وُوري، بعد صلاة عصر نهار اليوم، جثمان أسطورة الملاكمة الجزائرية وصاحب أول ميدالية أولمبية للجزائر، الملاكم الدولي مصطفى موسى الثرى بمقبرة عين البيضاء بوهران، بعد أن وافته المنية في الساعات الأولى من صباح اليوم، عقب ثلاثة أشهر من خضوعه للعلاج المكثف، إثر تعرضه لحادث مرور خطير في ساعة متأخرة من ليلة الثاني عشر من شهر ماي المنصرم، وذلك بحضور جموع من المشيعين من أصدقائه ومحبيه، يتقدمهم ثلة من الملاكمين القدماء على غرار ابن المدينة الملاكم محمد بودشيش.
وقد عاشت وهران والجزائر، يوما حزينا آخر، بفقدان البطل الأولمبي الملاكم مصطفى موسى الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب، محتفظا بلقب البطل الأولمبي الذي جلب أول ميدالية أولمبية للجزائر في رياضة الملاكمة خلال الألعاب الأولمبية الصيفية التي احتضنتها مدينة "لوس أنجليس " بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1984، حيث حقق آنذاك الميدالية البرونزية في منازلة جمعته مع ملاكم أمريكي في الوزن المتوسط، فئة 75 – 81 كلغ.
وبمجرد ورود هذا النبأ الحزين، عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة الأسطورة مصطفى موسى، كما تهاطلت برقيات التعازي على عائلته من مختلف الهيئات العمومية، على غرار رئاسة الجمهورية، ورئيس اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية وزير الشباب والرياضة، ووالي ولاية وهران، ورئيس المجلس الشعبي اللولائي ومختلف المديريات والهيئات. بينما تدفقت جموع كبيرة من المواطنين باتجاه مقر إقامة المرحوم الواقع بمحاذاة محور الدوران الكائن بالقرب من مقر ولاية وهران لتقديم واجب العزاء وتوديع المرحوم.
وقد كان الأسطورة مصطفى موسى قد تعرض لحادث مرور خطير بالقرب من محور دوران الولاية في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا، عندما رطمته سيارة في الموقع، حيث تسبب له الحادث في إصابات خطيرة على مستوى الرأس، ونزيف داخلي، وعدة كسور في أماكن مختلفة من جسمه، الأمر الذي جعل الأطباء الذين عاينوا حالته الصحية فور نقله على جناح السرعة باتجاه مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية التابعة للمركز الاستشفائي الدكتور بن زرجب، يستنجدون بأخصائيي جراحة الأعصاب والمخ، الذين رفضوا إخضاعه لأي تدخل جراحي، نتيجة خطورة الإصابات التي طالت رأسه، مقررين ربطه بآلات التنفس الاصطناعي على مستوى غرفة الإنعاش بفعل دخوله في حالة غيبوبة تامة، وهو الأمر الذي أدى إلى نتائج طيبة في بداية الأمر، حيث أعلن الفريق الطبي بعد أسابيع من المتابعة عن تجاوزه مرحلة الخطر، بعد أن خرج من مرحلة الإنعاش، ليتقرر تحويله باتجاه مصلحة إعادة التأهيل الوظيفي والطب الفيزيائي بذات المركز الاستشفائي بغرض استرجاع وتأهيل وظائف جسمه، غير أن وضعيته تدهورت من جديد واستدعت إعادته لمصلحة الإنعاش، مع نقله قبل أيام باتجاه نفس المصلحة التابعة للمستشفى العسكري أين لفظ أنفاسه الأخيرة.
وقد خلف الملاكم موسى، الذي تولى منصب مدير التنظيم في رياضة الملاكمة خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها وهران الصائفة ما قبل الماضية، بمشاركة قياسية من العديد من دول المنطقة، تاريخا حافلا خلال مسيرته الرياضية، رغم اعتزاله في سن مبكرة، حيث توّج أربع مرات كبطل للجزائر، فضلا عن حصده للمرتبة الأولى في البطولة العالمية العسكرية التي تم تنظيمها في الجزائر سنة 1982 ، والمرتبة الثانية في نفس التظاهرة التي جرت أطوارها في دولة أوغندا في العام الموالي، بالإضافة إلى اعتلاءه منصة التتويج في الألعاب العربية المقامة بمدينة الدار البيضاء المغربية، قبل أن يتوّج كبطل أولمبي يحصد أول ميدالية برونزية في تاريخ الجزائر خلال أولمبياد 1987 " بلوس أونجليس " الأمريكية.
وبالنظر إلى الصعوبات التي واجهها المرحوم وقتها بسبب ضعف التكفل المادي الأنسب بموهبته في رياضة الفن النبيل، قرر الملاكم موسى الذي كان يتقن الضربات القاضية داخل الحلبة، رمي المنشفة والاعتزال بشكل نهائي سنة 1986، وعمرة لم يتعد حينها 24 ربيعا، بالرغم من تلقيه العديد من العروض للاحتراف في بلدان أخرى، إلا أنه قابل كل هذه العروض بالرفض، وفضل البقاء في أرض الوطن.
للإشارة، فقد أبدى سعيد سعيود المسؤول التنفيذي الأول بوهران، استعداد هيئته لنقل الملاكم الدولي مصطفى موسى لاستكمال العلاج في الخارج في حال موافقة الأطباء المكلفين بعلاجه على ذلك، غير أن ذلك لم يتحقق في أرض الواقع، بسبب صعوبة نقل المعني طبقا لأراء الفريق الطبي.