراد، فضلا عن اقتراح الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة والرسوم الجمركية لأجهزة الدفع الإلكترونية TPE والأطقم الموجهة لتركيب هذه الأجهزة حتى 31 ديسمبر 2027، كما تم إقرار مقترح يرمي إلى زيادة رأس المال الاجتماعي للصندوق الوطني للاستثمار FNI من 150 مليار دج إلى 275 مليار دج.
إعفاءات ضريبية لدعم الأمن الغذائي
ومن بين الإجراءات المقترحة في المشروع أيضا التكفل القانوني بالإجراء الذي اتخذته السلطات العمومية بإعفاء واردات اللحوم البيضاء المجمدة من الرسم على القيمة المضافة خلال الفترة من 8 جانفي 2024 إلى 31 ديسمبر 2025 وتمديد الإعفاء المؤقت من الرسم على القيمة المضافة حتى 31 ديسمبر 2025 على عمليات البيع المتعلقة بالبقول الجافة والأرز، المستوردة أو المنتجة محليا، وكذلك الفواكه والخضروات الطازجة وبيض الاستهلاك والدجاج واللحم والديك الرومي المنتجة محليا، والتمديد إلى غاية 31 ديسمبر 2025 النظام الخاص بتطبيق النسبة المخفضة بنسبة 5٪ للحقوق الجمركية على عمليات استيراد ماشية البقر الحي ولحوم الأبقار الطازجة المبردة المعبأة بالتفريغ، وكذلك لحوم الأغنام الطازجة المبردة المعبأة بالتفريغ وتوسيع تطبيق هذا المعدل المخفض إلى عمليات استيراد ماشية الغنم.
تحفيز القروض الاستهلاكية
في سياق متصل، فإن المشروع يقر أيضا اقتراح تمديد الترخيص الممنوح حاليا للبنوك لمنح قروض استهلاكية للأسر لاقتناء السلع ليشمل منح قروض استهلاكية لاقتناء الخدمات مثل الصحة والسفر.. وما إلى ذلك.
أما في مجال السكن، فإنه تم اقتراح تخفيض بنسبة 10٪ لجميع المستفيدين من السكن في إطار برامج البيع بالإيجار "عدل 3"، الذين قاموا بتسديد 38٪ من سعر السكن والذين يرغبون في دفع ثمن مساكنهم مسبقا وقبل الأجل المحدد، ويحسب على أساس ما تبقى من مبلغ الإيجار المستحق على المستفيد، المسدد دفعة واحدة. وبخصوص المؤسسة، فإنه تم إقرار استفادة النفقات المدفوعة في إطار البحث والتطوير داخل المؤسسة، وكذلك المدفوعة في إطار برامج الابتكار المفتوح مع المؤسسات الحاصلة على علامة "مؤسسة ناشئة" أو "حاضنة أعمال" من تخفيض لتحديد الربح الخاضع للضريبة في حدود 30% عوض 10% سابقا وفي حدود سقف 2 مليون دج عوض 1 مليون سابقا وتوسيع قائمة الأنشطة المستثناة من الخاضعة للضريبة الجزافية الوحيدة (أي رقم أعمال لا يتجاوز 8 ملايين دج) والتي يجب أن تخضع لنظام الربح الحقيقي واقتراح رفع المبلغ الأدنى للضريبة الجزافية الوحيدة لكل سنة مالية وبغض النظر عن رقم الأعمال المحقق إلى 30000 دج لكل الأنشطة، مع الإبقاء على مبلغ 10000 دج بالنسبة للمقاول الذاتي، فضلا عن اقتراح الإعفاء من رسم نقل الملكية بالنسبة للشركات المتحصلة على علامة "مؤسسة ناشئة" أو "حاضنة أعمال" قصد إنشاء نشاطات صناعية، فضلا عن الإعفاء من حقوق التسجيل بالنسبة لحاملي علامة "مشروع مبتكر"، مثلما تستفيد منها المشاريع في إطار الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية ANADE والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ANGEM.
ومن بين التدابير التي تخص المركبات والسيارات، فإنه تم اقتراح رفع تعريفة قسيمة السيارات المطبقة على السيارات السياحية والسيارات المهيأة كسيارات نفعية ذات قوة 10 أحصنة بخارية فأكثر، إلى جانب منع بيع أو التنازل عن السيارات المستوردة لأقل من 3 سنوات لمدة لا تقل عن 3 سنوات من تاريخ اقتنائها، التي يتم استيرادها من طرف الأفراد المقيمين في الجزائر.
بالمقابل، تم اقتراح إدراج قطاع إنتاج الأسمدة ضمن قائمة القطاعات الإستراتيجية، فضلا عن إخضاع ممارسة نشاط توزيع التبغ إلى اعتماد يمنحه المدير العام للضرائب، بعد اكتتاب دفتر للشروط، والمراجعة بالزيادة من 50 إلى 65 دينارا/ علبة لتعريفة الرسم الإضافي على المواد التبغية.
أهم المؤشرات الخاصة بمشروع قانون المالية 2025
ـ توقع أن تبلغ إيرادات الميزانية 523,06 8 مليار دج في 2025، أي بارتفاع بنسبة 3,5٪ مقارنة بالإيرادات المتوقعة في الإغلاق في 2024، مدفوعة بتحسن الإيرادات الجبائية بنسبة 9,0٪.
ـ توقع ارتفاع الإيرادات الجبائية من 813,12 3 مليار دج في توقعات الإغلاق لسنة 2024 إلى 156,89 4 مليار دج في سنة 2025 بارتفاع 343,77+ مليار دج وتوقع نفقات بـ16794,613 مليار دينار وإيرادات الميزانية بـ8523,1 مليار دينار.
ـ توقع بلوغ الجباية البترولية مبلغ 453,96 3 مليار دج سنة 2025 مقابل مبلغ 512,34 3 مليار دج في سنة 2024.
ـ تقدير سعر السوق لبرميل النفط الخام الذي يفوق 81,5 دولار أمريكي للبرميل في توقعات الإغلاق لسنة 2024، بينما تم اعتماد سعر سوق بـ70 دولارا أمريكيا للبرميل في توقعات سنة 2025، وتم الحفاظ على هذا السعر الحذر طوال فترة التوقعات 2025-2027.
ـ السعر المرجعي للبترول بـ60 دولارا للبرميل.
ـ توقع نسبة نمو للناتج الداخلي الخام بـ4.5 بالمائة.
ـ نفقات التحويلات الاجتماعية تقدر بـ872,37 5 مليار دج كرخص التزام و928,18 5 مليار دج كاعتمادات دفع، ممثلة فيما نسبته 37,1٪ و35,3٪ على التوالي، من إجمالي ميزانية الدولة لسنة 2025 بزيادة بمبلغ 313,57 مليار دج كرخص التزام أي +5,6٪، و288,64 مليار دج كاعتمادات دفع أي +5,1٪ مقارنة بالاعتمادات المراجعة لسنة 2024.
ـ توقع استمرار احتياطي الصرف باستثناء الذهب في الارتفاع منتقلا من 68,99 مليار دولار أمريكي في نهاية سنة 2023 إلى 71,78 مليار دولار أمريكي في تنبؤات الإغلاق لسنة 2024، مسجلا زيادة مقدارها 4٪، لتمثل 15,9 شهرا من الواردات من السلع والخدمات خارج عوامل الإنتاج.