يعتقد الدكتور بوبكر منصور، أستاذ علم النفس بجامعة الوادي، أن مسألة الطلاق قبل البناء، هي نتاج سوء تنظيم وإدارة العلاقة في فترة الخطوبة، ذلك أن بعض الشباب لا يزال ينظر للعقد المدني على أنه إجراء إداري لتسوية العلاقة مع خطيبته، من خلاله يستطيع تجاوز بعض العقبات الإدارية، خاصة تلك المتعلقة بالعمل أو الحصول على بعض الحقوق مثل السكن... وغيره.
والأهم من ذلك، يضيف بوبكر، أنها تستخدم كنوع من الفتوى أو الترخيص القانوني والاجتماعي الذي يتيح للخطيب الاستمتاع بمساحة من الخصوصية مع من هي زوجته قانونا، ما يسمح بتوفير فرص للشحن العاطفي والاستثارة الجنسية التي تتعزز بعبارة "راكي مرتي وعاقد عليك".
وبالتالي فإنهاء هذه العلاقة بالطلاق قد يكون عاديا بالنسبة للزوج، لكن بالنسبة للفتاة الأمر يخلق عندها نوعا من الأزمة النفسية، فهي قد فسخت خطبتها بعنوان "المطلقة"، حيث يطرح البعض أكثر من سؤال عن مدة العقد، وطبيعة علاقتها بطليقها.
فهي قد تواجه ضغوطا واستفهامات من قبل دائرة الأسرة أو الرجل الذي سترتبط به مستقبلا، ولعل أزمتها تكون أكبر إذا كانت قد عاشت معه نوعا من التجارب الجنسية وكثيرا من الذكريات التي قد تلوث سماء مستقبلها العاطفي.
ويحذر المختص النفساني من مثل هذه العلاقات والفصل بين محطات العلاقة الزوجية، فلا نحمل فترة الخطوبة أكثر مما تتحمل، فهي محطة تسمى وعد بالزواج فقط، ولا ينبغي أن نعطي لها شرعية قانونية إلا أياما قليلة قبل الزواج، ليأتي بعد ذلك العقد الشرعي أيام حفل الزفاف.
ومن المفارقات في المجتمع الجزائري والعربي عموما، وفق بوبكر، أن الشاب متسرع ومتعطش للسلطة التي يمارسها بعد إعلان الخطوبة، وتزداد وتتعزز مع العقد المدني الذي يشعره فعلا أنه زوج بكامل الصلاحيات، ما تكون نتائجه خيبة أمل كبيرة، أين تخرج المسكينة من هذه العلاقة فاشلة، محبطة ومشتتة نفسيا بعد أن عاشت شعور زوجة بعقد زواج ودفتر أسرة.
وفي السياق نفسه، تقول الأخصائية النفسانية ومديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسانية، الدكتورة سميرة فكراش، أن الطلاق قبل الدخول أصبح ظاهرة في المجتمع الجزائري خاصة في السنوات الأخيرة، وله عواقب على نفسية المطلقة التي يُنظر إليها على أنها مطلقة قبل البناء وتوجه لها أصابع الاتهام، رغم أن هذا الطلاق جاء لعدم التوافق.
لكن ثقل الضغط الاجتماعي، تضيف فكراش، جعلنا أمام واقع صعب جدا، "فمن جهة أن الطلاق قبل البناء يسمح به المشرع الجزائري، ومن جهة أخرى لدينا ما يسمى بالطفر الاجتماعي الذي يحمل المرأة مسؤولية عدم نجاح مشروع الزواج".
كما أثارت محدثنا نقطة مهمة تتعلق بمسألة العبث بالزواج، حيث يتم إبرام العقد المدني قبل موعد الزواج الرسمي بسنوات طويلة، ويتضح بعد هذه الخطوة أن الشخصين غير متلائمين لبعضهما، وينتهي الأمر بالطلاق قبل البناء الذي يعد أقل ضررا من الطلاق بعد الدخول.
وأكدت المتحدثة على أهمية دور العائلة في التعرف على الخاطب وأهله لأن "من يدفع الثمن هو المرأة التي قد يحرمها هذا الطلاق من الزواج مرة ثانية، لذلك على المشرع الجزائري أن يكون أكثر صرامة، من خلال فرض إبرام العقد المدني ليلة الزفاف".