غادر المئات من الطلبة، أمس، مقاعد الدراسة بالجامعات المغربية، وخرجوا إلى الشارع في مسيرات احتجاجية، تنديدا بالقمع المخزني الذي طال اعتصام طلبة الطب والصيدلة يومي 25 و26 سبتمبر المنصرم.
الظاهر أن الوضع السياسي والاجتماعي في مملكة محمد السادس يسير من السيئ إلى الأسوأ، فها هم آلاف الشباب يصنعون الحدث دوليا بتنظيمهم ما سمي "الهروب الكبير"، وها هو أيضا محافظ البنك المركزي الذي قدم أرقاما رهيبة عن نسبة البطالة التي قاربت الـ50 بالمائة لدى فئة الشباب بين 15 و24 سنة، وها هم منكوبو الزلزال ما زالوا يعانون ويتألمون وينتظرون شتاء آخر قاسيا عليهم، وها هم أخيرا آلاف الطلبة الجامعيون يخرجون في مسيرات احتجاجية لينتفضوا ضد القمع والطغيان المخزني، وما خفي أعظم.
وكان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب قد دعا، في بيان له تحت عنوان: "أوقفوا الظلم والعبث.. أنصفوا طلبة الطب والصيدلة"، جميع الطلبة للاحتجاج ومقاطعة الدراسة، أمس، تنديدا بالقمع الوحشي والاعتداء السافر الذي قوبلت به الاحتجاجات السلمية لهؤلاء الطلبة، ورفضا لموجة الاعتقالات غير المسبوقة بحقهم، في خطوات وصفها بـ"المتهورة"، التي تهدف لـ"اغتيال العمل النضالي الطلابي وإقبار الصوت الصادح بالمطالب المشروعة".
واستجاب الطلبة في العديد من الجامعات لدعوة الاتحاد الطلابي مثل المحمدية، عين الشق، الجديدة، القنيطرة، وجدة، مكناس، تطوان، أكادير..، وخرجوا في مسيرات احتجاجية، رفعوا خلالها شعارات تؤكد تضامنهم مع طلبة الطب والصيدلة، وتندد بالاعتقالات التي استهدفت العشرات منهم، مشددين على رفضهم التضييق على العمل النقابي الطلابي.
وكانت العديد من التنظيمات الطلابية في المملكة قد استنكرت "عسكرة" الحرم الجامعي وأبواب كليات الطب والصيدلة في عدة مدن جامعية كالدار البيضاء وطنجة وغيرها، وهو ما يمثل، وفقهم، "انتهاكا صارخا لاستقلالية الجامعة وحرمتها"، داعية كافة الطلبة للانخراط في الحركات الاحتجاجية ودعم المطالب المشروعة.
كما خلف قمع قوات الأمن لاحتجاجات الطلبة ردود فعل غاضبة من قبل العديد من المنظمات الطلابية والنقابية والحقوقية في المغرب، التي استنكرت لجوء المخزن إلى المقاربة الأمنية في تدبير هذه الأزمة، خاصة مع تسجيل إصابات عديدة في صفوف الطلبة واعتقال 30 طالبا تمت إحالة 28 منهم على العدالة.
وفي هذا الإطار، وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نداء عاجلا لجميع القوى الغيورة على حقوق الإنسان بالمملكة لتكثيف سبل دعم وإسناد نضال ومطالب طلبة الطب، والمساهمة في التصدي لكل أشكال القمع التي تستهدفهم، محملة الدولة المخزنية "المسؤولية كاملة" في تعميق التوتر والاحتقان في قطاع الطب بالتعليم العالي.
يشار إلى أنه تقرر متابعة 28 طالبا من كلية الطب والهندسة في حالة سراح، بتهم "العصيان وعدم الامتثال لأوامر السلطة"، و"التجمهر غير المسلح وغير المرخص". وحددت أول جلسات محاكمتهم بتاريخ 23 أكتوبر 2024. وتم توقيف المتابعين من قبل أمن الرباط يومي 25 و26 سبتمبر الجاري على خلفية احتجاجهم المطالبة بالاستجابة لملفهم المطلبي الذي يناضلون من أجل تحقيقه منذ ما ناهز 10 أشهر، وقد كلف الفضاء المغربي لحقوق الإنسان أحد المحامين بالدفاع عنهم.