38serv

+ -

حذر وزير الدولة عميد جامع الجزائر، الشيخ المأمون القاسمي الحسني، من "ملاحظة الكثير من ألوان الانحراف في خضم التزايد والتنوع في وسائط التواصل الاجتماعي"، واصفا الظاهرة بـ"الكلمة المضللة والصورة المضللة التي يروج لها من هم معروفون".

ونبه القاسمي، اليوم، خلال ندوة من تنظيم جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع يومية "المجاهد"، تكريما لذكرى الشيخ المجاهد المرحوم محمد الطاهر آيت علجت، وبمناسبة اليوم الوطني للإمام، من أن "هذا النوع من الكلمة يراد بها إشاعة القيم الهابطة في المجتمعات".

ووظف الإمام عبارات ومفردات لها حمولة ثقيلة مرتبطة بالتأثير الذي يتم عبر منصات التواصل الاجتماعي، الذي يندرج ضمن "الحروب الجديدة". وحذر، في هذا الصدد، "من الصورة المضللة التي يروج لها أعداء الوطن" والتي "أردوا من خلالها إشاعة القيم الهابطة"، داعيا إلى استبدالها "بقيمنا السامية الأصيلة".

وأضاف عميد جامع الجزائر، أنه من الواجب على أمتنا حفظ مكانة العلماء وإحياء ذكراهم لتقتدي الأجيال بسيرهم الخالدة، لأنهم حملة الشريعة وحراس تعاليم الدين، وضامن وحدة الأمة، وقال: "العلم يؤخذ من أفواه العلماء ومجالستهم".

وأبرز ضيف "المجاهد"، دور الزوايا في إصلاح المجتمع، بتحصين المرجعية الدينية ومحاربة الاغتراب، والمحافظة على المرجعية الوسطية.

ويمكن اعتبار تصريحات عميد جامع الجزائر بمثابة رسائل موجهة للداخل والخارج أيضا، بوصفها حمّالة لعديد من المصطلحات والمفاهيم المهمة، التي تتقاطع مع الخطاب السياسي وأيضا مع ما يحدث من تطورات إقليميا ودوليا.

وفي سياق ذي صلة، أشار الشيخ المأمون القاسمي إلى وجوب حفظ كرامة العلماء لتقتدي الأجيال بأعمالهم، مؤكدا على ضرورة احترام علماء الدين وتوقيرهم باعتبارهم حملة الشريعة وحراس تعاليم الدين الإسلامي.

كما ركز عميد جامع الجزائر على "دور الإمام إبان ثورة التحرير في تحصين الجزائريين من التنصير والمحافظة على هويتهم الإسلامية"، مؤكدا أن "الشهداء وقادة الثورة تخرجوا من الزوايا والمساجد وتلقوا علوم الدين والعلم بها، وانتشروا عبر التراب الوطني وجاهدوا في سبيل تحرير الجزائر ملبين نداء الجهاد".

وقدم الشيخ أمثلة، كالعقيد عميروش، سي الحواس، مصطفى بن بولعيد، العربي بن مهيدي، زيان عاشور، يوسف زيغود، هذا الأخير كان يعقد اجتماعاته تحضيرا لهجومات 10 أوت 1955، بالزاوية الرحمانية بسكيكدة، يضف رجل الدين.

وفي ما يشبه نقدا ضمنيا لبعض المظاهر والممارسات، أوضح القاسمي أن صفة الإمام ليس من يصلي بالناس فقط ويقتدى به، لكن الإمام بمفهومه الواسع ورسالته هي التي تذكرنا بحقيقتها، رسالة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، التي تمتزج فيها الروح الدينية بالوطنية.

وأشار عميد جامع الجزائر إلى أن مفهوم الإمام راسخ في تاريخ الجزائر، منذ الفتح الإسلامي، على غرار الشيخ سيدي بومدين، الشيخ عبد الرحمان الثعالبي، الشيخ سيدي عبد الكريم المغيلي، الشيخ سيدي الشريف التلمساني، مرورا بالأمير عبد القادر، والشيخ الحداد، الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ العربي التبسي، والشيخ بابا عمر، الشيخ لطرش سنوسي، ووصولا إلى الشيخ أحمد حماني، وعبد الرحمن الجيلالي، الطاهر آيت علجت، والشيخ محمد بلكبير.

وأكد الشيخ القاسيمي الحسني أن جامع الجزائر يسعى لاسترجاع مكانة الإمام، معنى ومبنى، ودعا وسائل الإعلام إلى "تنوير الرأي العام بخصوص رسالة الإمام في الماضي والمستقبل، وتبليغ التاريخ الوطني، من تاريخ المقاومة على امتدادها، الحركة الوطنية إلى ثورة نوفمبر الخالدة، لإعادة كتابة التاريخ الصحيح وإزالة ما لحق به من تحريف".

ووصف عميد جامع الجزائر المرحوم المجاهد الشيخ الطاهر آيت علجت، بأنه رمز من رموز الأمة وأئمة الجزائر، ومن حملة إرث النبوة، يجمع بين الجانب الروحي للإسلام والجانب الوطني.

وأشاد ضيف منتدى الذاكرة، بنضال الجزائريين، الذين جاهدوا بدمائهم ومالهم في سبيل تحرير الجزائر، غير آبهين بالمصاعب والشدائد إبان الاحتلال الاستيطاني لبلادنا، وقال: "هؤلاء الشهداء عرفوا من دينهم أن الجهاد شرع في الإسلام، صيانة لكرامة الإنسان ودفعا للعدوان، فمضوا قدما مضحين بأنفسهم، فكان انتصار شعبنا على المحتل انتصارا كبيرا".