38serv

+ -

كلما يحل علينا الخريف تحل علينا ذكراك.. ويخيم علينا الحزن مرة أخرى وكأنه بالأمس فقط رحلت عنا، إنها الذكرى الـ 29 لاغتيالك يا عمر، تسع وعشرون سنة على فراقك، ليعود الثالث أكتوبر بقسوة وألم، حاملا تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم، يوم رحيلك الأبدي دون رجعة.. كيف لنا أن ننساك يا عمر؟ هل يمكن أن نستثني الخريف بين الفصول؟.. لا.. كذلك ذكراك يا عمر لا يمكن أن تنسى..

تخونني الكلمات حين أرغب في الكتابة عنك يا عمر، فليس سهلا الكتابة عن أخ كان المثل الأعلى لعائلته والابن البكر لأبويه، والكل يعرف معنى فقدان الابن البكر والأخ الأكبر.

غادر عمر هذه الحياة كما تركتنا أمور جميلة راحت معه، وتبخرت أحلام رجل كان أمله الكبير أن يرى بلاده تعيش في هناء وتقدم.. لم يعش عمر ليرى مشاريعه تتحقق أو ربما ليناضل لتحقيقها، لم يعش عمر ليرى حمزة شابا وتشبع منه عائلته الصغيرة والكبيرة، لم يعش عمر ليرانا جميعا كيف كبرنا وأين أصبحنا، فضل عمر الدار الأخرى أو ربما هي اختارته، ليذهب وتبقى الذكريات تضيء في زوايا عاتمة، تشع كل مرة تحضر فيها سيرتك الطيبة، سرة الرجل النزيه... فقد صدق الذي قال "الطيبون يغادرون مبكرا"...

صحيح أن عمر رحل، وهذه سنّة الله في خلقه، لكن مشواره الشريف والمشرف والذكرى الطيبة التي تركها بين أصدقائه وزملائه في الوسط الإعلامي والمهني تبقى راسخة، كما تبقى جريدة "الخبر" شاهدة على نضال "شهيد الكلمة والقلم"..

عمر أورتيلان أصبح اليوم غنيا عن التعريف على الأقل لدى جيله من المثقفين، فمن لم يعرفه عن قرب سمع عنه.. عمر أورتيلان، أول رئيس تحرير لجريدة "الخبر"، إحدى أول اليوميات التي ولدت مع فتح المجال للتعددية السياسية والإعلامية في الجزائر سنة 1989، وأحد مؤسسي "الخبر" التي ستحتفل في الفاتح نوفمبر المقبل بعيد ميلادها الـ 34، وتبقى "الخبر" شاهدة على نضال عمر من أجل السلم والديمقراطية. وصموده أمام آلة القتل التي كانت تحصد الأرواح دون استثناء، ليكون الثالث من أكتوبر 1995 آخر المحطة لكفاح عمر، بعد أن تمكن الإرهاب من إسكات صوته، كما أسكت صوت الكثير من الإعلاميين والمثقفين ومن أبناء الوطن في عشرية سوداء، ترك الأسى والحزن في أغلب العائلات الجزائرية... ويبقى شهيد السلم والديمقراطية رمزا من رموز الإعلام في الجزائر المستقلة.

.. سلام لك يا عمر، فأنت الآن بين أحضان والديك في الدار الأخرى.