جاء في جامع الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله يقول: “من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارا ولا درهما، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر”.
ها قد انقضت العطلة الصيفية ورجع أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد دارستهم، واستهلوا على بركة الله فصلا دراسيا جديدا، فأردت أن أخاطب إخواني من معلمين ومعلمات، أحب أن أتحدث معهم وأوجه لهم نصيحة من خلال صحيفتنا الغراء “الخبر”، أرجو الله أن تكون خالصة لوجه الله، وأرجو الله أن يكون لها أثر بليغ في نفوس الجميع.
اعلم أخي المعلم، واعلمي أختي المعلمة، أن مسؤولية التربية والتعليم مسؤولية جسيمة خطيرة، ومسؤولية كبيرة عظيمة؛ لأنها تتعلق بتربية الأجيال من بنين وبنات، فأنتم بالدرجة الأولى مسؤولون عن تربيتهم وتوجيههم، ورسم الطريق الذي يسيرون عليه في مستقبل أمرهم. إذا، فالمعلم والمعلمة يجب أن يستحضر كل منهما هذه المسؤولية العظيمة، وأن يتصوّروا هذه الأمانة الملقاة على عواتقهم، فإن تصوّروها حق التصوّر وعلموا أهميتها وكبير شأنها، دعاهم ذلك إلى أن يؤدوا ما استطاعوا من واجب، وما قدروا عليه نحو أداء هذه المهمة على الوجه المرضي، فنبينا صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أن كل مسؤول عما استرعاه الله عليه.
أخي المعلم، أختي المعلمة.. إن في أعناقكم مسؤولية تربية النشء وتثقيفه، فإن اتقيتم الله فيما عُهد إليكم من واجب وفيما كلفتم به من مهمة، وإن اتقيتم الله فأديتم هذه الوظيفة حق أدائها، ورعيتموها حق رعايتها، وُفِّقتم للخير، وهديتم للطريق المستقيم. ولتكونوا على قدر ما حملتم من مسؤولية، فأولا وقبل كل شيء الإخلاص في العمل، ثم الحرص في المحافظة على الوقت، زمنا وأداء، وذلك بالالتزام بالحضور في الوقت، وأداء العمل بجد ومثابرة، فالله الله، فلا تستخفوا بهذه المسؤولية، ولا تستهينوا بها.
أخي المعلم، من باب النافلة أذكرك بالصلاة، فلا شك أنت حريص عليها، الصلوات الخمس ركن من أركان الإسلام، فليشعر الطلاب منك بترغيبهم فيها وحثهم عليها وبيان منزلتها في الإسلام لكي يؤدوها، رغبهم في أدائها، وحثهم عليها، ومُرهم بها، واسألهم هل أدَّوها؟ اسألهم عن أدائها من باب الحث لهم والحرص على أدائها، ورغبهم في وقتها وفي أدائها جماعة، وكن حريصا على ذلك في كل فرصة ممكنة.
أخي المعلم، قبل التعليم فأنت مربٍّ؛ رغِّب الأولاد في بر الأبوين، وبيّن لهم وجوب بر الأم والأب، والسمع والطاعة لهما في المعروف، فعسى الله أن ينفع بتوجيهك، حثهم على احترام الكبير ورحمة الصغير، والتعامل الراقي مع الجيران والأقارب، حثهم وبيّن لهم أن هذا الدين دين أخوة ومحبة، رغّبهم في سلوكهم وسيرهم في ذهابهم إلى المدرسة ورجوعهم منها، وحذّرهم من التهور في اجتيازهم لطرق السيارات، حذّرهم من الأخلاق السيئة ومن مصاحبة خلان السوء.
أما أنتم إخواننا الإداريون، فإن دوركم لا يقل شأنا عن دور المعلمين، تابعوا الطلبة في حضورهم للمدرسة في الوقت، راقبوا هندامهم وقصات شعورهم، وتقليم أظافرهم، حثوا البنات على فريضة الحجاب، ذكّروا الطلاب بما أنعم الله علينا في بلادنا من أمن واستقرار، وتعاونوا على الخير في أداء هذه المهمة العظيمة التي ائتمنكم الله عليها.
أخي المعلم، أخي الإداري.. يكفيكم فخرا أنكم تمارسون مهنة الأنبياء التي هي تربية الأمة وتثقيفها، رحم الله ابن عطاء الله السكندري حين قال: “إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر حيث أقامك”. نسأل الله أن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يعيذنا من زوال نعمته ومن تحول عافيته، ومن فُجاءة نقمته.. والله ولي التوفيق.
*إمام مسجد عمر بن الخطاب -