38serv

+ -

معروف بأغانيه الرياضية والتربوية، غنى للجزائر ولأفراحها وإنجازاتها، عاش بها ولم يتركها، عشق وطنه للنخاع، تميّز بأغانيه التي لا تموت بالتقادم، عرف من خلال فرقة "البحارة" التي أسسها سنة 1976 وتركت بصمتها بأغاني رددها الجيل القديم ولازال يؤديها الجيل الجديد، منها أغنية "جيبوها يا لولاد" و"شكرا وألف شكر يا أستاذي" التي حققت نجاحا كبيرا. إنه الفنان صادق جمعاوي، الصادق في مشاعره لوطنه الذي يقدّم له في كل مرة هدية، فكانت هدية الأخيرة أغنية "خاوة خاوة" بمناسبة عيد الاستقلال وسيكون عمله القادم بمناسبة سبعينية الثورة عن بطلات الثورة التحريرية، عمل تكريمي لنساء قدّمن النفس والنفيس في سبيل الوطن. جمعاوي تحدّث في هذا الحوار لـ "الخبر" عن مجمل أعماله ومشاريعه الفنية.

عدت مؤخرا بأغنية جديدة بعنوان "خاوة خاوة"، لماذا هذه الأغنية بالذات وفي هذه الفترة وما رسالتك عبرها؟

هذه الأغنية جاءت في خضم المشاريع التي أشتغل عليها، جاءت بمناسبة عيد الاستقلال والشباب. وأعتبر هذا تصرف تلقائي من مواطن وفنان يحب ويغار على بلده ويعشقه حد النخاع، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يجب أن نذكّر فيها الجيل الجديد بأنه ليس لدينا وطن بديل من غير الجزائر، ورسالتي هي وجوب المحبة والتلاحم والافتخار ببلدنا، ببلد شاسع ونافع، نعيش فيه ونتجول بحرية وهو ما أعتبره نعمة، يجب أن نحافظ عليها، أنا مقتنع بهذا البلد، وما أحس به أريد أن أوصله للشباب والجيل الجديد، وكذلك الأغنية رسالة وردّ على الأبواق المسمومة.

صادق جمعاوي غاب لفترة عن الساحة الفنية لماذا ؟

ليس هناك فنان نشط في الجزائر أكثر من صادق جمعاوي، الأعمال التي قمت بها كثيرة، ولكن الوقت الذي كنا ننشط فيه كانت هناك قناة واحدة، وهي الأرضية، والفنان كان له مكان وظهور. الآن هناك قنوات كثيرة والناس أصبحت تتابع وسائل التواصل التي أصبحت تنافس الفنانين، وأعتبر المنافس الأول للفنان في الجزائر هو الأنترنت، في نفس الوقت يقدّم له خدمة ولكن يمكن أن يدمّره أيضا.

ما هو معروف وشائع، أن الأنترنت أسدت خدمة كبيرة للفنان والإشهار له ولأعماله، فكيف لها أن تدمّره؟

بالعكس، الأنترنت صرف الناس عن الفن والفنانين وأخذهم لأمور أخرى، منها أمور تافهة ممكن الإنسان لم ينتبه لها، الأنترنت أبعد شرائح كبيرة من المجتمع عن الفنانين وعن أعمالهم، في الأنترنت هناك التسلية المفيدة والتوعية والتحسيس، لكن هناك أيضا تسلية سلبية وتافهة.

فرقة البحارة يعود تأسيسها لسنوات السبعينات، كيف هو حالها اليوم، وكيف استطاعت الصمود طيلة هذه السنوات؟

عندما تكون الأم في البيت "شادة وليداتها متخافيش عليهم"، تأسست هذه الفرقة سنة 1976 تجاوزنا العديد من الصعوبات كفرقة، يمكن القول إن نجاحنا كان جماعيا، فقد حققنا التكامل فنيا وأخلاقيا ومهنيا، بقينا ساعات وأيام حتى وقفنا أمام الجمهور لأول مرة بالمسرح الوطني، ومباشرة عن طريق التلفزيون اكتشفنا الجمهور الواسع، ولا تزال الفرقة بحول الله تواصل نشاطها ما دمنا أحياء..

ما هي رسالتك للجيل الجديد؟

حاليا ليس لدينا أغنية جزائرية بل أغاني جزائرية، لدينا أغاني الجهة الغربية "وهران مثلا" تقريبا "الوهارنة" يقصدون الأغنية الوهرانية لمتابعتها، سواء هنا أو في باريس أو سويسرا، كذلك في قسنطينة أصحاب المالوف يقصدون مؤدي هذا النوع الفني، مثلا مؤدي الشعبي نجد أصحاب العاصمة يتابعونه، نحن نتمنى من الباحثين في هذه المجال أن يخلقوا لنا أغنية جزائرية محضة فيها الشعبي والمالوف والغربي والقبايلي، أي أغنية تجمع كل الطبوع وليس أغاني حسب الجهات، يجب أن نوحّد الأغنية الجزائرية لكي يجد الشاوي والقبائلي والغربي والصحراوي نفسه في هذه الأغنية.

بعد "خاوة خاوة" هل يحضّر صادق جمعاوي لعمل جديد؟

حاليا أنا بصدد الاشتغال على أوبرات مصغّرة خاصة بالنساء الثوريات اللواتي أعطين الغالي والنفيس من أجل استقلال الجزائر، اخترت له عنوان "حسناوات المهمات الصعبة"، منهم حسيبة بن بوعلي، جميلة بوحيرد، فضيلة سعدان، مريم بوعتورة وجميلة بوباشا وأخريات، سيكون على شكل أوبرات في 52 دقيقة، هي تربوية تعرّف بتاريخ بطلات الثورة التحريرية، أتممت كتابتها وتلحينها وبقي تسجيلها في الأستوديو، أنتظر إن شاء الله شفاء الفنان القدير عبد النور شلوش الذي سيقوم بدور الراوي، وأنا أقوم بدور المؤدي الرئيسي، وتكون معي ندى الريحان أو نسيمة شمس، أرغب بفنانة لها حضور فوق الخشبة، أتمنى فقط أن يكون عبد النور شلوش معنا في الفرقة.

هذه الأوبرات تتنقّل إلى المسارح، فيها الجانب الجمالي الذي يشبه مسرحية أوبرات يطغى عليها الجانب التربوي والمسرحي، وهو نشاط يدخل في إطار سبعينية اندلاع الثورة المجيدة، لذلك أوجّه نداء لوزارتي المجاهدين ووزارة الثقافة والمؤسسات التي لها علاقة بالأعمال الوطنية لأنها ليست تجارية، لذلك أتمنى أن يكون هناك تمويل لهذا المشروع ليرى النور قريبا، فهو عمل للوطن وإظهار نشاط وتضحيات المرأة إبان الثورة التحريرية من أجل استرجاع السيادة الوطنية ودورها، خاصة وأنها منسية كثيرا وتضحياتها لم تأخذ حقها، المرأة المناضلة والثورية لم تأخذ حق شجاعتها ووقفتها أمام المستعمر والطغاة، ولا بد من إظهار هذه التضحيات خاصة للأطفال الذين يجهل أغلبيتهم هذه الأسماء ودورها خلال فترة الاستعمار الفرنسي. أظن أن هناك تأخر في إعطاء حق المرأة المناضلة، وحان الوقت لنعيد لها بعض من الاعتبار، لذلك جاءت هذه الأوبرات تكريما واعترافا بما قدّمته لهذا الوطن.