كشف وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية، أحمد بداني، عن أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع المخزون الوطني من الأسماك السطحية، مؤكدا على أهمية اتخاذ جميع الفاعلين في الميداني التدابير اللازمة لعلاج هذه النقاط وتحسين القدرات الوطنية من الثروة السمكية.
تصريح الوزير، جاء خلال اشرافه على اليوم الدراسي الوطني حول تقييم مخزون الأسماك السطحية في الجزائر، تحت شعار "معا من أجل استدامة الثروة السمكية"، بمشاركة وزيرة البيئة والطاقات المتجددة وممثلين عن مختلف الدوائر الوزارية والهيئات والمؤسسات، في إطار إبراز الاهتمام المشترك الذي توليه الحكومة للتنمية المستدامة والاستغلال العقلاني للثروات الوطنية البيولوجية البحرية والمحافظة على بيئتها، والمساهمة على المستوى الدولي لتثمين جهود كل الأطراف المعنية بالفضاءات البحرية، لاسيما فيما أصبح يُعرف بالاقتصاد الأزرق.
وقال بداني إنّ "مخططات التسيير المدروسة لاستغلال مواردنا البيولوجية البحرية لاسيما السمكية منها"، هي سمة أساسية من سمات المستقبل المستدام، لاسيما ونحن نشهد في الآونة الأخيرة الآثار الكبيرة للتغيرات المناخية على الصيد البحري، على إثر اختلال في النظم البيئية البحرية وتأثيرها على مخزون الأسماك.
وأشار المتحدث، في هذا الاطار، إلى ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات، الذي أدى إلى تغييرات في توزيع الأسماك مما أثر على مصائد الأسماك التقليدية التي ألفها الصيادون، كما أدى إلى تغير أنماط تكاثر الأسماك ونموها مما انعكس سلبا على توافر المخزون. بالإضافة إلى آثار "تحمض البحار والمحيطات، جراء زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو مما أثر على الكائنات البحرية وتوزيع المغذيات في المياه وأدى إلى تغيير في مواقع تجمع الأسماك وفرض تحديات جديدة على الصيادين.
وذكر الوزير إلى عوامل أخرى مرتبطة بالتغيرات المناخية، كالعواصف والتقلبات الجوية التي أدت إلى تراجع عدد خرجات السفن إلى البحر، فضلا عن عوامل أخرى مرتبطة بالتلوث، وأوضح أنّ هذا الواقع الجديد الذي يواجهه الصيادون أدى إلى تقليص كميات الأسماك المتاحة للصيد وصعوبة توقع مواقع الصيد الجيدة، ما انعكس على الدخل الاقتصادي للصيادين من جهة ساهم بشكل مباشر في ارتفاع أسعار الأسماك.
وتبعا لهذا، أكد أحمد بداني أنّ "الواقع الجديد يفرض علينا جميعا رفع التحدي والعمل المشترك لإيجاد الحلول ووضع السياسات المناسبة للتخفيف من آثاره على نشاطات الصيد البحري"، مشيرا إلى أنّه في هذا الإطار يندرج تنظيم هذا اليوم الدراسي العلمي والإعلامي الذي يجمع كل الأطراف الفاعلة في قطاع الصيد البحري من إداريين وباحثين ومهنيين، حيث ستعرض خلاله نتائج الحملات العلمية والدراسات التحليلية لتقييم مخزون الأسماك السطحية، المنجزة من طرف المركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات.
وفي نفس الاطار، قال بداني إنّ وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، أولت أهمية بالغة فيما يخص الاستغلال الرشيد والعقلاني للموارد البيولوجية البحرية من خلال ترسانة من التشريعات والتنظيمات، وفقا لنتائج دراسات وبحوث علمية، بهدف التسيير المستديم ووضع أجهزة تقنية ملائمة لتسيير حصيلة الصيد ومراقبة الإنتاج وذلك عن طريق النصوص التنظيمية المتعلّقة بوضع فترة الراحة البيولوجية وغلق الصيد بغرض حماية صغار أنواع الموارد البيولوجية والبالغين في فترة التكاثر، تحديد الأحجام التجارية الدنيا للموارد البيولوجية، تحديد مناطق إبحار أسطول الصيد البحري وحدود استعمال شباك الصيد، وكذا تعزيز الرقابة البحرية من خلال استعمال نظام VMSعلى مستوى سفن الصيد.
ويقوم المركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات بدراسات تحليلية بالمقاربة لأهم الأسماك السطحية والقاعية، منذ اقتناء الباخرة العلمية التي تحمل اسم الشهيد "قرين بلقاسم" سنة 2011، من خلال حملات سنوية تقييمية للثروة السمكية بطاقم وطني محض متكون من باحثين علميين وتقنيين مختصين.
وقد سجل المركز منذ سنة 2011 القيام بإنجاز 07 حملات علمية لتقييم المخزون السمكي السطحي و09 حملات لتقييم المخزون السمكي القاعي على طول السواحل الجزائرية، بالإضافة إلى إنجاز حملة لدراسة الأعماق البحرية، داخل المياه الإقليمية الجزائرية بالتعاون مع المصلحة الهيدروغرافية للقوات البحرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني سنة 2020. وحملتين تقييميتين لمعرفة صحة البيئة البحرية في الساحل الجزائري سنتي 2022 و2023 بالتعاون مع وزارة البيئة والطاقات المتجددة .