الظاهر أن وزارة التربية الوطنية غير مستعجلة لحلّ مشكل مئات آلاف التلاميذ المرهونة مصائرهم بالإضراب الذي اتفقت على شنّه كل النقابات غير الموالية للسلطة. ولم تجد الوزارة حيلة لتمديد هذا الإضراب سوى تأجيل تحرير بيان مشترك أربعة أيام كاملة. وكأن الأمر طبيعي، ويتوجب إهدار أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، لتصدر الوزارة بيانا يوم الأحد القادم. ولا أحد يعرف هل ستضمّنه ما التزمت به أم تصدر كلاما يزيد من لهيب النار.الوزارة تتهم النقابات باستعمال التلاميذ “رهائن”، ثم تتفاوض مع “المختطفين”، لا تقدر حتى على تحرير بيان بسيط يتضمن محاضر ما اتفق عليه بينها وبين النقابات. إن هذا السلوك يعطي انطباعا أن الوزارة هي التي تريد أن يتواصل الإضراب، الذي تجاهلته إلى أن بلغت الأوضاع حدّ التعفن بتهديد التلاميذ بالخروج إلى الشارع للمطالبة بحقهم في التعليم. ويعرف الأولياء أن أبناءهم لم يكونوا بين أياد آمنة طول مدة الإضراب مع ما يحوم حول الابتدائيات والإكماليات والثانويات من تجار للمخدرات ومراودي القاصرات وغيرها من الأخطار. كل ذلك لم يزعج الوزارة بطبيعة الحال. ويظهر أن النظام القائم في الجزائر لم يعد يتقن شيئا أكثر مما يتفنن في “التعفين”. كيف ذلك؟كان بالإمكان إيجاد حل سريع لأزمة غرداية عندما تراشق المراهقون بالحجارة، قبل أن يتحوّل الأمر إلى القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد. ولم يعر أحد من مسيّري البلاد انتباها للاستغاثات الصادرة من هناك وخطورة الأمر، وأنه ليس مجرد “شغب صبيان”، إلا لما ظهرت محاولات استرجاع الأزمة من طرف جهات أجنبية.ما يضر الدولة، عندما تعاقب أحد أعوانها لما يخطئ؟ أم أن هؤلاء الأعوان معصومون من الخطأ مثل الأنبياء. وفي فنون التعفين لم تسمع السلطات المدنية والأمنية في ولاية معسكر استغاثة عمال مصنع الإسمنت شهرا ونصف الشهر، لتسرع بالهراوات أول أمس عندما نشبت “حرب أهلية محلية” في زهانة بين شبان محتجين وعمال ذلك المصنع. وفي زهانة أيضا يتداول الناس كلاما لا يختلف كثيرا عما يتم تداوله في غرداية بين المتخاصمين، وهو كلام خطير. من المسؤول هنا الذي غرق في العفن أم الذي سبب التعفن ورعاه وترك يتضخم؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات