لجأ النظام المغربي، إلى أسلوب اتصال اجتماعي، يرتكز على حملات تحسيسية باللافتات في الفضاءات العمومية، لاستجداء المواطنين على وقف الهجرة الجماعية غير المسبوقة، والتصدي لنداءات الاحتجاج العام الذي تدعو إليه نقابات وجمعيات وتنظيمات مهنية وجمعوية وحقوقية.
بعد أن واجهت السلطات المغربية موجة "الهروب الكبير" لمئات أو آلاف المواطنين نحو الحدود المغربية الإسبانية مع مدينة سبتة، بالقمع والملاحقات القضائية، تحاول حاليا، نشر لافتات تحسيسية في الفضاءات العمومية، مدون عليها مقولة "وطنك فوق كل شيء .. الفساد والبطالة ليس سببا كي تهرب"، في أسلوب سطحي، لا يرقى إلى مستوى أزمة اجتماعية متفاقمة، تستدعي التبصر والفهم والجدية والعمق في التعامل معها، وفق ما يرى مراقبون.
ويظهر في الصورة المتداولة بمنصات التواصل بشكل واسع، أم وولدين ينظرون إلى السماء ويتوسطون الراية المغربية، وهي صورة أراد مصممها ومن خلفه، ضخها بجرعة حزن وتأنيب، لدغدغة شعور وعواطف العائلات المغربية، بهدف كبح أو ثني أولادها على الهجرة غير النظامية وعلى عدم المشاركة في الاحتجاجات التي تدعو إليها جهات مهنية وحقوقية وجمعوية.
وفي أسفل اللافتات أيضا، كتب مصممو الحملة التحسيسية بلهجة دارجة أن "الهروب ما غاديش يحل المشاكل .. الغربة تقدر تخدعك، لكن الوطن هو لي كيبقى معاك حتى فالظروف الصعبة"، في تعبير ركيك لم يعد ينطلي على الأجيال الصاعدة من المغاربة، التي تحمل في أذهانها مفاهيم عقلانية وحقيقية عن الوطنية وخدمة الوطن، تتجاوز الدوغمائية والشوفينية، وقادرة على التمييز بين الخطاب الجاد والمبادرات الحقيقية ولو فشلت والتلاعب بالكلمات والعزف على أوتار العاطفة.
وفي الأسفل أيضا، عنونت الجهة مصممة اللافتة، بأن الخطوة هي "مبادرة لترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية"، من دون توضيح طبيعة الإجراء أو القرارات التي ترسخ الدولة الاجتماعية، ما أبقاها تبدو عبارة عن شعار بدون أساس واقعي وإجرائي.
ويأتي لجوء النظام المغربي إلى أسلوب الاتصال الاجتماعي لمعالجة ظاهرة "الهروب الكبير"، من دون إرفاقها بإجراءات ملموسة وقرارات مدروسة، بعد سلسلة ملاحقات قضائية لعشرات الشباب الذين حاولوا اختراق الحدود المغربية الإسبانية، وتعامل عنيف وتجاهل الأمر تماما على المستوى الرسمي والإعلامي.