"إسرائيل تفوقت بالذكاء الاصطناعي والمقاومة ستنتصر على الميدان"

+ -

يتطرق في هذا الحوار مع "الخبر"، الخبير العسكري اللبناني، ناجي ملاعيب، لما حققته المقاومة الفلسطينية طيلة السنة المنقضية.

 

تبلى المقاومة في غزة البلاء الحسن، مفاجئة كل المراقبين بعد صمودها على الميدان، ومواصلة تكبيدها للخسائر لجيش الاحتلال المدجّج بالأسلحة المتطورة. ما هي العوامل التي ساهمت في نجاح المقاومة في تسيير معركتها على مدار عام في ظل حصار خانق؟

أهم العوامل التي ساهمت في نجاح المقاومة في تسيير معركتها على مدار عام أن غزة تعيش الحصار بعد الانسحاب الإسرائيلي في 2005 من القطاع، وحدث الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية بعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية وقرار الانقلاب عليها من السلطة لتنبثق حكومتان، ليتعمق الانقسام بعد مؤتمر مدريد الذي أقر قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، وفي ظل الحصار، تمكنت حماس من تعزيز قدراتها العسكرية تدريجيا من خلال استثمار جزء من ذلك الدعم في الحصول على السلاح ثم الشروع في صناعة بعض الأسلحة محليا على غرار بندقية الغول، القاذفات المضادة للآليات، صواريخ الياسين، وكذلك التحكم في تقنية الطائرات المسيرة، مع بناء أنفاق تحت الأرض بها غرف قيادة وتدريب وخطوط اتصال تحت أرضية، وتبريد وإنارة مع إنشاء الأبواب المصفحة أي أن كل وسائل الحماية متوفرة تحت الأرض، وهذا مكن غزة من أن تصمد، بعد عام من "طوفان الأقصى".

أما ميدانيا، فاعتمدت المقاومة على اصطياد الدبابات وتأخير التقدم ومفاجأة العدو في أماكن تمركزه وإطلاق القذائف، سواء القذيفة الياسين 105، أو القذيفة التي تلصق على الدبابة أو على الجرافات لإعطابها، إلى جانب قذيفة الشرفات والكمائن والقنص وكل ذلك أعاق فقد العدو من التقدم باتجاه غزة، رغم توغله البري، إذ يعمد للتدمير الممنهج بواسطة سلاح الجو، لكنه فقد الكثير من ضباطه، مع اضطراره لاستدعاء قوى الاحتياط الفاقدة للتدريب، دون أن ننسى منطقة الشجاعية التي أجبرت لواء غولاني المحسوب على النخبة في إسرائيل، للخروج من الخدمة لإعادة تنظيمه بعدما فقد قائد اللواء ومجموعة كبيرة من ضباطه، وهذا ما تسبب في إدخال الإحباط والشك لدى جيش الاحتلال.

كما فشلت كل محاولات التعامل مع الأنفاق، حيث لم تنفع محاولات إغراقها بمياه البحر أو الدخول إليها بالكلاب البوليسية أو تفجيرها، ولما أعلنوا أنهم سيطروا على أحد الأنفاق في الشمال، قامت حماس مباشرة بالتأكيد أن ذلك النفق مهجور وغير مستخدم. وكل هذه المعطيات ساهمت في صمود أكثر وأطول لقوى المقاومة.

 

ما أهمية الإسناد الذي يقدمه حزب الله لغزة؟ وهل سيؤثر الهجوم الصهيوني على لبنان في المقاومة في غزة؟

نعم، تمكنت جبهة الشمال في إسناد غزة من حيث إنها استطاعت شل الحياة في شمال الأراضي المحتلة خاصة في كامل منطقة الجليل، وهي منطقة زراعية وفيها صناعات زراعية كبيرة وصناعات عسكرية وتكنولوجية، حيث اضطر المستوطنون للهروب ومن بقي منهم يعيش الرعب، فقد تمكن "حزب الله" من تطوير تعامله مع القبة الحديدية والطيران الحربي وأجهزة الرصد، واستطاع تدمير معظم أجهزة الرصد الإسرائيلي في المكان، وبدئه بالسيطرة على زمام الأمور، من خلال العربدة في سماء الجليل بمسيراته واكتشاف أي موقع مستحدث للجيش.

فهذه الجبهة أفادت كثيرا غزة حيث إنها استنزفت صواريخ القبة الحديدية واستهلكت فرقتين عسكريتين في غزة، ما اضطر العدو لتجنيد فرق من الاحتياط، لاستخدامهم في غزة. فكما شرحت سابقا، فإن وجود الاحتياط لم يكن لصالح الجيش النظامي الإسرائيلي، بالتالي جبهة الشمال لم تستهلك من ذخيرتها سوى القليل على المدى القريب، ومازالت تحتضن الأسلحة المتوسطة وبعيدة المدى، كما أثبتت أنها تمتلك الصواريخ الباليستية، وهي ذات عمق جيد، وليست محصورة كغزة، لذلك شكلت خطرا كبيرا للكيان، وقالت نحن هنا لدعم الفلسطينيين، مع اشتراط "حزب الله" وقف إطلاق النار في غزة وانسحاب القوات الصهيونية منها، ما يعني أنه كسر إرادة العدو وخروجه من غزة سيحقق نصرا جيدا للمقاومة الفلسطينية، حيث ستعاد غزة بكاملها تحت سلطة المقاومة، وهذا شرط أساسي لم يتخل عنه "حزب الله" حتى بعد استشهاد أمينه العام.

 

على عكس "حزب الله"، استطاعت "حماس" والمقاومة في غزة أن تؤمّن صفوفها من الاختراق، لماذا في تقديرك؟

لا شك أن قادة "حماس" كلهم تحت الأرض وأنفاقها شكلت حيث لا يمكن للعدو أن يصل إليها، فأمريكا زودت إسرائيل بقذيفة إنكار 84 التي تخترق سبعة 6 م من الإسمنت المسلح و30 م من التراب، لكن يبدو أن الأنفاق هي أبعد من 30 م في العمق ولم تستطع كل هذه التقنيات الوصول للأنفاق. بينما في لبنان، فـ"حزب الله" موجود فوق الأرض، كما لديه خزائن تحت الأرض، كما قال الأمين العام للحزب في الفيديو الرابع "جبالنا خزائننا" أي لديه أسلحة وصواريخ تحت الأرض، لكن قادته منتشرون في لبنان، ويبدو أن التقنيات التكنولوجية الأجنبية التي وضعت تحت تصرف إسرائيل مكنتها من جمع بيانات هامة جدا عن الهواتف الخلوية وعن التنقلات وعن السيارات إلخ.. فإسرائيل طورت نظام "بيغاسوس" للتجسس وتبيعه لبعض الدول، مدعية أنه مملوك لشركة "إن إيس أو" الخاصة، وهذا غير صحيح طبعا، لأن كل البيانات المتحصل عليها توضع تحت تصرف المخابرات الإسرائيلية لدمجها مع تقنية الذكاء الاصطناعي من أجل تنفيذ عمليات اغتيال دون أن تخسر أي جندي، إذ ترصد الشقة أو المكان الذي يتواجد فيه الشخص وتقوم بالقصف من الجو. 

 

أي سيناريو تتوقعونه للحرب في عامها الثاني؟

نحن أمام "إسرائيلين": إسرائيل التي علت فوق الأرض واستفادت من كل هذه التقنيات بمساعدة الغرب، وإسرائيل التي تنتظرها المقاومة على الأرض في البر، وأعتقد أنها حتى وإن نجحت في إرباك "حزب الله" وقياداته باستخدام تلك التقنيات، فإنها على الأرض لم تستطع ولن تستطيع البقاء في أي أرض يمكن أن تدخلها، لأن الحسابات على الأرض مغايرة للحسابات في الجو.

 

كلمات دلالية: