+ -

سنة 2016، قمت بتأليف كتاب عن الأيديولوجية التي تتناقلها كتابات كمال داود[1]. ومن خلال تحليلها ضمن الإطار الدقيق لألبرت ميمي[2]، أصبح من الواضح أن هذا الكاتب كان النموذج الأصلي للمُستعمَر الجديد الذي يسعى إلى "التشبه بالأشخاص البيض قدر الإمكان". والأكثر من ذلك، حسب ميمي، أن "حب المُستعمِر يرتكز على مجموعة معقدة من المشاعر تتراوح بين الخجل وكراهية الذات"[3]. وصديقي الفيلسوف محمد بوحميدي، كان أكثر وضوحا بالقول "إن عقدة المُستعمَر الجديد [...] هي هاجس استخلاص المرء نفسه من السكان الأصليون، لتمييز نفسه عن شعبه"[4].

بعد صدور كتابي الذي سبب لي العديد من الهجمات المقززة من نادي محبي الكاتب وبعض السذج المحتاجين إلى الشهرة أو بالأحرى إلى التفاتة، اعتقدت حقًا أن العملية التي وصفها بوحميدي لا يمكن أن تتحقق إلا بشكل مقارب. ويجب أن أعترف بأنني أخطأت خطأً جسيماً، لأن حالة داود تظهر أنه يمكن بلوغها وممارستها بسرعة أكبر مما نعتقد.

 

الانسلاخ التخيلي

بينما كان يتباهى بكونه صحفيا "يعيش في الجزائر"، تحصل داود على الجنسية الفرنسية عام 2020، دون أن يقيم أبدا في فرنسا (هدية من صديقه ماكرون؟). وفي مقابلة أُجريت معه مؤخرًا، اعترف بأنه استقر بشكل دائم في فرنسا الصيف الماضي[5]. وفي هذا النص نفسه نجد أيضًا جوهر التحول "الاستعماري الجديد" لكمال داود والذي يتجاوز حتى العملية التي وصفها بوحميدي. هذا ما يسميه علماء الحشرات "الانسلاخ التخيلي"، أي المرحلة الأخيرة من انسلاخ اليرقة، أي الانتقال من الشرنقة إلى الفراشة: وهو نفسه التحول الكامل والمكتمل للساكن المحلي إلى رجل أبيض. وأذكر ما قاله داود:

"[…] أنا فرنسي أكثر من الفرنسيين […] ومع ذلك، أحمل في داخلي الكثير من الأشياء الجزائرية. ولكن ماذا يعني أن تكون جزائريا؟ بناء الذات ضد الآخر، في إنكار الآخر، في هذا الافتقار إلى السيادة العاطفية، هذه الحاجة المُلحة لفرنسا؟ […] فرنسا هي بقية العالم والجزء المخفي من الذات. وطالما أننا نكره فرنسا، فإننا نكره جزءًا من أنفسنا، وجزءًا من بقية العالم"[6].

وهي صرخة حب تجاه فرنسا ورئيسها الذي جعل منه إنساناً "حقيقياً"، والذي سمح له بتخليص نفسه من هذا "الشعب" الذي هو منه والذي يستطيع، في نهاية المطاف، أن ينظر إليه بازدراء كبير، ملوحًا بإصبع الاتهام الضخم. لقد وصل داود إلى حالة النشوة القصوى...

لكن ماذا بقي من "الأشياء الجزائرية" فيه؟ لا شيء على الإطلاق...

 مواطن مدينة ماسرة يُصر ويؤكد:

"أنا منفي بقوة الظروف. ولكن أنا هنا. وإذا انهار هذا البلد يومًا ما، فسوف أدافع عنه. سأفعل ذلك. حقا"[8]

لم ينطق هذا الكاتب قط بمثل هذه الجمل الحماسية عن بلده الأصلي، البلد الذي ولد فيه، والذي كونه مجانًا وأتاح له الشهرة في مجال الصحافة. وإلى أي بلد يُكرس كل هذا الحب الذي لا يقاس؟ إلى البلد الذي استعمر والديه وقبيلته وكل شعبه 132 عاماً، وحوّل شعباً بأكمله إلى شبه بشر بعد أن أباد قسماً كبيراً منهم بوحشية. يا له من جحود بكل ما فيه من غدر!

وذلك بعد عقود من النضال التحريري البطولي للجزائر الذي سمح لشعبها بتحرير نفسه من نير الاستعمار. وهنا، سأترككم تُخمنون دور كمال داود إذا كان قد عاش إبان الثورة الجزائرية.

وبينما سجل جميع المراقبين ذوي المصداقية، وحتى الغربيين منهم، تراجع الغرب من حيث الضمير والقيم الإنسانية...، يصرخ كمال داود بتعلقه بهذا الغرب المتغطرس، المذنب بارتكاب أبشع الفظائع الإنسانية: الاستعمار الدموي، إبادة السكان الأصليين، العبودية، الحروب العالمية، استخدام القنابل الذرية على السكان المدنيين، والإبادة الجماعية للفلسطينيين، وما إلى ذلك…

وفي هذا السياق، يقول كمال داود "في حين أن الغرب هو كل ما لدينا في هذه اللحظة، فإنه مكاننا الوحيد للخلاص، وملجأ إنسانيتنا الناقصة. فإذا جثا هذا الغرب على ركبتيه، فأين سنذهب؟ هل الغرب يوتوبيا؟ بالطبع لا، عليك فقط أن تخرج وتتجول في الشارع لتدرك ذلك. الغرب شيء محفوف بالمخاطر وهش ويجب الدفاع عنه. لن أقبل أن تتنازل دول مثل فرنسا عن الجمهورية. لدي فكرة عالية جدًا عن فرنسا حيث لا أراها تزحف دون أن أرتعد"[9].

بعد سلخ جلده الأصلي واستئصاله بلا هوادة، يخشى المُستعمر الجديد "البائس" أن يرى نعيمه يختفي وأن يجد نفسه عاريًا مثل الدودة.

 

ابن الريف في وهران

 يُحب كمال داود تصوير نفسه على أنه من أبناء الريف[10]. نوع من "فُورولو[11]" الغرب يكتشف المدينة الكبيرة. ويقول إن أول اتصال له بوهران يعود إلى شبابه عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، خلال رحلة مدرسية إلى متحف المدينة. ولكن الأكثر إثارة للدهشة هو ما احتفظ به كذكرى لهذه الزيارة:

"وبقيت عندي صورة واحدة: الفسيفساء الرومانية التي تمثل نساء عاريات الصدر" [12].

أن يذكر ذلك فقط بعد زيارة متحف مليء بالتُحف المثيرة للاهتمام يلقي ضوءًا خاصًا على ما سيتم مناقشته لاحقًا في هذه المقالة. خاصة أنه في تلك السن كان إسلاميًا بالفعل، يتردد على الخلايا السرية لجماعة الإخوان المسلمين، حتى أصبح إمامًا لمدرسته الثانوية[13]. إسلامي أسير بحلمات حجرية!

وبعد بضع سنوات عاد إلى وهران لمواصلة دراسته الجامعية. وجدها مدهشة، وبمثابة متاهة، مليئة بأجمل فتيات المدينة اللواتي يصعب الوصول إليهن، وفتيان يرتدون "قمصانًا جديدة كل يوم". بالنسبة لأولئك الذين يعرفون وهران، فهي مدينة رائعة، على عكس مدن أخرى، تتميز بالترحيب والسخاء. إنها تتمتع بخصوصية جذب كل أولئك الذين يرغبون في تسلق سلم الحياة الحضرية.

ولكن، على الرغم من كل هذا الانفتاح الذي تتميز به الباهية[14]، يبدو أن داود بقي في وضعه الأصلي كـ"ريفي" بالمعنى الازدرائي للكلمة.

في الواقع، عندما نسأله عن حياته في وهران، لا يستخدم إلا مصطلحات تنم عن الفجور: الجنس، النساء، العري، النبيذ، الكحول، الحانات، إلخ. حتى أنه اعترف بأن أفضل سنوات حياته كانت سنوات العشرية السوداء: "الجنس والكحول والحياة المكثفة... "[15].

هل يمكن أن يكون هذا هو تأثير الآلام الرهيبة للفسيفساء الرومانية وصدماتها؟

في الواقع، يبدو الأمر كما لو أن الكاتب، أثناء استكشافه "متاهات" وهران، ضل طريقه في أوكار قذرة تسكنها داعرات سهلة المنال.

لم يتمكن داود، العالق في أعماق المدينة، من الهروب ليعيش في ضوء وهران المبهر، ولا من اكتشاف وفرتها التي تزخر بالثروات الإنسانية والثقافية والدينية والتاريخية.

لكن كل هذا ليس بالصدفة. فمدينة وهران تتعرض بانتظام لهجمات بهدف ترسيخ الصور النمطية السلبية عنها لضرب وتشويه سمعتها. ولنا في فيلم "الوهراني" ورواية "الهوارية" خير الأمثلة التي أثارت غضب الوهرانيين. وكمال داود لا يتردد في المشاركة الفعالة بقوله:

"[منطقة وهران] هي منطقة مزارعي النبيذ، والارتباط واضح بين النبيذ والاحتفال والموسيقى. وهران، مدينة ساحلية، شهدت تجمع المطربين والمطربات في ملاهيها […]. وبينما تظل الجزائر العاصمة مدينة محافظة، لجأت موسيقى الراي إلى وهران، المدينة ذات السمعة السعيدة والمبهجة"[16].

وكأن الجزائر العاصمة ليست مدينة ساحلية، وأنها لا تحتوي على ملاهي أكثر من وهران!

ولدك مسماره، يواصل كلامه بشأن وهران: 

"في كل بلد، يوجد هذا النوع من المدن التي نربطها بالفكاهة، الفجور والفساد، كنوع من الرذيلة والفضيلة في نفس الوقت. وهذا صحيح جزئيا لأنه ليس لدينا سلطة سياسية ضخمة وسيادية وصارمة في وهران".

لا يا سيدي الكاتب! وهران ليست بيت دعارة في الهواء الطلق! 

لا، وهران ليست "حانة مفتوحة"، ولا مقرا للعربدة الجامحة!

لا، العشرية السوداء لم تكن فترة الفجور والشرب! فهذه المأساة الأليمة، ألمتنا كثيرا، وما زلنا نحزن على أحبائنا ونعتز بذكراهم! 

واعلم أيضاً أن وهران تتمتع بسلطة أخلاقية لا تكتسب إلا بعد ارتقاء مراتب الحياة الحضرية! وعندما تتحدث عن عربدتك الشخصية، يرجى عدم ربط اسم وهران أو اسم أهل وهران الذين هم أنبل وأشرف بكثير من أمثالك البائسين الغارقين في المستنقعات! 

 

المنظمة المسلحة السرية OAS و"الووكيزم"

في مقال سيبقى للتاريخ، سواء من خلال عنوانه أو من خلال تصريحاته الدنيئة ضد بلده الأصلي[17]، يُظهر كمال داود جيدا إلى أي مدى يختلف عن غالبية الشعب الجزائري.

لنبدأ بالعنوان: "عندما تُصبح الجزائر قبلة الووكيزم".

أولا وقبل شيء، هذه العبارة هي تحريف ساخر وغير محترم للعبارة الشهيرة "الجزائر مكة الثوار". وهذا في الواقع ليس مفاجئًا إذا أخذنا في الاعتبار مدى دفاع كمال داود عن المستعمرين السابقين ومطالبته بلا كلل بمحو الذاكرة الكاملة للثورة الجزائرية. ولكن منذ ذلك الحين، واستبدال كلمة "الثوري" بكلمة "الووكيزم"، أي استبدال الشجاعة والبطولة بنظرية النوع الاجتماعي، فقد تم اتخاذ خطوة أخرى في كراهية بلاده.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام كلمة "مكة" في مثل هذا السياق يعد إهانة أخرى غير مبررة لجميع المسلمين الذين لا علاقة لهم بالموضوع الذي يتناوله نصه بخصوص قضية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف خلال الألعاب الأولمبية الأخيرة.

وبدلاً من الدفاع بكل قوته عن أنوثة مواطنته، أدخل كمال داود، وهو على علم تام بالعواقب، أيديولوجية "الووكيزم"، التحول الجنسي والمثلية، فقط ليضرب بلاده مرة أخرى.

وراح يقول "ولذلك فمن المفارقة أنه من خلال دولة معادية للمثليين (الجزائر) على المستوى القانوني والثقافي، يرى المجال الفاشي الدولي في إيمان خليف رمزًا لغزو الووكيزم". وأضاف "لأن إحدى الدول الأكثر محافظة [الجزائر] فيما يتعلق بحقوق الجسد والجنس والحياة تم منحها دور حامل لواء القضية التي تجمع بين الووكيزم، حقوق المرأة، الأولمبياد، الكروموسومات والتطرف، الجنس والأكاذيب والفيديوهات".

لكن، لا إيمان خليف ولا الجزائر طلبت أي شيء!

إيمان خليف وُلدت أنثى وكبُرت أنثى وتدربت كأنثى، ومارست الملاكمة كأنثى! إيمان خليف أنثى، نقطة إلى السطر! ثم إن هذا ما أعلنه شعب بأكمله! والذي خرج إلى الشوارع للاحتفال بانتصارها! باستثناء بالطبع كمال داود الذي علامته التجارية هي البحث عن أي شق مجهري لإدخال نصله جيدا وغرس سكينه في ظهر بلده. كما جاء على سبيل المثال في مقالته المضللة الأخيرة عن فرانز فانون[18].

لكن العجب فيما يقوله، هو تصريحه التالي:

"فجأة، تركز إيمان خليف على أحزان وتناقضات. أولئك من العالم الحالي وأولئك من الجزائر. يتهمها العالم بأنها رجل، وهي مدعومة كامرأة من قبل دولة لا تحترم حقوق المرأة".

كيف يجرؤ كمال داود على كتابة مثل هذا الهراء وهو نفسه الذي أدانته العدالة بتهمة الاعتداء والضرب على طليقته [19]؟ وهو اليوم يريد إعطاء دروس لكل الجزائر في مجال حقوق المرأة؟ فهل يعي فعلا ما يقول؟ من الواضح أننا رأينا كل شيء، وسمعنا كل شيء، وقرأنا كل شيء!

وأما فيما يتعلق بـ"الووكيزم"، لا بد أن كمال داود يعرف الكثير عنه. ودعونا نعود إلى سنوات قليلة مضت عندما أشاد بإيف سان لوران (YSL) ومنزله المتحف في وهران [20].

وراح يقول "يتم تجديد المنزل القديم الذي نشأ فيه "قديس وهران" ولكن المدخل مليء بالأضواء المفخخة. اشتراها أحد الأصدقاء ويأمل في تجديدها بأمواله الخاصة. ويكرر متأثرًا: "إنه شغفي الأقدم". لقد افتتحت مراكش متحفًا لـYSL، لكن كان ينبغي لنا أن نطالب به في وهران لو لم يكن التاريخ مجرد مونولوج للنظام وقدامى المحاربين.

 لذا، إذا اتبعنا منطق السيد داود، فإنه بسبب "النظام" (الجزائري) و"قدامى المحاربين" (الجزائريين) لم يتم بناء متحف YSL في وهران ولكن في مراكش. وكما ذكرنا سابقًا، فقد وجد شقًا آخر ليغرز فيه أحد سكاكينه العديدة.

لكن من هو YSL الذي يستحق متحفًا أو يتم تجديد منزله في وهران لفتحه للجمهور؟ ماذا فعل ليستحق ذلك؟ من المؤكد أنه مصمم أزياء كبير من باريس، معروف لدى شعبه، وهو الذي جعل بلده فرنسا تتألق في جميع أنحاء العالم. لكن ما هي آراؤه السياسية فيما يتعلق باستعمار الجزائر وخاصة وهران؟

الصحفية ماري دومينيك لوليافر التي كتبت سيرة إيف سان لوران تكتبها باللونين الأبيض والأسود[21]: 

"كان إيف سان لوران، مثل عائلته التي دعمت المنظمة المسلحة السرية، لصالح جزائر فرنسية".

وهكذا دعمت عائلة مصمم الأزياء الفرنسي المنظمة المسلحة السرية التي عاثت فسادا كبيرا في الجزائر وخاصة في وهران[22]. ومثل ألبير كامو[23]، كان YSL مؤيدًا للجزائر الفرنسية وليس للاستقلال الشرعي والعادل لبلدنا.

ويؤكد دعم كمال داود لمتحف YSL بوهران ميله إلى تمجيد المستوطنين الفرنسيين المشهورين الذين لم يدعموا القضية الجزائرية أبدا. وقبل YSL، أعلن قائلا "أن كامو هو مؤلف جزائري" [24]. حتى أنه تفاجأ بعدم وجود شارع "ألبير كامو"[25]. فهل سيدفع بالفحشاء إلى حد المطالبة بنصب تمثال في وهران تخليداً لذكرى مؤلف رواية "الطاعون"؟ لن يكون ذلك مفاجئا.

إلا أنه يجب على داود و"أصدقائه" أن يفهموا أن YSL وكامو هم على الأرجح جزائريون، ولكن من الجزائر التي اختفت في 5 يوليو 1962.

لمواصلة هذا النقاش، من المثير للاهتمام أن نذكر حالة هؤلاء الجزائريين من أصل فرنسي الذين شاركوا ببسالة في نضال التحرير الوطني. سأذكر مثال الدكتور جان ماري لاريبير وعائلته الذين كانوا نشيطين للغاية في وهران. وهاجمه قتلة المنظمة المسلحة السرية، وهو الذي كان يُلقب بـ"طبيب جبهة التحرير الوطني"، وتم تفجير عيادته في وهران في 24 أبريل 1962[26].

هل يستطيع كمال داود أن يشرح لنا كيف أنه اصطف هو و"أصدقاؤه" لصالح YSL الذي كان مع الجزائر الفرنسية وعائلته تدعم المنظمة المسلحة السرية، على الرغم من أن هذه المنظمة فعلت كل شيء لتصفية أي مناضل حقيقي من الثورة؟ أليس من المنطقي أكثر أن يطلب من "صديقه" ترميم منزل لاريبير وتحويله إلى متحف يفخر أهل وهران بزيارته؟ أم يجب أن تكون من أنصار الجزائر الفرنسية حتى تستحق مثل هذا التكريم؟

الآن دعونا نعود إلى موضوع الووكيزم. من المعروف أن YSL كان على علاقة مثلية مع بيير بيرجي. وانتهى بهما الأمر بالدخول في شراكة زوجية "pacs" في نهاية حياة YSL، على الرغم من أن حياتهما الرومانسية كانت تثير الجدل. ويمكننا أن نتأكد من كل هذا، من خلال قراءة الكتاب الفج للغاية الذي كتبه فابريس توماس ومشاهدة مقابلته على التلفزيون الكندي[27].

لكن هذه العناصر من حياة هذين الشخصين ليست مثيرة للاهتمام في مناقشتنا لأنها تتعلق بحياتهما الشخصية.

لكن قد كشف فابريس توماس و"قس فرنسي كان قد أقام في المغرب" عن فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال في فيلا الزوجين بمراكش. وحسب بعض المصادر، تعرض إيف سان لوران للضرب في حمام بمراكش: وكان الإخوة الكبار يريدون أن يجعلوه يدفع ثمن الممارسات الفاحشة مع الأولاد الصغار"[29].

من ناحية أخرى، كان بيير بيرجي، الذي لا يمكن فصل شخصيته عن YSL، ناشطًا متحمسًا من أجل "الزواج للجميع"، والإنجاب بمساعدة طبية (PMA) وكذلك تأجير الأرحام (GPA). حتى أنه أعلن[30]: 

"أن تستأجر رحمك لتنجب طفلاً أو تستأجر ذراعيك للعمل في المصنع، ما الفرق؟"

إذا، من أدخل الووكيزم إلى الجزائر، متحف YSL في وهران الذي موله "صديق" كمال داود أم الشجاعة إيمان خليف التي عملت طوال حياتها للحصول على الميدالية الذهبية ومن أجل أن يعزف النشيد الوطني لبلادها في العاصمة الفرنسية باريس؟

وأخيراً لنعود إلى جملة كنا قد ذكرناها سابقاً:

"المنزل القديم الذي نشأ فيه "قديس وهران" يجري ترميمه [...]" 

يا له من لعب بالكلمات! كمال داود وصف إيف سان لوران بـ"قديس وهران"! وعندما نعلم أن جميع الوهرانيين يعتبرون أن "الرجل الصالح لوهران" ليس سوى الإمام سيدي الهواري، هنا نفهم عدم احترام هذا الكاتب للأسس الروحية والدينية للمدينة. ونفهم أيضًا أنه من المستحيل عليه قطعيًا أن يتسلق السلم الحضري الوهراني.

في برنامج تلفزيوني فرنسي[31] تم بثه بتاريخ 13 ديسمبر 2014، قال الصحفي أيمريك كارون لكمال داود حقيقة جعلته يتجمد في مكانه: 

"لدينا شعور عندما نقرأ لك، في بعض الأحيان على الأقل، أنك لا تحب بشكل أساسي أن تكون اليوم جزائريًا في الجزائر".

وحتى وهو في غاية الأدب، اكتشف الصحفي في كمال داود هذه الكراهية لنفسه ولأسرته ولوطنه وللمدينة التي استضافته...

وبعد مرور عقد من الزمن، لم تعد المسألة مسألة "عدم محبة"، بل مسألة التقيؤ على شعبه (الأصلي)!

 

 

المراجع:

[1] Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne, contre-enquête », Editions Frantz Fanon, Alger 2016

[2] Albert Memmi, « Portrait du colonisé », Payot, Paris, 1973

[3] Ibid.

[4]Djawad Touati, « Résumé de la conférence de Mohamed Bouhamidi :La fabrication des idoles néocoloniales », Raina-dz, 17 février 2016, https://raina-dz.net/resume-de-la-conference-de-mohamed-bouhamidi-la-fabrication-des-idoles-neocoloniales-pardjawad-rostom-touati/

[5] François-Guillaume Lorrain et Valérie Toranian, « Kamel Daoud : ″On m’attaque car je ne suis ni communiste, ni décolonial encarté, ni antifrançais″ », Le Point, 8 août 2024, https://www.lepoint.fr/culture/l-algerie-la-france-gaza-l-antisemitisme-l-islamisme-le-grand-entretien-avec-kamel-daoud-08-08-2024-2567450_3. php

[6] Ibid.

[7] François-Guillaume Lorrain et Valérie Toranian, « Kamel Daoud : ″On m’attaque car je ne suis ni communiste, ni décolonial encarté, ni antifrançais″ », Op. Cit.

[8] Ibid.

[9] Ibid.

[10] Florian Louis, « La découverte d’Oran, c’est celle d’un labyrinthe », Grand Tour avec Kamel Daoud », Le Grand Continent, 9 août 2024, https://legrandcontinent.eu/fr/2024/08/09/la-decouverte-doran-cest-celle-dun-labyrinthe-grand-tour-avec-kamel-daoud/

[11] Héros du roman « Le fils du pauvre » de Mouloud Feraoun

[12] Florian Louis, « La découverte d’Oran, c’est celle d’un labyrinthe », Grand Tour avec Kamel Daoud », Op. Cit.

[13] Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud : Cologne, contre-enquête », Op. Cit.

[14] El Bahia veut dire « La radieuse » en arabe. Surnom d’Oran

[15] Youtube, « Au cœur de la nuit – Leila Slimani et Kamel Daoud », @36 :20, 23 janvier 2019, https://www.youtube.com/watch?v=IlASYk6w298

[16] Florian Louis, «La découverte d’Oran, c’est celle d’un labyrinthe», Grand Tour avec Kamel Daoud », Op. Cit.

[17] Kamel Daoud, « Quand Alger devient la Mecque du wokisme », Le Point, 12 août 2024, https://www.lepoint.fr/editos-du-point/quand-alger-devient-la-mecque-du-wokisme-12-08-2024-2567739_32. php

[18] Ahmed Bensaada, « Polémique Daoud-Fanon », AhmedBensaada. com, 15 juillet 2024, https://www.ahmedbensaada.com/index. php?option=com_content&view=article&id=648:2024-07-16-01-24-18&catid=48:orientoccident&Itemid=120

[19] Jacques-Marie Bourget, « Quand Kamel Daoud, ami de Macron, battait son ex-femme », Le Grand Soir, 17 octobre 2022, https://www.legrandsoir.info/quand-kamel-daoud-ami-de-macron-battait-son-ex-femme. html

[20] Kamel Daoud, «YSL au 11 rue Stora », Le Point, 25 février 2021, https://www.lepoint.fr/postillon/kamel-daoud-ysl-au-11-rue-stora-01-03-2021-2415829_3961. php

[21] Marie-Laure Delorme, « On a fabriqué un personnage », Le JDD, 16 janvier 2010, https://www.lejdd.fr/culture/fabrique-un-personnage-61139

[22]APS, « Fête de la victoire: la sinistre OAS a pratiqué la politique de la terre brûlée à Oran », 19 mars 2023, https://www.aps.dz/regions/153316-fete-de-la-victoire-la-sinistre-oas-a-pratique-la-politique-de-la-terre-brulee-a-oran

[23] La position d’Albert Camus concernant la cause algérienne a été longuement discutée dans la littérature. Lire, par exemple, Ahmed Bensaada, « Camus, Yasmina et les autres », AhmedBensaada. com, 19 mars 2010, http://www. ahmedbensaada.com/index. php?option=com_content&view=article&id=27:camus-yasmina-et-les-autres&catid=37:societe&Itemid=29

[24] L’Humanité, «Kamel Daoud : Je revendique Camus comme un auteur algérien», 31 octobre 2014, https://www.humanite.fr/culture-et-savoir/kamel-daoud/kamel-daoud-je-revendique-camus-comme-un-auteur-algerien

[25] Kamel Daoud, «YSL au 11 rue Stora», Op. Cit.

[26] Walid Mebarek, « Guerre de libération nationale : Décès d’Aline Larribère», El Watan, 11 juin 2024, https://elwatan-dz.com/guerre-de-liberation-nationale-deces-daline-larribere

[27] TVA Nouvelles, « Saint Laurent et Bergé, deux êtres malades sexuellement», 27 octobre 2017,https://www.tvanouvelles.ca/2017/10/27/saint-laurent-et-berge-deux-etres-malades-sexuellement

[28] Valeurs Actuelles, « Pédophilie au Maroc : les révélations choc d’un ex-amant de Bergé et Saint-Laurent », 3 novembre 2017, https://www.valeursactuelles.com/societe/pedophilie-au-maroc-les-revelations-choc-dun-ex-amant-de-berge-et-saint-laurent

[29] Laurent Valdiguié, « Son altesse Pierre Bergé, le roi des nuits parisiennes », Marianne, 25-31 juillet 2024, pp. 32-34

[30] Marine Le Breton, « Plus encore que les combats LGBT de Pierre Bergé, c’est sa manière d’être en couple que l’on retiendra », Huffington Post, 8 septembre 2017, https://www.huffingtonpost.fr/life/article/plus-encore-que-les-combats-lgbt-de-pierre-berge-c-est-sa-maniere-d-etre-en-couple-que-l-on-retiendra_107911. html

[31] Youtube, ONPC, 13 décembre 2014, @ 15:50, https://www.youtube.com/watch?v=YUfekljntUA