بعد مخاض عسير وطويل، جرى اتفاق على تشكيل حكومة في فرنسا، بعد تجاذبات ليس فقط بين الأحزاب اليمينية وحزب اليمين المتطرف "التجمع الوطني"، بل أيضا بين الرئيس ماكرون والوزير الأول ميشال بارنيي.
التشكيلة الجديدة أظهرت ميولا يمينيا ظاهرا، إرضاء لحزب اليمين المتطرف، الذي يمكن القول إنه الحاكم الفعلي، فتعيين ميشال بارنيي في منصب الوزير الأول، لم يكن بالإمكان أن يتم دون موافقة حزب مارين لوبان، الذي يلعب دور الحكم في الغرفة السفلى من البرلمان الفرنسي.
وبالعودة إلى تشكيلة الحكومة، فقد طغت عليها وجوه يمينية، لما يعرف بـ"اليمين المسيحي التقليدي"، القريب من التيار المتطرف.
ومن بين الوجوه التي تمثل هذا الاتجاه، نجد وزير الداخلية، برونو روتايو، رئيس كتلة حزب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وصاحب الموقف المتشدد ضد الهجرة. وعقب تعيينه، أعربت أحزاب اليسار عن غضبها بسبب مواقف صاحب 63 سنة، والذي بدأ مسيرته السياسية إلى جانب فيليب دوفيليي، وجه بارز في اليمين المتطرف والمقرب اليوم من العنصري، إيريك زمور.
كما نددت جمعيات مساعدة المهاجرين، بمنح روتايو مفاتيح تسيير ملف المهاجرين، فهذه الأخيرة تتوقع أنه سيتم تشديد الخناق على نشاطاتها في تقديم يد العون للمهاجرين غير الشرعيين.
ويرى ملاحظون أن يضغط برونو روتايو، بكل ثقله كاسم بارز في حزب "الجمهوريين" المشارك في الحكومة، إلى جانب حزب الرئيس ماكرون، في ملف الهجرة نحو موقف أكثر تشددا، وهو المسعى الذي أعلن عنه الوزير الأول بارنيي، فور تعيينه، إرضاء لحزب "التجمع الوطني".
وعقب تعيينه شدد الوافد الجديد على رأس وزارة الداخلية، على ضرورة تبني توجه أكثر صرامة، معلنا مساندته المطلقة لمصالح الأمن، المتهمة، بانتظام، بالتعدي على المهاجرين، سواء الشرعيين أو غير الشرعيين.
وبخصوص موقفه من الجزائر، يُعرف عن روتايو أنه من بين أشد المؤيدين لمراجعة اتفاقيات 1968 بين الجزائر وفرنسا، التي تمنح (على الورق) للمهاجرين الجزائريين بعض الامتيازات.
كما أنه من أشد المعارضين لفكرة اعتراف فرنسا بجرائمها إبان الحقبة الاستعمارية، بل كانت له تصريحات مشينة، أشاد فيها بما أنجزته بلاده خلال 132 سنة من تواجدها في الجزائر.
وإن كانت العلاقة بين الجزائر وسابقه في المنصب، جيرار دارمانان، متوترة جدا في ملف طرد المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين، واتهم دارمانان عدة مرات التمثيليات الدبلوماسية الجزائرية بتعطيل منح أوامر المرور القنصلية لتسهيل عودة "الحراڤة" الجزائريين، فمع روتايو فهي (العلاقة) مرشحة أن تكون مكهربة.