+ -

تؤشر اتصالات ورسائل قادة الدول الوازنة عربيا ودوليا إلى الرئيس عبد المجيد تبون، مهنئة بفوزه في الانتخابات الرئاسية لعهدة رئاسية ثانية، على متانة العلاقات بين الجزائر ومع محيطها العربي والإسلامي، فضلا عن العواصم الغربية التي تنظر إليها بعيون الشريك المفضل والموثوق والمؤثر في المنطقة، كما أنها رسالة واضحة إلى الاستعداد على العمل أكثر مع الجزائر خدمة لقضايا الأمة وشعوبها.

كما يؤشر تكرار التهاني، مثلما حصل مع ملوك وأمراء دول الخليج العربي، على المكانة التي تحوزها الجزائر قيادة وشعبا، وهو ما يؤكد نجاعة المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية للجزائر، القائمة على الصراحة والتضامن والنصرة والوقوف إلى جانب الأشقاء في جميع الظروف، من باب رد الجميل للدول العربية لما بذلته لصالح القضية الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي وتضامنها معها في الأوقات العصيبة التي مرت بها بعد الاستقلال.

وترسم الاتصالات والرسائل الخطية ملامح العمل المشترك والثنائي بين الجزائر والدول العربية الوازنة خلال المرحلة القادمة، التي تتصدر فيها ملفات الأمن والاستقرار وإعادة بناء الجدار العربي الصدارة، خاصة في ظل الصراعات التي تعرفها المنطقة العربية والتهديدات التي تحيط بدولها، سواء في القارة الإفريقية أو في القارة الآسيوية، إذ لا توجد دولة عربية واحدة بمنأى عن التهديدات، بحكم موقعها الجغرافي الذي يجعلها محط أطماع ومناورات ابتزاز ولعبة القوى العظمى.

ولكون الجزائر معنية مباشرة بما يجري حولها وفي الأبعاد العربية والمتوسطية والإفريقية، فإنها تقف في مفترق الطرق، وهو ما يؤهلها لتكون واحدة من دعامات الأمن والاستقرار في هذه المناطق التي تهتز منذ سنوات على وقع حرب ضروس بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، وحرب تكسير العظام في السودان وعدم استقرار في سوريا واليمن وليبيا، وجبهة ملتهبة في المملكة المغربية، وعدوان إسرائيلي مدعوم أوروبيا وأمريكيا في فلسطين المحتلة ولبنان الجريح.

وعليه، فإن نجاح الجزائر في تمتين استقرارها الداخلي وتطوير اقتصادها خدمة لرفاهية شعبها، يسهم بشكل مباشر ومؤثر في الدفع بالقاطرة العربية، بالتعاون مع الدول الوازنة في منطقة الخليج العربي، مثل المملكة العربية السعودية ودولة قطر، لتجنب المزيد من الانتكاسات بل والانكسارات الناجمة عن لعبة الكبار في إضعاف التضامن العربي وتشتيت الجهود المشتركة لتقوية الصف العربي الذي هو بحاجة ماسة إلى مراجعات تبدأ بتجاهل الملفات الهامشية والتركيز على نقاط الارتكاز التي تسمح بالانطلاق نحو تغيير الواقع بعيدا عن تأثيرات وإملاءات الدخلاء على المنطقة العربية وداعميهم من خارجها بغية الإبقاء على المنطقة العربية في حالة صراع مستمر، يستنزف مقدراتها ويهدد استقرار ساكنتها، خدمة لأجندات تهدف إلى السيطرة والهيمنة والابتزاز وتكريس التخلف والتبعية.