يولي المترشحون الثلاثة للرئاسيات اهتماما بارزا بالقضايا الإقليمية والدولية، حيث لم تخل خطاباتهم ونشاطاتهم من التأكيد على مواقفهم الثابتة في دعم القضايا العادلة وفي مقدمتها القضيتان الفلسطينية والصحراوية، إلى جانب التركيز على ضرورة إيجاد حلول سلمية لأزمات المنطقة التي تهدد الأمن القومي الوطني.
تجري الانتخابات ضمن سياق معطيات دولية جديدة ناتجة عن العدوان الإسرائيلي على غزة وما خلفه من تحولات في العلاقات الدولية، إضافة إلى التطور الحاصل في دول الجوار، خاصة بالساحل الإفريقي، حيث ازدادت التوترات والتدخلات الأجنبية، وهو ما يؤثر على الخطاب السياسي للمترشحين، حيث يركز جميعهم على إعادة تفعيل آليات التفاوض التي اعتمدتها الجزائر سابقا وحققت نتائج في المنطقة.
وما ينطبق على بلدان الساحل الصحراوي ينسحب على دول الجوار الأخرى، حيث لن تتخلى الجزائر، حسب خطابات المترشحين، عن سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين في إطار المبادئ الأساسية التي تحكم سياستها الخارجية، دون التخلي عن ضرورة انتهاج دبلوماسية هجومية.
وبالعودة إلى البرامج والمواقف المعبر عنها أكد المترشح الحر عبد المجيد تبون، في أول تجمع شعبي نشطه بولاية قسنطينة، أن الجزائر تعمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة، وهي تتعامل مع شركائها الدوليين ولن تتخلى عن التزاماتها مهما كانت الظروف، مجددا التأكيد على وقوفها إلى جانب الشعوب المضطهدة وعدم التخلي عن دعم القضية الفلسطينية، كما تعهد بعدم التخلي عن لبنان.
وقال تبون بلغة صريحة إن الجزائر ستبقى مع فلسطين وبمجرد فتح الحدود سنعمل على بناء 3 مستشفيات في ظرف 20 يوما ونساعد في بناء ما دمره الصهاينة في غزة.
وأردف:" سبق وقلتها، فلسطين ليست قضية الفلسطينيين، هي قضيتنا نحن، ربما البعض ينسى ويقول: هذا التلاحم بين فلسطين والجزائر بلا معنى في ظل الموقع الجغرافي.. لسنا بعيدين، البعد فقط في المسافة لكن القلوب عند بعضها".
وبالإضافة إلى القضية الفلسطينية قال تبون إن الجزائر متمسكة أيضا بدعم قضية الصحراء الغربية، بوصفها هي الأخرى قضية مدرجة ضمن قائمة قضايا تصفية الاستعمار.
إلى جانب القضيتين الفلسطينية والصحراوية يولي الرئيس اهتماما بالغا بالأزمات الإقليمية، خاصة في منطقة الساحل، وذلك تماشيا مع مواقف الجزائر التاريخية التي لطالما سعت للوساطة والدفع نحو حل الأزمات بطريقة دبلوماسية بعيدة عن لغة السلاح، وذلك راجع للدروس المستخلصة من العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر.
بدوره تطرق مرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، خلال تجمعاته ونشاطاته الجوارية، إلى مختلف القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية، مؤكدا أن ثورة التحرير ملهمة للشعب من خلال نصرة القضايا العادلة ومنها قضية فلسطين. والرئاسيات المقبلة محطة هامة ومصيرية في تاريخ الجزائر لوجود مخططات تستهدف استقرار الشعوب العربية وتفكيك الأمة الإسلامية والاستيلاء على الثروات القومية، والجزائر، يقول، تقلق التحالف الصهيوني كونها محطة استهداف من الغرب المتحالف مع الكيان بفرض كل أشكال التركيع ومن ذلك التطبيع.
وأبرز حساني شريف في تصريحاته أن العلاقات مع الدول ستكون مبنية على مبدأ علاقة رابح رابح في حال انتخابه رئيسا للجمهورية، معتبرا أنه "إن كانت هنالك مصالح مشتركة بين بلدين فستكون هنالك علاقات قوية ومتنامية ومتطورة"، لافتا في عدة مناسبات إلى أنه لن تكون هنالك أي علاقات ستنتقص أو تشكل ثقلا دبلوماسيا على الجزائر، مؤكدا في تجمعات وتصريحات جوارية أنه سيذهب إلى تقوية العلاقات مع الدول التي للجزائر مصالح كبرى معها دون تقديم أسماء الدول المعنية، مكتفيا بالقول إن العالم بدأ يتحرر من إرث تاريخي قديم وسيطرة بعض الدول وفرضها منطقها المهيمن على الساحة الدولية، فيما يبدو أنه إشارة إلى فرنسا، على اعتبار أن العالم اليوم يتجه نحو الدول الصاعدة والنامية والمتطورة، والدول التي وضعت لنفسها مكانة في العالم هي التي تحتاج إلى تقوية العلاقات بمنطق "الجميع رابح".
الدبلوماسية الاستباقية
بدوره يتضمن برنامج مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، اعتماد سياسة دبلوماسية هجومية ولعب دور أكبر كوسيط لحل النزاعات الجهوية والإقليمية، مع تقوية ودعم مناطق التأثير الجزائرية في إفريقيا، إضافة إلى العمل على إعادة تقييم علاقات الجزائر مع جميع شركائها على أساس المصلحة الوطنية والمعاملة بالمثل والاحترام المتبادل وتقوية العلاقات مع الشركاء الجدد في إفريقيا، كما ركز أيضا على مواصلة دعم القضية الفلسطينية.
وكان أوشيش قد أكد خلال عرض برنامجه للناخبين في أول يوم للحملة الانتخابية على أن القضية الفلسطينية قضية عادلة وأن موقف الجزائر داعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وعبر عن استنكاره لما وصفها بالجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة بحق الفلسطينيين. كما يتضمن برنامجه دعم المناطق الحرّة الإفريقية من أجل تجارة بينية داخلية بين الأفارقة، مع إعادة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.