ڤوجيل وتبون وبن ڤرينة يصنعون الحدث

38serv

+ -

دخلت حملة الرئاسيات أسبوعها الثاني بنفس الوتيرة تقريبا، ولا يبدو أي ابتكار في الطريقة بالرغم من رفع الملاحظات إلى مداوماتهم، تتعلق بنقاط ظل وجب إضاءتها، أهمها ارتباك في التنظيم أدى بسلطة الانتخابات إلى التدخل ثلاث مرات في مدة أسبوع واحد. بالمقابل، سجلت الحملة نقاطا إيجابية، أهمها بروز ثلاثة أسماء حركت المشهد في الفضاء الافتراضي، ودفعت بالأحداث إلى الواجهة، إقليميا ودوليا، بفضل تدخلات كل من صالح ڤوجيل، رئيس مجلس الأمة، والمترشح الحر، عبد المجيد تبون، ومسانده عبد القادر بن ڤرينة، رئيس حركة البناء الوطني.

ڤوجيل وبصفته مجاهدا ورئيس مجلس الأمة، والشخصية الثانية في الدولة، صرح بدعمه استمرار تبون في الحكم لعهدة ثانية، من أجل استكمال العمل الذي بدأه في 2019، ولاسيما في مسيرة ترسيخ بنيان مؤسسات الدولة ومواصلة جمع شمل الجزائريين حول ضرورة الحفاظ على تركة جيل الثورة وصون سيادة واستقلال الجزائر، بالتصدي لمحاولات الإرباك والتشكيك في المسار المنتهج منذ أربعة أعوام.

قال ڤوجيل، وهو يعبر عن رأيه الشخصي من الانتخابات، بعدما عاد إلى حيثيات هجمات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام 20 أوت 1955 و1956 على التوالي، إنه يدعم تبون، والمبرر هو تمكينه من مواصلة تجسيد التزاماته المتصلة بالسيادة الوطنية وتقوية الاقتصاد وتأمين القرار الجزائري من التأثيرات الأجنبية.

كلام ڤوجيل، لمن لا يعلم، ليس بالجديد، إذ عبر عنه في عدة مناسبات، عبر مقالات دأب على نشرها في مناسبات تاريخية مفتاحية، معتبرا أن ثورة نوفمبر التي ستحتفل الجزائر بعيدها السبعين بعد شهرين، لا تزال متواصلة، ولذا وجب على جميع النخب الوطنية الالتفاف حول ما يجمعهم ويتخلوا عن المنطق الانفرادي الذي لن يجلب سوى الوبال على الأمة، خاصة في ظل السياق الدولي والإقليمي المتميز بالتوتر والنزاعات والحروب بالوكالة، وأبرز دليل على ذلك ما يجري في فلسطين المحتلة وأوكرانيا وفي الساحل الإفريقي، بسبب تصارع القوى الكبرى على نقاط التماس بين مصالحها الحيوية والإستراتيجية، تتعلق بالدرجة الأولى بالريادة، وفي كثير من الأحيان الهيمنة وبسط السيطرة على الثروات والخيرات الوطنية للدول، وخاصة الإفريقية منها.

في نفس الاتجاه، صالت وجالت تصريحات تبون بشأن مساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة إنسانيا وإغاثيا، في أعمدة وسائل الإعلام ونشرات القنوات الدولية، واشتعلت بها مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما تعرضت لتحريف عن مواضعها بشكل مفضوح من طرف أبواق مخزنية ونواقلها المأجورة في المنطقة، ما أعاد الزخم لقضية الشعب الفلسطيني أكثر من الإساءة أو الإضرار بصورة الجزائر ومؤسساتها التي تحتكم إلى أحكام دستورية واضحة لا تحتاج إلى من يفسرها..

قال تبون، في قسنطينة، بمناسبة تجمعه الجهوي الأول ضمن نشاط حملته الانتخابية، وأمام الآلاف من أنصاره، إنه ينتظر فتح الحدود بين مصر وقطاع غزة لإرسال مستشفيات ميدانية ونصبها من أجل التخفيف عن معاناة السكان هناك، ومن البديهي أن مهمة النقل والتوصيل ستوكل للجيش الوطني الشعبي عبر الشقيقة مصر، مثلما فعلت في حالات مشابهة !! لكن أصحاب النوايا السيئة حاولت الاستثمار في التصريحات ودق الإسفين المسموم في جسد العلاقات بين الجزائر ومصر، وهو ما تفطنت له النخب هنا وفي مصر وأخمدت الفتيل مبكرا.

أما عبد القادر بن ڤرينة، رئيس حركة البناء الوطني، المساند لتبون، فقد جاءت تصريحاته لتواصل تغذية الجدل الذي بدأ من أول يوم أعلن فيه بن ڤرينة ترشيح تبون من طرف أعضاء مجلس الشورى لحركته، مفاجئا الملاحظين، باعتبار ما أقدم عليه خطوة غير محسوبة العواقب، كون أن الرئيس تبون رفض أي غطاء حزبي طيلة عهدته الأولى، فضلا عن رفض تبنيه من طرف أحزاب كبيرة في أنشطتهم الداخلية قبيل إعلانه الترشح للعهدة الثانية.

وعلى الرغم من الانتقادات الآتية "من القريب والبعيد"، يواصل بن ڤرينة إثارة الجدل حوله مقابل التزام شركائه في حملة تبون بالسير على "خطوط هادئة"، وتكون مديرية الحملة برئاسة إبراهيم مراد قد تفطنت للملاحظات المرفوعة إليها من طرف مندوبياتها الولائية لتعديل خط السير بدعوة الشركاء إلى تكثيف الأنشطة الجوارية والتحاور مع الجماهير، والتقليل من التجمعات داخل القاعات المغلقة التي تظل، في أحسن الأحوال، مقصدا للمناضلين والمتعاطفين معهم.

 

رد فعل المنافسين

 

بالمقابل، ينتظر المراقبون أن يغير المترشحان يوسف أوشيش وعبد العالي حساني شريف من وتيرة حملتهما الانتخابية، بالتطرق إلى الملفات التي يعتبرها المواطنون من الأولويات، والتركيز على نقاط الضعف في برنامج منافسهما الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، المستفيد من دعم عدد من الأحزاب والجمعيات والمنظمات الجماهيرية، إضافة إلى حصيلته التي أعادت الاستقرار والهدوء بعد أزمة كادت تعصف بالجزائر، مثلما يؤكد أنصاره والملتفون حول برنامجه الانتخابي. هذا، ويستفيد حساني شريف وأوشيش من كسر جدار الصمت المشيد منذ أكثر من عقدين من الزمن، والانطلاق نحو التعريف بالأفكار والترويج للخطاب السياسي تحسبا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خاصة المحليات والتشريعيات، حيث سيحتدم التنافس بين الأحزاب، وهذا ما يكون قد تفطنت له قيادات "الأفافاس" و"حمس" و"البناء"، ويراهنون على ذلك.