الدجاج المستورد.. صداع جديد للحكومة

38serv

+ -

صنع الدجاج المستورد من البرازيل مؤخرا الحدث، بعد أن عرض بسعره (295 دج للكيلوغرام) بديلا للدجاج المحلي الملتهبة أسعاره، كما لقي اقبالا كبيرا من طرف المستهلكين، لكن..

قررت الحكومة فور تسجيل ارتفاع جنوني لأسعار الدجاج منذ حوالي شهر وبلوغه حينها 540 دج، فتح باب الاستيراد وتم إغراق السوق بكميات معتبرة من الدجاج المجمد القادم أساسا من البرازيل، مقابل سعر مغر جدا يمثل قرابة نصف سعر الدجاج المحلي.

 

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي

 

في بداية تسويقه كان دجاج بلاد "السامبا" متوفرا ومعروضا في مختلف نقاط بيع المؤسسة العمومية "افيكولا" وحتى عند الخواص، لكن غزوه السوق لم يكن دون الجدل المألوف لما يتعلق الأمر بشتى أنواع اللحوم المستوردة، فاندلع جدل حول إن كان مذبوحا على الطريقة الإسلامية، وتحول 45 مليون جزائري بحكم انعدام تواريخ "الفيفا" وركون "الخضر" للراحة من 45 مليون مدرب إلى 45 مليون مفتي.

وسرعان ما أغلق باب هذا الجدل بعد إظهار وثائق تثبت أنه ذبح ولم يتعرض للصعق الكهربائي، وتداول فيديوهات عن مصنع شركة "سيارا" البرازيلية التي تسوق منتجاتها نحو 150 بلدا عبر العالم منهم أغلب دول الخليج.

حتى أن موقع الشركة في نسخته بالعربية، يشير أن المنتجات"حلال".

وبالعودة إلى بداية تسويق ونجاح العملية، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا محوريا في اقبال الجزائريين، فسارع المؤثرون في مجال الطبخ لنشر فيديوهات وصفاتهم أجمعوا فيها أن نوعية الدجاج ممتازة ولا يوجد فرق تقريبا بين الدجاج البرازيلي ونظيره المحلي.

حتى آراء المستهلكين الأوائل كانت ايجابية في مجملها، فالكثير منها أثنت على كونه نظيف جدا ويباع دون ريش ويكفي غسله بالماء والخل لمباشرة تحضيره، ما يغني من عملية "التشواط" التقليدية للتخلص من الرواسب وفي مقدمتها الريش.

وعن المذاق أيضا مجمل الآراء كانت ايجابية، وكل هذا ساهم في رفع أي تحفظ فانهال الجميع بحثا عليه، حتى تم تسجيل ندرة وتضاعفت المناشير في مواقع التواصل الاجتماعي بسؤال واحد "أين أجد الدجاج المستورد؟".

 

المضاربة والتحايل في الموعد

 

الشعبية التي اكتسبها الدجاج البرازيلي ساهمت في ندرته وتشكل طوابير كبيرة أمام نقاط البيع، لكن هذا لا يسفر لوحده اختفائه الآن تقريبا.

فمنذ أيام قليلة فقط حجزت مصالح الأمن ما لا يقل عن 21 قنطارا من هذا الدجاج في مستودع بولاية الشلف، وقال مسؤول مديرية التجارة في تصريح لوسائل الإعلام أنها كانت موجهة للمضاربة و"لأشياء أخرى نجهلها".

"الأشياء التي يجلها" صاحبنا، عثرنا عليها عند مصدر عليم من قطاع التجارة، رفض الكشف عن هويته، قال "أولى التحقيقات أثبتت أن بعض التجار يقومون ببيع أجزاء الدجاج المستورد على أنه محلي لرفع هامش الربح، كما يقومون أيضا ببيعه مفروما بسعر المحلي طبعا".

وأضاف "من الصعب تقفي أثر الجميع، ويجب التفكير في طريقة أخرى للتسويق والاستغناء عن الخواص، والحل الأمثل هو رفع عدد نقاط البيع للمؤسسات العمومية".

وفي سياق متصل، حتى وإن لم يؤكده مصدرنا، تحوم شكوك كبيرة أيضا أنه يتم بيعه لمطاعم الشواء، في عملية تحايل قاعدتها رابح – رابح بين البائع وصاحب المطعم والخاسر كالعادة هو المستهلك.

وهنا أيضا التحقيق شبه مستحيل حتى على المحقق "كونان"، فكيف يتم معرفة أن الدجاجة التي تدور في الفرن الزجاجي الضخم مستوردة أو محلية؟.

المفيد أن الحل الذي اهتدت إليه السلطات لكسر أسعار اللحوم البيضاء جلب لها صداع جديد ليكون إغراق السوق بكميات مضاعفة طوق النجاة الوحيد حاليا أمام استحالة مراقبة كل سلسلة التسويق.