لم ينتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دخول العهدة الثانية لعبد المجيد تبون رسميا لفتح قنوات اتصال مع نظيره الجزائري، وأرسل كبيرة مستشاريه لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، آن كلير لوجوندر، وبحوزتها رسالة، فيما يعتبر أول تواصل مباشر بين قصر المرادية وقصر الإليزيه مند خطيئة باريس بالانحياز إلى المغرب في قضية الصحراء الغربية.
السيدة لوجوندر ليست أيا كان، فهي ضمن نخبة صغيرة من المقربين لماكرون، بل الدائرة الضيقة له وممن يرسمون مواقف وقرارات الرئيس الفرنسي للمنطقة المغاربية، بحكم تخصصها في هذا الملف، حيث سبق وتولت منصب المكلف بالعلاقات الفرنسية الجزائرية في دائرة شمال إفريقيا في الخارجية بين 2008 و2010.
وقد أدرج اسمها ضمن قائمة الذين هندسوا إعلان باريس الاعتراف بضم المملكة المغربية الصحراء الغربية، رغم أنها مصنفة ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار.
وتضم تلك القائمة أيضا، حسب ما نشرته صحيفة "لوموند" في تحقيق لها صدر غداة الإعلان عن قرار ماكرون، السفير الفرنسي الحالي لدى المخزن، كريستوف لوكورتيي، المعروف بقربه من ماكرون، وآن غريو، مديرة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية، والسفير المكلف بملف العولمة أوريليان شوفاليي. ويلي إيفاد المستشارة لوجوندر إرسال برقية التهنئة غداة إعلان تبون فائزا بالانتخابات الرئاسية، حيث شدد فيها الرئيس الفرنسي على أن "العلاقات مع الجزائر تبقى استثنائية في كل المجالات ولاسيما منها المجال الأمني ومكافحة الإرهاب"، مشددا فيها على أن "الحوار بين الجزائر وفرنسا يعد أساسيا خاصة مع تواجد الجزائر في مجلس الأمن الأممي"، كما اعتبر أن "روابط الصداقة قوية بين فرنسا والجزائر وأنه يعتزم بحزم مواصلة العمل الطموح الذي تضمنه إعلان الجزائر لتجديد الشراكة بين بلدينا".
وكان لافتا للمتتبعين أن تحركات وأفعال ماكرون تختلف هذه المرة وبصفة جذرية عن تلك التي صدرت عنه في ديسمبر 2019 غداة انتخاب تبون، حيث رفض تهنئته واكتفى بتصريح مستفز وقال إنه "أخذ علما بالإعلان الرسمي عن فوز تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية من الدورة الأولى".
واعتبر الباحث والمحلل السياسي الجزائري حسني عبيدي، في تغريدة له، أن استعجال ماكرون تقديم تهانيه هذه المرة يترجم رغبة الرئيس الفرنسي في تجاوز التوترات وبعث الشراكة بين البلدين. ونبه عبيدي على منصة "اكس" إلى أن زيارة تبون غير المؤكدة إلى باريس (تلقى دعوة رسمية) كانت تشكل عنصر تقارب وتعاون قبل الأزمة الدبلوماسية الجديدة التي تفجرت في أواخر جويلية الماضي، بلغت سحب سفير الجزائر لدى باريس فورا وإصدار بيان شديد اللهجة، هاجم فيه الموقف الفرنسي بشدة.
وسبقت الزيارة بإطلاق مسؤولين فرنسيين تصريحات تعبر عن رغبة باريس في الإبقاء على الخط الساخن مع الجزائر رغم البرودة القائمة في هذه العلاقات.
ونقلت "لوموند" قبل أيام عن مصدر فرنسي، رفضت الكشف عن هويته، أن ماكرون لا يريد التخلي عن الجزائر ويعمل على الحد من الأضرار التي تسبب فيها قراره بالانحياز الصريح إلى الموقف المغربي في النزاع الصحراوي.