38serv
مع دخول الحملة الانتخابية أسبوعها الثاني، لا يزال أمام المرشحين للرئاسيات القادمة طريق طويل لاستمالة الناخبين، لكن الفصل الثاني من الحملة يعد بأن يكون حاسما وأكثر ديناميكية بالنسبة للمتنافسين الثلاثة، من أجل شرح برامجهم وإيجاد الآليات اللازمة لإقناع المواطن.
استهلت الحملة الانتخابية أسبوعها الثاني في جو ساده التنافس والنزول الجماعي للمترشحين ومن يمثلهم إلى القاعدة الشعبية للظفر بأصواتها، فيما يرتقب أن يشتد التنافس كلما اقتربت نهاية الحملة. وخلال ما مضى منها، جمعت المترشحين الثلاثة النظرة المتجانسة حول تعزيز المكتسبات وتدعيمها بالإنجازات من أجل الرقي بمستقبل الأمة وتعزيز الأمن والاستقرار والتصدي للمناوئين، وظهر في الحملة الانتخابية الاحتدام السياسي الهادئ، استعملت فيه لغة رزينة بعيدة عن التراشق والتصادم.
ويركز المرشحون الثلاثة على عرض برامجهم، سواء خلال التجمعات الشعبية أو لقاءاتهم مع المواطنين، حيث سعى مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، لاستقطاب المواطنين والتعريف ببرنامجه الانتخابي خلال التجمعات الشعبية والنشاطات الجوارية المنظمة عبر مختلف ولايات الوطن، وذلك من خلال اللعب على الوتر الحساس المتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، إلى جانب ملف الحريات والإصلاحات السياسية.
أما مرشح حمس، عبد العالي حساني، فقد أولى اهتماما كبيرا بالجانب الاجتماعي والاقتصادي، في حين عبرت مديرته عن جملة انتقادات للتغطية الإعلامية الموزعة على المرشحين. ومن جانب آخر، ركزت الأحزاب الداعمة للمرشح الحر عبد المجيد تبون على إبراز إنجازاته وتثمين حصيلته، مع التركيز على ضرورة المشاركة القوية في الاستحقاق القادم.
ويعيش الشارع في أجواء خاصة يميزها امتزاج الحركية السياسية بفعل الإنزال الميداني للمترشحين والمتعاطفين معهم ومؤيديهم، لاستمالة الناخبين وكسب أصواتهم مع أجواء العطلة الصيفية والحركية السياحية التي تعرفها عدة مناطق منذ بدء موسم الاصطياف. ويعتمد المرشحون والمتحالفون معهم على الأسلوب المباشر في عرض البرنامج الانتخابي، في سياق تكييف الحملة الانتخابية مع أجواء العطلة الصيفية التي تستغلها عامة الأسر في الاستجمام والراحة استعدادا للدخول الاجتماعي، ويظهر بصفة واضحة تركيز المرشحين أكثر على العمل الجواري من أجل التواصل مع أكبر عدد من المواطنين حيثما وجدوا، أي في الفضاءات والأماكن العامة والساحات والأسواق. وفي الأسبوع الثاني من الحملة، لا يبدو أن المرشحين الثلاثة للرئاسيات المقبلة والمساندين لهم يشعرون بتأثيرات الحرارة أو الإرهاق، خاصة أن مستقبل البلاد هو الرهان الأكبر، وهذا ما يجعلهم يتغلبون على التعب.
ويجمع المرشحون على الدعوة إلى التصويت بقوة، فيما يبقى تخوف المترشحين هو عزوف المواطن عن المشاركة، وهذا هو الرهان الواجب العمل عليه من قبل المرشحين الثلاثة، لتحقيق المبتغى، وهو نسبة مشاركة مرتفعة في هذه الانتخابات، وهذا ما تعمل عليه كل الأحزاب السياسية في ظلّ عزوف شعبي ارتفع خلال السنوات الأخيرة، حتى بلغت نسبة المقترعين في استحقاق 12 ديسمبر 2019 الرئاسي 39.93 بالمائة من الناخبين، وهي الأدنى على الإطلاق في انتخابات رئاسية تعددية بتاريخ البلاد.
وتتباين آراء المتابعين بشأن نسبة المشاركة المحتملة، بين من يترقب ارتفاعها لأسباب عدة مرتبطة بعوامل اجتماعية وسياسية، أهمها الاستقرار السياسي، خلافا لما كان عليه الأمر في المحطة الانتخابية السابقة، ومنهم من يرى أن جذب الناخبين إلى صناديق الاقتراع صعب بسبب القلق الشعبي من الأوضاع الاجتماعية وغلاء الأسعار، إضافة إلى حال التنافر بين الشارع والفضاء السياسي، وهذه الأمور تضع الثلاثي المنافس على قصر المرادية أمام حتمية إتباع إستراتيجيات تسويق ميدانية للوصول إلى عقول الناخبين وقلوبهم، في المدن والقرى.