انتقل اليوم إلى رحمة الله المدير السابق للمسرح الوطني الجزائري وعضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، الفنان عبد الرحمان بسطانجي، المعروف باسم "طه العامري"، عن عمر ناهز 97 عامًا. وُلد الفقيد في 20 أوت 1927 بحي القصبة الشعبي في أعالي الجزائر العاصمة.
يُعتبر طه العامري فنانًا ملتزمًا، حيث ناضل في حزب الشعب الجزائري، وتعلّم الفن الدرامي على يد أب المسرح الجزائري، محي الدين بشطارزي، إلى جانب رفاق دربه مثل "حبيب رضا"، الشهيد "مجيد رضا"، الفنانة "كلثوم"، والفنان "حسن الحسني".
وعن اسمه الفني "طه العامري"، أشار عبد الرحمن إلى أنه اختار هذا الاسم صدفة خلال جلسة فنية مع فناني الفرقة، حيث كان من المعتاد أن يختار الفنانون أسماء فنية مستعارة.
بدأ بسطانجي مشواره الفني سنة 1947، حيث قدم أدوارًا عديدة مثل "عطيل"، "صلاح الدين الأيوبي"، و"الخالدون"، وغيرها. خلال مسيرته، تعرّف على الراحل الدكتور شولي، لكنه واجه رقابة فرنسية شديدة؛ حيث كان يتم توقيف العرض فورًا بمجرد استعمال كلمة "حرية".
كان العامري من مؤسسي الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، حيث تواصل مع "مصطفى كاتب" والتحق بـ"عبد الحليم رايس"، "أحمد وهبي"، و"حسن الشافعي" في تونس. وعملوا على نص "أبناء القصبة" لرايس، الذي حقق صدى كبيرًا.
وقد أثار عرض "الخالدون" الذي شارك فيه العامري في المغرب حفيظة الحاكم العسكري الفرنسي في فاس، مما دفعه لتهديد الفرقة الجزائرية، التي واصلت مهمتها في إطلاع الرأي العام الدولي على القضية الجزائرية ورسالة الثورة.
مباشرة بعد الاستقلال، التحق العامري بالمسرح الوطني الجزائري وشارك في عدة أعمال، قبل أن ينتقل إلى المسرح الإذاعي حيث أسس فرقة فنية بالتعاون مع الأديب الراحل "عبد الحميد بن هدوقة" وبرئاسة "حبيب رضا".
عمل بسطانجي كممثل، مخرج، ومسؤول إنتاج، وداوم على تقديم ثلاث مسرحيات أسبوعيًا (اثنتين بالدارجة وواحدة بالفصحى). تواصلت مسيرته حتى سنة 1972، حين عاد إلى المسرح الوطني كمدير خلفًا لمصطفى كاتب، خلال سنوات 1972-1973-1974، قبل أن ينتقل إلى التلفزيون، ويتقاعد بعد مسار حافل.
ومن أقوال بسطانجي: "لم أكن أتذكر عيد ميلادي، بل كنت أتذكر الأيام التي قبله أو بعده؛ لست أدري لماذا، لكن منذ حوادث 20 أغسطس صرت أتذكره رغما عني؛ لأنه ارتبط بتضحيات أبناء وطني".
وقد حظي طه العامري بإشادة العميد محي الدين بشطارزي في مذكراته، حيث وضع بشطارزي الثلاثي مصطفى كاتب، عبد القادر علولة، وطه العامري في درجة واحدة.