قانون المالية يعتمد الصكوك السيادية

+ -

من بين الإجراءات والتدابير المقترح إقرارها في مشروع قانون المالية 2025، تلك المتعلقة بالترخيص للخزينة العمومية بإصدار أوراق مالية "صكوك سيادية"،  التي تسمح للأشخاص الطبيعيين والمعنويين بالمشاركة في تمويل البنية التحتية ومرافق السوق العمومية للدولة أو المرافق العامة للدولة، في مظهر من مظاهر توسيع أدوات التمويل.

ويعد إصدار الصكوك السيادية من قبل الخزينة العمومية خطوة إستراتيجية لتعزيز التمويل المستدام لمشاريع الدولة وتحفيز الاستثمار الوطني والدولي وتحقيق مزايا ضريبية مهمة، كما أنه يساهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على الديون الخارجية، ما يدعم الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام.

من جانب آخر، فإن مقترحا في المشروع يتضمن الإعفاء من الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات ومنتجات الصكوك السيادية الصادرة في سوق منظم وكذا الإعفاء من رسوم التسجيل وتسجيل الأراضي والصكوك السيادية طوال مدة استحقاقها.

ومن بين الجوانب التي تبرز أهمية ومزايا إصدار الصكوك السيادية توفير مصادر تمويل مستدامة للمشاريع الكبرى، حيث تتيح الصكوك للحكومة تمويل مشاريع البنية التحتية والمرافق العمومية بشكل مباشر ويمكن أن تشمل هذه المشاريع الطرق، الجسور، المستشفيات، المدارس والمرافق التي تساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز النمو الاقتصادي. من خلال توجيه هذه الموارد إلى مشاريع حيوية، تساهم الصكوك السيادية في دعم التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة، ما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية.

ومن خلال الترخيص بإصدار الصكوك السيادية، يتم فتح المجال أمام المستثمرين، سواء أكانوا أفرادا أو شركات، للمساهمة في تمويل مشاريع الدولة. هذا النوع من الأوراق المالية يسمح بزيادة حجم الاستثمارات الداخلية والخارجية، كما يعزز من دور القطاع الخاص في المشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني. استثمار الأفراد والشركات في هذه الصكوك يوفر وسيلة آمنة ومربحة لتحقيق عوائد مالية جيدة، ما يساهم في تحفيز رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. بالمقابل، يمثل إعفاء منتجات الصكوك السيادية من الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات حافزا للمستثمرين. فهذه المزايا الضريبية تجعل من الصكوك السيادية خيارا مغريا، حيث يمكن للمستثمرين تحقيق عوائد مالية جيدة دون تحمل أعباء ضريبية إضافية. هذا الإعفاء الضريبي يعزز من جاذبية هذه الصكوك في السوق المالي ويزيد من الإقبال عليها، ما يساهم في تسريع وتيرة التمويل وتحقيق الاستثمارات المطلوبة لمشاريع الدولة.

وإلى جانب ذلك، فإن الصكوك السيادية تمثل أداة تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ما يسمح بجذب واستقطاب شريحة واسعة من المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في أدوات مالية متوافقة مع المبادئ الإسلامية. كما أنها أداة مالية مبتكرة تتماشى مع الأسواق المالية التقليدية، ما يعزز من تنوع الأدوات المالية المتاحة في السوق ويزيد من القدرة على تلبية احتياجات المستثمرين بمختلف توجهاتهم.

كما أن إصدار الصكوك السيادية يعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني والسياسات المالية للدولة، هذه الخطوة تعكس شفافية الحكومة في تمويل مشاريعها وتؤكد التزامها بتوفير فرص استثمارية آمنة ومستقرة. يعزز هذا الثقة بين المستثمرين المحليين والدوليين ويشجع على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، بينما المشاركة الواسعة في تمويل البنية التحتية والمشاريع العمومية من خلال الصكوك السيادية تساهم أيضا بشكل مباشر في تحفيز النمو الاقتصادي. هذه المشاريع الكبرى تخلق فرص عمل جديدة وتزيد من الإنتاجية وتحسن من الخدمات العامة والبنية التحتية، كل هذا يؤدي إلى زيادة الاستهلاك والاستثمار الخاص، ما يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي العام.

جدير بالإشارة أن الصكوك السيادية هي أدوات مالية إسلامية تصدرها الحكومات لتمويل مشاريعها أو توفير السيولة، وهي مشابهة للسندات التقليدية في بعض النواحي، أما الفرق الأساسي بين الصكوك والسندات التقليدية يكمن في أن الصكوك تتوافق مع الشريعة الإسلامية، حيث تعتمد على مفهوم المشاركة في الربح والخسارة وتجنب الفائدة.

وعند إصدار الصكوك السيادية، يتم توظيف الأموال التي تجمعها الحكومة من خلال بيع هذه الصكوك في مشاريع محددة، وعادة ما تكون هذه المشاريع مرتبطة بالبنية التحتية أو التنمية العامة. يعود جزء من الأرباح الناتجة عن هذه المشاريع إلى حملة الصكوك كعائد على استثماراتهم، ويتم التعامل مع هذه الصكوك كأصول مدعومة بمشروع ملموس أو أصول حقيقية بدلا من الدين المباشر.

ويمكن أن تمثل الصكوك السيادية، حسب خبراء اقتصاديين، أداة تمويل هامة للحكومات لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل الطرق، الجسور، الموانئ، المدارس والمستشفيات. هذه المشاريع تتطلب عادة استثمارات ضخمة قد لا تكون متاحة في الميزانية الحكومية المباشرة، وبالتالي تستخدم الصكوك السيادية لجمع الأموال من المستثمرين، كما تساعد في تنويع مصادر التمويل الحكومية. بدلا من الاعتماد الكلي على القروض أو فرض الضرائب، تمنح الصكوك خيارا آخر للحكومات لجذب واستقطاب الأموال من الأسواق المحلية، كما أنها تجذب فئات مستثمرين جديدة، لاسيما الذين يفضلون الاستثمار في أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وتمثل الصكوك السيادية أداة تمويل مبتكرة ومرنة تتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتوفر للحكومات وسيلة فعالة لتمويل مشاريع التنمية العمومية، وتعد هذه الأداة محركا هاما للنمو الاقتصادي والاستقرار المالي، كما تعزز من مشاركة القطاع الخاص والأفراد في تمويل مشاريع الدولة بفضل مزاياها المتعددة.