بكالوريا المحبوسين.. تجربة مثالية لإعادة الإدماج

38serv

+ -

تعكس النتائج المسجلة في امتحان نيل شهادة البكالوريا وسط نزلاء المؤسسات العقابية في السنوات الأخيرة، جهود الدولة والأهمية التي توليها لإعادة إدماج المحبوسين عن طريق مختلف برامج التعليم والتكوين، وقد قفزت نسبة النجاح منذ دورة جوان 2022 إلى دورة جوان 2024 من 42.54 بالمائة إلى 63.43 بالمائة، كما يعكس نجاح التجربة الجزائرية في مجال إعادة الإدماج، من خلال إعادة التكوين.

تتيح المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تحت وصاية وزارة العدل، بالتنسيق والتنظيم مع وزارة التربية الوطنية، لنزلاء المؤسسات العقابية ذوي مستوى الثالثة ثانوي باجتياز امتحان شهادة البكالوريا، من خلال فتح أبواب قطاع التربية لنزلاء المؤسسات العقابية بالمشاركة في مختلف الامتحانات، وكذا مباشرة دراستهم على مستوى الأطوار التعليمية الثلاثة والطور الجامعي.

ويشير أحد المحامين التابعين لنقابة المحامين بالوسط، إلى أن قطاع العدالة قدم امتيازات للنزلاء بتسهيل عملية دراستهم بالمؤسسات العقابية تحت إشراف أساتذة من قطاع التربية، حيث تخصص لهم أقسام للدراسة، ويحق لهم التسجيل في الأرضية الرقمية للمشاركة في اجتياز امتحان البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، كما قدم قطاع إدارة السجون امتيازات لهؤلاء، يضيف المصدر ذاته، تمثلت في الاستفادة من إجراءات العفو الرئاسي، وهو ما يعكس رغبة السلطات العمومية في إعادة إدماج هؤلاء المحبوسين في المجتمع، في إطار ما يسمى "إعادة الإدماج".

وعكست النتائج المتحصل عليها في شهادة البكالوريا، هذا العام، وسط نزلاء المؤسسات العقابية، على غرار السنوات الماضية، مجهودات الدولة في إطار إعادة الإدماج، بتسجيل تحسن مستمر وملحوظ في نسبة النجاح. ويصف أحد الأستاذة النتائج المحققة بـ"الجيدة"، والتي تعكس تطورا كبيرا بمؤسسة إدارة السجون وإعادة الإدماج في كل المجالات، بما يعكس مجهودات الدولة التي وصلت إلى مبتغاها، من خلال إتاحة كل الظروف لنزلاء المؤسسات العقابية للنجاح، وذلك بتوفير المنشآت والأساتذة، لافتا إلى أن النتائج المحققة هذه السنة والسنوات الماضية خير دليل على ذلك، فبعض المحبوسين تحصلوا على نتائج عالية جدا، يقول ذات المصدر.

وقد عرف قطاع العدالة على العموم، وإدارة السجون على الخصوص، تحديات كبيرة، تمثلت في العمل على إعادة إدماج المحبوسين في المجتمع، من خلال تحفيزهم على مواصلة الدراسة داخل المؤسسات العقابية، على غرار اجتياز امتحان شهادة البكالوريا والتسجيلات في التكوين والتعليم المهنيين التي جاءت نتائجه حسنة بنسب مئوية مقبولة، على اعتبار أن عددا لا بأس به من النزلاء يتحصلون على شهادات التكوين المهني في مختلف التخصصات، يقول أحد المحامين التابعين لمنظمة المحامين بناحية الوسط.

وتجدر الإشارة إلى أن المحبوسين الذين اجتازوا امتحان شهادة البكالوريا ونجحوا، تقدم لهم إدارة السجون امتيازات تتمثل في السماح لهم بمتابعة دروسهم على المستوى الجامعي بشروط محددة مسبقا، والتي من بينها أن يكون النزيل قد تجاوز ثلثي المدة العقابية.

ويكون قطاع العدالة من خلال إدارة السجون والمديريات التابعة لها المتعلقة بالإدماج، قد خطت خطوات لا بأس بها في إعادة إدماج المحبوسين، باعتبار أن "السياسة العقابية تبقى لا تأتي أكلها ما لم تعزز بآليات إعادة الإدماج، والتي من بين أهمها مواصلة الدراسة والتكوين المهني"، وهو ما جسدته الجزائر.

 

قاعات دراسة تحت إشراف أساتذة من قطاع التربية لتدريس النزلاء

 

يتلقى نزلاء المؤسسات العقابية الحاصلين على المستوى النهائي والمسجلين لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا دروسهم حسب التخصص المدروس على يد أساتذة من قطاع التربية، بالإضافة إلى أساتذة نزلاء بالمؤسسة العقابية يقضون مدة محكوميتهم، وتستفيد الدولة منهم في تدريس التلاميذ النزلاء، ويتم ذلك وفق برنامج زمني تحدده الإدارة.

ويجتاز نزلاء المؤسسات العقابية امتحان شهادة البكالوريا داخل المؤسسة، وهم مسجلون ضمن قوائم المترشحين لاجتياز امتحان هذه الشهادة بمديرية التربية، وتخضع الحراسة أيام الامتحان لنفس القوانين والإجراءات المعمول بها في حراسة البكالوريا في المؤسسات التابعة لقطاع التربية.

ويستفيد النزلاء الذين اجتازوا امتحان شهادة نهاية التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا بنجاح، أو شهادة مهنية في التكوين والتعليم المهنيين من العفو الرئاسي، كما تتم مرافقة النزيل الذي يستفيد من العفو الرئاسي أو قضى مدة محكوميته من طرف مديرية إعادة إدماج المحبوسين المتواجدة على مستوى إقليم التراب الوطني، حيث يودع ملف يتم بموجبه إعادة إدماجه عن طريق البحث له عن عمل.

 

-تحسن النتائج يعكس مجهودات الدولة في مجال إعادة الإدماج

 

تشهد نسبة النجاح الوطنية لنزلاء المؤسسات العقابية في شهادة البكالوريا تحسنا مستمرا من سنة إلى أخرى، يعكس اهتمام الدولة ومجهوداتها في مجال إعادة الإدماج الاجتماعي.

وبلغت نسبة النجاح الوطنية لنزلاء المؤسسات العقابية في شهادة البكالوريا هذا العام، 63.43 بالمائة. وأوضحت وزارة العدل أن 3477 نزيلا، من بينهم 90 امرأة، نجحوا في نيل شهادة البكالوريا لحساب دورة 2024، وهذا من بين 5482 مترشحا. وأحسن معدل سجل كان 18.39، وذلك على مستوى مؤسسة إعادة التأهيل بابار في خنشلة.وبالمناسبة، نوهت الوزارة بـ"النتائج المحققة، والتي تعكس مجهودات الدولة في مجال إعادة الإدماج الاجتماعي"، وفقا لذات المصدر.

وسجلت دورة جوان 2023 نسبة نجاح في البكالوريا وسط نزلاءالمؤسساتالعقابية قدرت بـ44.53 بالمائة، حيث تم تسجيل 5082 محبوسا ممتحنا، منهم 135 نساء، موزعين على مستوى 48 مؤسسة عقابية معتمدة من طرف وزارة التربية كمراكز للامتحانات الرسمية.

وبلغ مجموع الناجحين 2263 بنسبة نجاح تقدر بـ44.53 بالمائة، كما سجل ارتفاع في عدد الناجحين بـ87 ناجحا مقارنة بدورة 2022، فيما تم تسجيل أحسن معدل لفئة الرجال (18.56) بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالقليعة، وتسجيل أحسن معدل لفئة النساء (16.63) بمؤسسة إعادة التربية قالمة.

وكانت نسبة النجاح الوطنية لنزلاء المؤسسات العقابية في شهادة البكالوريا لدورة جوان 2022 قد قدرت بـ42.54 بالمائة، منهم 2101 ناجح من فئة الرجال، و75 ناجحة من فئة النساء بنسبة 59.06 بالمائة. وتم تسجيل 5111 محبوسا ممتحنا في تلك الدورة، بزيادة تفوق 17.65 بالمائة مقارنة بدورة جوان 2021، وقد سجل ارتفاع في عدد الناجحين بـ193 مقارنة بدورة 2021، كما تم تسجيل محبوس نال الشهادة بتقدير امتياز و9 محبوسين بتقدير جيد جدا و83 محبوسا بتقدير جيد.